ممثلات سودانيات
في القلب والعقل
نعمات
حماد
بقلم : بدرالدين حسن علي
بدأت علاقتها بالمسرح منذ المرحلة الأولية عندما مثلت في المدرسة دور بنت فقيرة متسولة ، وكان مما أثار دهشتها وهي بعد طفلة صغيرة هو انفعال الحضور بالدور الذي قامت به، وتعاطفهم معها، ولعل هذا من الأسباب التي جعلت سطوة المسرح وجماليته لا تبارحها حتى الآن، وقد يكون هذا ما جعلها تواصل علاقتها بالمسرح حتى التقت بالراحل المقيم الفاضل سعيد لتكون تجربتها الأولى في المسرح. وبما أنه مسرح له معايير ومواصفات معه هو بالذات وهذا شرف لها ، فالفاضل سعيد مدرسة في المسرح جذرها في باطن الأرض وفروعها على امتداد جهات السودان المتنوعة .
كانت مشاركتها الأولى
مع الفاضل سعيد في مسرح المولد في الخرطوم وبعدها تنقلت معه بين الميادين العامة
والمدارس ثم بعدها سافرت معه إلى عدد من مدن السودان المختلفة، فالفاضل سعيد كان
ولا يزال يؤمن بأن المسرح متنفسه الحقيقي هو الناس لذلك لم يكن يركن لمسرح
الدولة ومواسمه.. في ذلك الزمن لم تكن الرحلات
تكتمل إلا بمصاحبة عدد من
المطربين ،فقد سافرت مع الفاضل سعيد
وكان معهم من المطربين صلاح محمد عيسى، ومنى الخير.
في المسرح لا تنسى أبداً عملها مع الأستاذ عثمان حميدة (تور الجر) فقد سافرت معه في الستينات داخل السودان وكان معهم في هذه الرحلة إبراهيم الكاشف وزكي عبد الكريم وبابكر ود السافل ونخبة من الإعلاميين ورجال الأعمال وقد انتهت هذه الرحلة بعد طواف زاد عن العام في ألمانيا، وهنا أ قدمت في مدينة هامبورغ على طريقة التمثيل الصامت كيفية زراعة القطن وجنيه، وما يستتبع هذه الممارسة من طقس احتفالي وقد ساعدها في هذا العرض الفنان الأمريكي دكتور دينس |
|
من بين الأشياء المهمة في حياتها شغفها بالعلم وحب القراءة وتوقها إلى المعرفة والإطلاع ، فسارعت بالالتحاق بمعهد الموسيقى والمسرح (كلية الموسيقى والدراما حالياً) حيث زاملتها في المعهد، تخرجت فيه وعملت مساعد أمين شعبة الفنون، ومشرفة على نشاطها الإداري والفني وبعدها هاجرت إلى انجلترا في العام 1977م للمعرفة والاحتكاك بالتجارب العالمية، وكانت الفرصة العظيمة حين كان لها شرف العمل في مسرح (الشيرمان) سبقنها إليه الكاتب والمسرحي السوداني د.عثمان النصيري ومن حسن حظها أن نفس الأستاذ الذي قدم الكاتب النيجيري وول شوينكا وهو المستر اكوارش هو الذي قام بتدريسها لمدة عامين نالت فيها درجة فوق الجامعية ،كذلك كتبت في انجلترا نصاً باللغة الإنجليزية بعنوان (الزرافة الراقصة) وقامت باخراجه ، فكتبت صحف مدينة كاردف قائلة:(لقد أخضعت نعمات حماد المسرح لمعاني الحرية والديمقراطية) . بعدها عملت كمساعد مخرج في كثير من الأعمال التلفزيونية الإنجليزية تحت اشراف شركة الشاشة المضيئة ومقرها في شبرد "أستوديو في ضواحي لندن ،" ثم أنجزت فيلم الختان نصاً ورؤية إخراجية أخضعت ووظفت فيه الفن التشكيلي وأعمال الفنان التشكيلي عادل كبيدة لتضمين الفكرة و كان لها أيضاً شرف العمل مع فنانين عالميين في برنامج ديزمون الدرامي على القناة الرابعة في بريطانيا ثم محررة في القسم العربي مع الأستاذ رشاد رمضان فى الـ بي بي سي ، ثم لقاءات تاريخية مهمة مع شخصيات بريطانية وثيقة الصلة بالسودان مثل السير دوقلاس ب. أيضاً عملت بصحيفة الشرق الأوسط والعرب الدولية كما أنني قد أنتجت عدداً من الأفلام القصيرة هناك اركر الرجل الذي حمل وثيقة استقلال السودان من ملكة بريطانيا عن ذكرياته وتجربته في السودان . وعملت بصحيفة الشرق الأوسط والعرب الدولية وأنتجت عدداً من الأفلام القصيرة هناك . |
|
![]() |
طول هذه الهجرة الممتدة من 77-2004م عادت إلى السودان أكثر من مرة الأولى كانت عام 86 وقضت فيه عاماً ثم عادت مرة أخرى عام 92 وعام 2003م وفي كل مرة كانت تحاول أن تقدم شيئاً وبالفعل أنجزت مسرحية زيارة لفريق تحت و قدمت للتلفزيون القومى عدداً من اللقاءات مع شخصيات سودانية وأجنبية مهمة .
وكانت أول امرأة تسمع كلمة آكشن باللهجة السودانية. ومثلت في البرنامج الدرامي أسرة الشيخ أحمد مع حسن عبد المجيد وأحمد عاطف وعوض صديق والسر قدور كما شاركت في مسابقات رمضان التي كانت تبث على الهواء مباشرة إلا أن أعظم ما قدمته كان تمثيلية الرقابة التي أخرجها الشفيع الضوء وقد مسحت وسجل مكانها مباراة لكرة القدم ، كذلك قدمت مع الفنان مكي سنادة والمخرج أحمد عاطف أصبع القرد وهي من الأدب العالمي
في عام 1967 كان عليَّها أن تفعل كما تفعل كل فتاة خاصة في ذلك الزمان فتزوجت من الفنان المعروف الطيب عبد الله وعاشت زواجا سعيداً أنجبت فيه طارق الذي هو الآن الدكتور طارق المقيم حالياً في بريطانيا، وهو بالمناسبة عازف عود ماهر وعاشق للأدب العربي. وكذلك أنجبت ا الدكتورة الهام المتخصصة في البكتريا والمقيمة أيضاً حالياً في بريطانيا، وهى بالمناسبة ناقدة سينمائية وقد تلقت دراسات متقدمة في هذا الحقل.. لقد كان زواجاً سعيداً ولكنه توقف أو بالأحرى توصلا إلى الطلاق لأسباب كثيرة بعضها خاص وبعضها عام، وقد دفعت ثمناً باهظاً جراء هذا الطلاق ، فبحكم أنهما زوجان مشهوران كانا مرتعا للكثير من الشائعات والأساطير التي ألصقت بكليهما ، وعلى ما أظن أنها تزوجت أحد من قبة سليم من السكوت اسمه أحمد الطيب .
كانت نعمات في غاية السعادة وفي غاية الحظ عندما قدمت
مسرحية الدب لأنطون تشيكوف وهي إحدى روائع المسرح الروسي كما هو معروف ، و في السينما قدمت فيلم عرس الزين من خلال
شخصيتى سعدية و أم نعمة ، كما شاركت في
فيلم ايد على ايد وهو من انتاج مصلحة التعاون ومثلت فيه مع الاساتذة السر قدور
وعثمان حميدة وحسن عطية وآخرون.. أيضاً شاركت في ما يشبه الفديو كليب الآن وذلك
من خلال أغنية اوعديني للفنان الكبير عثمان حسين وقد كان المنظر ..(أسرة تستمع
إلى الأغنية في منزلها ، ومسرحية ست شخصيات تبحث عن مؤلف للكاتب المسرحي
الإيطالي لويجي بيرانديللو لبرانديللو
ومثلت فيها في الجامعة وفي المعهد وفي لندن
دول كثيرة عربية وأوروبية وكذلك أمريكا كرمت نعمات حماد ولكها كانت دائماً تنتظر أن يكرمها السودان لذلك كانت دائماً حزينة على الرغم من أن التكريم في حد ذاته مفرح ولكنه بالقطع لن يكون جميلاً بما يكفي، وخوفي أن يحدث لها ما حدث للممثلة الرائعة فايزة عمسيب !!! |
![]() |
للتاريخ يجب أن أوثق عندم أتت نعمات إلى المسرح قبل مواسم الراحل المقيم الفكي عبد الرحمن وجدت ممثلة اسمها شامة قرشي وممثلة أخرى اسمها زينب علي وأخريات لم يكتب لهن جميعاً الاستمرار .. وأذكر بهذه المناسبة حامد التاج و "ود البلد"" " والتي كانت عبارة عن مسرحيات قصيرة من فصل واحد كانت تقوم بتمثيلها في ذلك الوقت إلى أن جاء الأستاذ الفكي عبد الرحمن، وأحدث تغييرات أساسية غيرت من مسار المسرح كمبنى جهز أصلاً لاستقبال المطربين والفرق الزائرة لأن السودان في ذلك الوقت كانت تربطه صداقات مع شعوب كثيرة، وشهد هذا المبنى الكثير من فنون الاستعراض والسيرك وحتى التزحلق على الجليد من مختلف الشعوب. في المسرح القومي وبعد سياسات الفكى عبد الرحمن وبداية المواسم المسرحية شاركت في مسرحيات (الزوبعة، حصان البياحة، تاجوج، الشماشة، سقوط بارليف، بامسيكا، وأبو فانوس) وكتبت وأخرجت مسرحية " لعنة المحلق" ثم مسرحية (المطر والحصاد) ومسرحية (زيارة لفريق تحت) التي قدمتها على مسرح قصر الشباب والأطفال مع مجموعة نادي المسرح السوداني ثم مسرحية (عروس حسب الظروف) التي سودنتها. من التجارب التي لن تنساها أبداً على صعيد تجربتها المسرحية هو تحالفها وتضامنها مع الجيل الجديد من المسرحيين. في ذلك الوقت وبدقة أكثر مع بعضهم ، فقد قدمت مع أولئك النفر الذين آمنوا بضرورة التجديد في المسرح أمثال الفنانين إبراهيم محمد الحسن، والفاتح مطيع، ومحمد عبد الرحيم قرني في سبعينات القرن الماضي وعلى مسرح شباب أم درمان، ولأن المسرح القومي حينها كان يقع تحت سيطرة مجموعة أو مجموعات بعينها ، فكرت واولئك النفر في الانتقال بعروضهم إلى أماكن مفتوحة لا يريدون عائداً سوى عرض تجاربنهم الجديدة وعرض أفكارهم وأسئلتهم ا التي تلح عليهم دائماً، كما كان يفعل يوربيدس وغيره من الكتاب الإغريق منذ آلاف السنين ، فكان في أم درمان مسرحية "السبت أخدر " لإبراهيم محمد الحسن ومسرحية (حب على الطريقة السودانية) للفاتح مطيع ، ثم انطلقوا بعدها إلى ميدان أبو جنزير في الخرطوم واشترك معهم ا مشجعاً ومساهما ً الفنان التشكيلي حيدر إدريس ثم قدموا مسرحية (ماتي وتابعة قفة) وكانت معهم ا الفنانة منى عبد الرحيم والمخرج سعد يوسف. وهذه التجربة أضافت للمسرح السوداني الكثير ، فقد كسرت هيمنة النص الصفوي كما كسرت سلطة المكان الواحد واشتملت أيضاً على اهتمام كبير بالمواهب الواعدة كما جعلت من المسرح منتجاً متاحا ً للجميع لذلك لم يكن مستغربا أن يشجعها ويساندها ويقف معها ناقداً وأكاديمياً فذاً مثل الدكتور عبد الرحمن الخانجي أستاذ الأدب المقارن. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق