السينما البعبع المخيف
أزمة المغرب وفيلم الزين اللي فيك
بقلم : بدرالدين حسن علي
يبدو أن مقولة السينما بعبع مخيف صحيحة تماما ، إذا ما تابعنا يدقة ما يحدث في المغرب
فقد قدم العرض الما قبل الأول لفيلم "الزين اللي فيك" في باريس، والذي أثار الكثير من الجدل ومنع من العرض في القاعات المغربية. العرض حضره العديد من المغاربة الذين أعربوا عن دعمهم لهذا العمل السينمائي.
وكانت السلطات المغربية قد حظرت فيلم "الزين اللي فيك" لأنه "يسيء لصورة المرأة المغربية"
وأعلنت وزارة الاتصال في المغرب، أنها لن تسمح بالترخيص لعرض فيلم "الزين اللي فيك" الذي أثار جدلا واسعا، واعتبرت السلطات المغربية أن الفيلم "يتضمن إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية ومسا صريحا بصورة المغرب".
وهكذا قررت السلطات المغربية منع عرض فيلم "الزين اللي فيك" المثير للجدل مرجعة ذلك إلي "ما يتضمنه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية ومس صريح بصورة المغرب."
وقالت وزارة الاتصال في بيان مساء الاثنين إن "السلطات المغربية المختصة قررت عدم السماح بالترخيص لعرض الفيلم."
والفيلم من إخراج نبيل عيوش المعروف بتناوله مواضيع اجتماعية جريئة كتطرقه إلى ظاهرة أطفال الشوارع في فيلم سابق.
وشارك عيوش بالفيلم في أسبوع المخرجين في مهرجان كان السينمائي.
وطلب عيوش من الجمهور المغربي عدم التسرع في الحكم على الفيلم من خلال لقطات مسربة وقال إنه "خال من المشاهد الإباحية.. بل يتضمن مشاهد صادقة وجريئة."
الفيلم أثار موجة من الاستنكار وسط المحافظين والإسلاميين وكذلك في أوساط نقاد وممثلين وفنانين في حين اعتبر بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عيوش مخرجا "جريئا.. يعري الواقع المسكوت عنه في المغرب."
من جهته جمع الصحافي المغربي هشام حذيفة شهادات في كتاب "ظهر المرأة، ظهر البهيمة: منسيات المغرب العميق" تكشف جانبا من معاناة نساء مغربيات من استغلال وإذلال، وهو كتاب عبارة عن تحقيقات ميدانية إستغرقت سنة ونصف السنة من العمل الصحفي التوثيقي وقال حذيفة حول الهدف من إصدار هذا العمل، إنه يهدف "لتعرية الواقع" لدفع المسؤولين "لأن يعيدوا للمرأة المغربية بعضا من كرامتها المهدورة".
المرأة القروية
إن الثقافة السائدة في قرى الأطلس النائية والمناطق المعزولة والمزارع التي زارها الكاتب، تعتبر الفتاة التي لم تتزوج قبل سن 18 "بائرة" وعالة على العائلة والمجتمع فيما بعد. ويجري ترسيخ هذه الثقافة من خلال تزويج قاصرات في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من العمر.
وبحسب أرقام منظمات المجتمع المدني والأرقام الرسمية، فقد ارتفع عدد عقود زواج القاصرات من 18 ألفا سنة 2004، إلى أكثر من 35 ألف حالة في 2013 بزيادة بلغت 91%. ، وأنا أعرف حالات كثيرة لزواج سودانيين من مغربيات ، بل وبعض أولئك الأزواج أصدقاء لي ويشيدون كثيرا بالمرأة المغربية
أشار الكاتب أيضا إلى إتمام زيجات دون عقود، وبمجرد قراءة الفاتحة، كما يحصل في أعالي جبال أطلس، وتكون نتيجة هذا الزواج الحرمان من الحقوق.
استغلال جنسي
حكى لي أحدهم عندما كنا في الكويت قبل الغزو العراقي لها عام 1990 أنه في فدينة "بركان" الواقعة شرق المغرب حيث تنتشر أكبر مزارع البرتقال في المملكة، تعرض نساء عاملات في الحقول لاستغلال جنسي واقتصادي على حد سواء.
ويرجع الكاتب الصحفي السبب في هذه الانتهاكات إلى مجموعة من العوامل المجتمعة، منها الثغرات القانونية، والأمية، والفقر الذي يدفع العائلات لتزويج بناتهن مقابل مبالغ مالية تراوح بين 1800 يورو و5600، كما في "قلعة السراغنة" قرب مراكش حيث ثلاث نساء من أصل أربع يجهلن القراءة والكتابة.
أما في المدينة، فيذكر الكاتب قصصا تختلف في طبيعتها عن تلك المسجلة في القرى، مثل قصة شابة في السابعة عشرة من عمرها تعمل ساقية خمر في الدار البيضاء.
وتعيل هذه الشابة طفلها البالغ عامين، وتضطر في سبيل ذلك إلى شرب ما يقارب عشرين قدحا من الجعة يوميا مع زبائن الحانة لتشجيعهم على الشرب، على أن تتقاضى عن ذلك بعض المال الإضافي على راتبها القليل.
القمع السياسي والمرأة المغربية
لم يوفر الكاتب القمع السياسي الذي استهدف المرأة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، واستقى شهادة امرأة من قرية "قصر السونتات" تعرضت للتعذيب والاغتصاب، وما زالت إلى اليوم تجهل موقع دفن والدها الذي اعتقل وقتل ودفن دون جنازة.
نساء ضحايا نظام الكفالة
اختتم الكاتب فصول كتابه بفصل عن النساء المغربيات ضحايا نظام الكفالة في دول الخليج، إذ تحتجز جوازات السفر الخاصة بهن، فتقيد حركتهم بإرادة مستخدميهن.
وأدرج الكاتب شهادة من شابة تقول إنها نجت من شبكة للاتجار بالبشر في دبي، تعد الشابات بالعمل في مجال التجميل أو الفنون، وينتهي بهن الأمر في الدعارة.
تعرية الواقع لدفع المسؤولين للتحرك
قال هشام حذيفة "هذا الكتاب يكشف الواقع ويعريه"، أملا في أن يساهم في دفع المسؤولين "لأن يعيدوا للمرأة المغربية بعضا من كرامتها المهدورة".
وقال الكاتب إنه يضع الشهادات التي ضمها كتابه تحت تصرف المنظمات الحقوقية المناصرة لقضايا المرأة.
ويشهد المغرب نقاشات متواصلة حول مواضيع حقوق المرأة، منها الجدل القائم حول زواج القاصرات الذي ازداد بقوة خلال السنوات العشر الماضية مع أكثر من 30 ألف حالة سنويا.
وبحسب أرقام المفوضية العليا للتخطيط، فإن حوالى مغربية من أصل اثنتين (45,7%) أمية وحوالى امرأتين من أصل ثلاث (62,8%) تتعرض للعنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق