الاثنين، 30 يناير 2017


                         فركة ما بين الرواية والسينما
بقلم : بدرالدين حسن علي
هذا المقال حتمته ظروفي الصحية وملازمتي لمجموعة أصدقائي من المستشفيات  ومرضى السكري والضغط والسرطانات "كتر خيركندا وجميع العاملين  والأطباء والسسترات" ووحدتي القاسية  ، وأدعو بالشفاء لمرضانا ، ومن الأمور المؤلمة  أن لا تجد شيئا مفيدا لتقرأه فتعيد كتابة ما قرأته .
فركة رواية من تأليف طه الخليفة جعفر، فازت بجائزة الروائي المبدع الطيب صالح مناصفة مع
 الروائي "هشام آدم " بالمناسبة روائي مبدع قرأت بعض رواياته في النت -غذاء الفقراء -فأعجبتني "
قصة تعرفي على طه تصلح أن تكون إحدى قصص ألف ليلة وليلة ، ففي أمسية من أماسي تأبين الراحل زيدان ابراهيم تعرفت على زوجته الرائعة خفيفة الدم إلهام عبدالخالق البكري التي ساهمت بغناء غير عادي هي والفنان هيبة والفرقة الموسيقية في تورنتو وتضم موسيقيين ومطربين   فطاحلة ولا أريد أن أغرد خارج السرب فأذكر الأسماء .
بعدها حضرت أمسية ثقافية تحدث فيها طه عن روايته فركة وبحضور لفيف من االمثقفين السودانيين ، كانت رواية فركة قد ضلت طريقها إلي فغامرت بحضور الأمسية ، كما طالعت مقالات البعض عن الرواية .
عندما أعطاني طه الخليفة روايته " فركة " ظلت معي عدة شهور ، وقرأتها عدة مرات ، أكثر من قراءتي ل " موسم الهجرة إلى
 الشمال " وقد تسببت في دعوة أصدقائي لقراءتها وإعادتها على غير عادتي ، لكن أهم ما فعلته
فركة أنني "  فركت " عيني جيدا كي أتمكن من قراءتها ، فقرأت المزيد من الروايات من محتلف دول العالم .
لم أكن أعرف طه فزرته ـ كريما مهذبا مثقفا هادئا -"كفاية والا
 أزيد ؟ "وخرجت من عنده أتأبط الرواية وونسة ظريفة مع تاجو ومحجوب وعشاء دسم من صنع إلهام
 وسوسن  ،
كثفت مطالعتي لمقالاته وقصصه ،عيناك متعبتان ، هنادى ، إمراة لا تعرف الخوف ، الكضب ملح الأرض ونظرات حزينة ، يكتب بحس درامي جيد ذكرني بعمالقة الكتاب المسرحيين ووجدته هو وزوجته من أروع الشيوعيين ، طه ملتزم بالفكر الماركسي ،مدافعا صلبا ،ومن الواضح أنه قرأ كثيرا عن الماركسية ، لكني أتعامل مع الكتاب والفنانين المؤدلجين بحذر شديد وخجل ثوري ،
وقبل أن أبدأ في الحديث عن فركة أرى من الواجب في البداية طرح السؤال :ما هو مفهوم الرواية ؟
تعد الرواية من أهم الأجناس الأدبية التي حاولت تصوير الذات والواقع وتشخيص ذاتها إما بطريقة مباشرة وإما بطريقة غير مباشرة قائمة على التماثل والانعكاس غير الآلي، كما أنها استوعبت جميع الخطابات واللغات والأساليب والمنظورات والأنواع والأجناس الأدبية والفنية الصغرى والكبرى إلى أن صارت الرواية جنسا أدبيا منفتحا وغير مكتمل وقابلا لاستيعاب كل المواضيع و الأشكال والأبنية الجمالية .

قرأت رواية " فركة " للروائي طه الخليفة كما قلت عدة مرات  وتأخر مقالي هذا لظروف صحية ، بعد قراءة الرواية خرجت بنتيجة هامة جدا : حين تقرأ لطه أو حين يكتب طه يتملكك شعور فوري بأن طه مبدع سوداني رائع وملم جيدا بالتاريخ السوداني خاصة ما يسمونه " المسكوت عنه " ولكن بافق
 ملتزم ، أحسده على غزارة معلوماته ، وطالما بيننا أمثال طه فلا خوف على الرواية ولا على الأدب السوداني -أكان - مسرح أو
 سينما  ، فطه يعرف وبحسه الإبداعي المتواضع كيف تصل الكلمة إلى أقصى مداها من دون أن تفقد قدرتها على الإثارة وتعرية " المسكوت عنه " ، بل أن طه يدرك أن كل حرف له دلالته ،  طه بإختصار شديد إضافة حقيقية للإبداع السوداني وأتنبأ له بمستقبل مشرف جدا في عالم القصة والرواية والأدب بشكل عام ، كما أنه على خلق عظيم ورقي في الأسلوب والشفافية

تعجبني الأعمال الأدبية والمسرحيات والأفلام السينمائية و الروايات ذات الكلمة الواحدة ، لأنها تعني لي أشياء كثيرة ، من ضمنها عدم الثرثرة التي تشبه أصوات البراميل الفارغة ، ولذا أحببت " فركة " .



ولأني أتوقع أن تحدث الرواية في الزمن القريب صيحة داوية في المدرسة الروائية السودانية كتلك التي أحدثها الطيب صالح  .

فركة الرواية
تصور الرواية رحلة الشابة الجميلة الرائعة " فركة " المختطفة من كاسي في الغرب السوداني المتنوع إلى شندي في الشمال حيث كل أشكال البهرج المترف في زمن ما ، وهنا أود التنبيه إلى أهمية التاريخ والصراع الأبدي ضد الرق والإقطاع وحب التملك ، وبالقطع هيمنة اللون غير الأسود " مع إنو كلو سواد في سواد كما يحلو لصديقي حاتم أن يقول "  ، والذي قد يكون هو الإستعمار في لباس آخر لا يلقى منا سوى الإستخفاف و الإزدراء والتحقير .
طه لم يقدم لنا درسا عن الرق ، ولكنه قدم لنا رواية أو لنقل قطعة أدبية عن الرق ، فلا تملك وبكامل وعيك إلا أن تتعاطف مع " فركة " بل تدافع عن شرفها وتمسكها بقيم الحق ، لأن " فركة " في النهاية إنسانة تستحق الوقوف إلى جانبها ، وأحب التنبيه أن " فركة " لا علاقة لها " بالقرمصيص" .
لا أريد أن أفسد متعة قراءة رواية " فركة " وقراءة الوصف الباهر الذي تميز به طه .

طه عندما حاول معالجة الرق في السودان من خلال روايته " فركة " كان في ذهنه أن يحاول قدر الإمكان كتابة التاريخ غير المكتوب و تقريباً التاريخ الرائج والسائد الآن  مثل قول رئيس جمهوريتنا وهو يصف ناس الحركة الشعبية أنهم
حشرات !، هو حاول أن يكتب تاريخاً موازياً للناس المجهولين وللحياة التي كانت سائدة
آنذاك ، ولهذا السبب نشأ نوع من الصراع ونوع من المعاناة الكبيرة، بحيث أن الناس تعاملوا مع الأحداث  بالكثير من الصدق والنبل ، وحتّى غياب الناس على أساس أنّ عصرهم قد انتهى، لا يعني غياب المشكلة أو غياب الناس نهائياً ، طه أراد تبصير الناس وأن يقول ، إنّ المشكلة فيها وجع وفيها فجيعة وتتطلب انتباه بالضرورة، اعود ثانية لصديقي حاتم فقد طلب منه أحد الجنوبيين أن يعطيه دولارين وكان إعتاد أن يعطيه بعض المال وهما في السودان فقال له : شوف يا دينق نحن هنا في أمريكا بعاملونا  كلنا كعبيد  والكلاب بتهوهو فينا !
صراحة طه له أسلوب أخاذ في الوصف ، إنه أسلوب غبريال غارسيا ماركيز أعظم روائي في أمريكا الجنوبية وفي
العالم
 ، وبالطبع عدد كبير آخر من أروع الروائيين في أميركا اللاتينية وأوربا من أصول إفريقية .
الرواية من 154 صفحة من القطع المتوسط ، بمعنى آخر رواية
قصيرة ، رواية زاخرة بالشخصيات والتفاصيل الصغيرة بلغة مدهشة في الوصف ، تدور أحداثها بين "كاسي" و " شندي " أي بين الغرب والوسط العربي السوداني ، طبعا مع عدم التركيز على الناحية الجغرافية ، طه لم يهتم بنقل الواقع كما هو ، إنما تداعيات ذلك الواقع وما تمخض عنه من مشاهد مأساوية مؤلمة ، ويصعب جدا محاكمة طه فيما فعله وقاله ، لأنه ببساطة كاتب روائي وشاعر أيضا ، قتل الرجل الروائي الرجل الشاعر ، طه ليس أستاذا في التاريخ وباحثا في الآثار وبمقدوره أن يكون كذلك ، لم تعجبني نهاية الرواية ، إذ أرى فيها بعض الإستعجال الذي حول فركة إلى شخصية إنهزامية تعتمد على السحر والكجور خاصة في مشهد عودتها إلى أهلها في كاسي بعد معاناة قاسية في شندي ولا أدري لماذا حشر طه أسطورة " أبو
 لمبة " المعروفة في التراث الشعبي السوداني ؟ ولماذا أهمل مثلا شخصية تيه ود موسى ود شريف ود رحال إبن عم فركة مع إنها كان من الممكن أن تكون شخصية محورية في الرواية .
موضوع الإسترقاق والكتابات الخجولة في التاريخ السوداني البعيد والقريب يدعو للإستغراب رغم أنه واضح وضوح الشمس ، يقترن بعنصرية لا تفوت على الإنسان الذكي ، وابتعد عنها المسرح والشعر كما إبتعدت السينما ، ولذا كان من المؤمل أن لا تبتعد الرواية رغم الجهد الملحوظ ، ولهذا يستحق الجهد والشجاعة التي أبداها طه التقدير والإحترام ، ومهما يكن الأمر فإن رواية فركة مدهشة جدا .

تبقى ملاحظة مهمة جدا ، النقد الأدبي هو فن تفسير الاعمال
 الادبية ، هذا ما درسته وعرفته وأنفقت عليه أموالا طائلة , والأدب سابق للنقد في الظهور ، ولولا وجود الادب لما كان هناك نقد ادبي لان قواعده مستقاة ومستنتجة من دراسة الادب ،ان الناقد ينظر في النصوص الادبية  شعرية كانت او نثرية ثم يأخذ في الكشف عن مواطن الجمال والقبح فيها معللاً مايقولة ومحاولاً ان يثير في نفوسنا الشعور بان ما يقوله صحيح، و هو اقصى ما يطمح الية النقد الادبي ، لانة لن يستطيع ابداً ان يقدم لنا برهاناً علميا
 يقيناً ، ولذا لا يوجد عندنا نقد ادبي صائب واخر خاطئ وانما يوجد نقد ادبي اكثر قدرة على تأويل العمل الفني وتفسيره من غيره ، واختلاف مناهج النقد معناه اختلاف في وجهات
النظر ،والذوق هو المرجع الأول في الحكم على الأدب والفنون لأنه أقرب الموازين والمقاييس الى طبيعتها،ولكن الذوق الجدير بالاعتبار هو الذوق المصقول لذوق الناقد الذي يستطيع أن يكبح جماح هواه الخاص الذي قد يجافي الصواب ، إن المتعة الحقيقية في رواية فركة تكمن في قراءتها وليس التنظير والشرح واستعراض العضلات ولا حتى توزيع المجاملات ، لابد أن يتمتع الناقدبعدة صفات في طليعتها الثقافة والمعرفة والقدرة على التحليل والكشف عن ما بين السطور .
من هذا المنظور فإنني أدعو لقراءة فركة والتعمق في مكوناتها ، والمكسب الحقيقي سواء لطه أو لنا هو القراءة ثم القراءة  المتأنية ، فقط أرجو في الطبعة القادمة للرواية معالجة النهاية بأفق غير إنهزامي ، لأنها مشروع فيلم سينمائي توثيقي ناجح يكمله السيناريو
 المتخصص .








الجمعة، 27 يناير 2017

   الكويت والكلمة المريرة " بدون "
بقلم : بدرالدين حسن علي
عشت في الكويت 12 عاما ، حضرت خلالها بعض قضايا العمالة الآسيوية ضد سودانيين ، وفي ذات مرة من المرات دعاني صديق لحضور محاكمته ، كان القاضي سوداني حكم عليه بغرامة 2000 دينار كويتي أو ما يعادل 6000 دولار أمريكي ، بالطبع  تم تنفيذ الحكم .
قبل عدة أيام طالعت خبرا بإعدام عدد من المجرمبن منسوبا لوكالة الأنباء الكويتية ، ومن ضمن المجرمين  أحد أبناء الأسرة الحاكمة،  وهو ما يقع فيما يسمى بالعدالة الناجزة ، والكويت كما هو معروف بلد خليجي صغير ولكن له دستور وقوانين تحكمه ، ومجلس أمة له الكلمة العليا وحاكم يلتزم بقرارات المجلس ، يعني باختصار ديمقراطية حسب ظروف البلد ، وكمثال فقد جاء وفد حكومي من السلطات السودانية عقب إنقلاب 30 يونيو 1989 مطالبا بترحيل كاتب هذه السطور للسودان لمهاجمته الحكومة السودانية في صحيفة الوطن الكويتية إلا أن السلطات رقضت ذلك باعتبار أنه من سلطات
الصحيفة !!!!!
ولكن القانون الكويتي يتشدد كثيرا فيما يتعلق بأي حديث عن أمير البلاد
وكانت محكمة بداءة في عام 2013 قد أدانت  مسلم البراك  وهو عضو مجلس أمة سابق ومعارض بالإساءة للشيخ صباح الأحمد الصباح، أمير البلاد، في خطاب له ألقاه في عام 2012، ناشد فيه الأمير تجنب "الحكم الاستبدادي".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن قوات الأمن انتشرت خارج مبنى المحكمة في مدينة الكويت، لكن المحاكمة لم تشهد تظاهرات كالتي صاحبت محاكمته في 2013.
وقال مسلم البراك، من جانبه، إنه مستعد لتسليم نفسه إلى قوات الأمن.
وخاض البراك لفترة طويلة خلافا مع السلطات بشأن تعديلات أدخلت على قانون الانتخابات في عام 2012، وهي التعديلات التي  قال عنها البراك ومعارضون آخرون إنها تهدف إلى منعهم من تولي السلطة.
واحتل البراك عناوين الصحف الرئيسية في عام 2012 عندما ألقى خطابه موجهًا حديثه لأمير البلاد: "باسم الأمة، باسم الشعب، لن نسمح لك يا سمو الأمير بممارسة حكم استبدادي."
وتجنبت البلاد احتجاجات حاشدة على غرار الربيع العربي، لكن الكويتيين خرجوا في تظاهرات حاشدة إلى الشوارع في عام 2012، احتجاجا على تعديلات أدخلها الأمير على قانون الانتخابات.
ومع سماح الكويت بمزيد من حرية التعبير مقارنة ببعض دول الخليج، لا تزال كلمة الفصل في شؤون البلاد بيد الأمير.
وأجريت سلسلة من المحاكمات السياسية، وسحبت السلطات الجنسية من بعض الكويتيين خلال العامين الماضيين، وهو الأمر الذي أثار انتقادات دولية وموجات غضب داخلي.


لم أستغرب ولم أندهش  لخبر المحاكمات ، بقدر ما كنت مستغربا ومندهشا للغزو العراقي للكويت عام 1990 .
السودان بلد عربي وإفريقي كبير جدا والعدالة فيه صفر على الشمال والأحوال فيه متردية بشكل غير مسبوق ، ولا مقارنة بين
الدولتين ؟؟؟؟؟ولكني أشفق على سياسات الكويت خاصة فيما يتعلق بسحب الجنسية والكلمة  المريرة " بدون " !!!!!

خان يصبح "مصريا" بعد السبعين". سكاي نيوز عربية. 19-12-2013. اطلع عليه بتاريخ 19-12-2013.
الخامسة عشر لمهرجان دمشق السينمائي

فارس، شمس، نوال، منى، عمر، هند، كاميليا، يوسف، رمزي، تلك هي فقط بعض من نماذج شخصيات قدمها لنا المخرج الكبير محمد خان في أفلامه المتنوعة عبر رحلة بديعة امتدت لما يقرب من أربعين عاما. رحل محمد خان عن عالمنا في هدوء شديد يتناقض تماما مع حالة الصخب والضجة التي امتلأت بها أفلامه. لم يخل فيلم من أفلامه تقريبا من أصوات الناس العالية في شوارع القاهرة أو ضوضاء الأتوبيسات والعربات والتكدس المروري أو الضحكات الصاخبة في البيوت أو الخناقات بين البشر في الحارات والميادين أو زعيق الذين فقدوا عقلهم وأصابتهم لوثة بينما هم يهيمون على وجوههم في متاهة المدينة. بمعنى آخر، تميزت أفلام خان بمصريتها الشديدة في الصور التي نقلها لنا، فلقد تعمق بشكل فريد في تفاصيل الحياة اليومية للمصريين، وخاصة سكان المدن، وبالتحديد مدينتي القاهرة والاسكندرية، على الرغم من ولعه أيضا بالريف والحياة في القرية المصرية كما نرى مثلا في فيلم “خرج ولم يعد" (1984). فكأنما أراد خان أن يصور المدينة كشاهد على الأحداث٬ شاهد ينبض بالحياة، يحس ويوثق بل يتغير مع مرور الزمن.
سينما ذات بُعد عالمي
وعلى مدار رحلته السينمائية، أخرج لنا خان من رحم مصر شخصيات فريدة في مصريتها، وصوّر مواقف ربما لا تحدث إلا في مدينة مصرية، حيث تشهد على ذلك الحوارات في أفلامه، لقطات الشوارع، الضحكات والتعليقات الساخرة، والحياة اليومية للمصريين. وعلى الرغم من هذه الخصوصية لصورة المواطن المصري المعاصر، إلا أن سينما خان تميزت أيضا بإنسانيتها المرهفة مما يجعلها سينما لها بُعد عالمي من حيث القيم والمشاعر التي عبرت عنها وقضايا الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية التي انحازت إليها. فمثلاً من التيمات الأساسية التي تتكرر بوضوح في أفلام خان إساءة الرجل لزوجته وضربه لها وفرض هيمنته الذكورية عليها، حيث نجد هذا التمثيل بتنويعات عديدة في أفلام مثل “طائر على الطريق” (1981)، "موعد على العشاء" (1982)، "الحريف" (1983)، "زوجة رجل مهم" (1988)، "أحلام هند وكاميليا" (1988)،"الغرقانة" (1993)، مما لا يدع مجالاً للشك من أن خان كان مهموماً بشكل هائل بقضايا الجندر والتركيب الاجتماعي والقيمي لمفاهيم الرجولة والأنوثة في المجتمع المصري، بما في ذلك هيمنة الزوج على زوجته وعنفه الجسدي ضدها. ونحن نعلم أن قضايا العنف الأسري تلك ليست مقتصرة على مصر ولكنها موجودة في كل دول العالم شرقاً وغرباً، فهي إذاً قضية عالمية. وبذلك فعندما يسلط خان الضوء عليها بل ويطرح تساؤلات بشأن أسبابها ومدى انتشارها في الأسرة  المصرية، فهو يفعل ذلك من خلال تصوير مشاعر تلك المرأة التي يمكن لأي مُشاهد في الدنيا أن يحس بها ويتعاطف معها بل ربما يحاول أن يجد لهذه المسألة حلاً في محيطه الاجتماعي. فنراه مثلاً يهدي فيلم "موعد على العشاء” إلى “نوال”، وهو اسم البطلة (سعاد حسني)، وكأنه بذلك يعلن مساندته لقضية هذه الـ”نوال” وكل من جاراها في سعيها للتحرر من زوجها المتسلط الذي دمر حياتها فما كان منها إلا أنها تضطر هي أيضاً للقضاء عليه، والبادي أظلم. ربما يكون المشهد (العشاء) الأخير في هذا الفيلم صادماً للمُشاهد ونحن نرى نوال وطليقها (حسين فهمي) يأكلان الطعام الذي طبخته نوال بيديها ثم أضافت السم لـ”طبق المسقعة”، الأكلة المفضلة لذلك الرجل المستبد الذي قتل زوجها (أحمد زكي) وحرمها من الحب الأوحد في حياتها؛ وكأن خان أراد أن يطرح تساؤلاً على المُشاهِدة: ماذا أنتِ بفاعلة إن كنتِ في مكان نوال؟
 وهكذا، وبهذه اللغة السينمائية الواعية، وفي إطار رصده للتحولات الجذرية التي مرت بها مصر من حقبة سبعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، طرح خان في أفلامه قضايا ذات أبعاد سياسية واجتماعية وأخلاقية من عمق المجتمع المصري وحتى آخر أفلامه "قبل زحمة الصيف" في العام الماضي. ومن أجل أن يتقصى ويتتبع التطورات التي تحدث للشخصيات الرئيسية في أفلامه، فنراه يلجأ إلى مفهوم أو مجاز "الرحلة"، بمعنى أننا عادة ما نجد مصير الشخصية يتشكل على مدار زمن القصة وكأن ذلك الرجل أو تلك المرأة في رحلة عبر الزمن بكل ما يمكن أن يحمله لنا الزمان والمكان من مفاجآت أو مواقف أو تحديات. فمثلاً عندما يصل "شاكر" (يحيى الفخراني) في فيلم "عودة مواطن" (1986 إلى مصر بعد غياب ثماني سنوات عمل قضاها في الخليج ثم يُصدم من كم التحولات الهائل الذي ألمّ بالمجتمع المصري جراء سياسات الانفتاح الاقتصادي، وخاصة التغيرات في العلاقة بين الرجل والمرأة وفي النظام القيمي والأخلاقي للأفراد، يقرر الرحيل بعد مروره بتلك "الرحلة" الإنسانية. فلقد عاد شاكر من الخارج لكي يمر بمشوار أعمق انسانياً في بلده مصر وهو بين إخوته وفي بيت العائلة، فهو عندما عاد أحس بأنه غريب في وطنه؛ ومن هنا يواجهنا خان بسؤال وجودي عن رحلة شاكر المرتبكة: هل يرجع من حيث أتى أم يظل في مصر؟ وكأن المخرج ذاته لم يستطع الإجابة عن هذا السؤال الصعب، فنرى شاكر في المشهد الأخير من الفيلم جالساً في حالة من الشرود والصمت في صالة الركاب بمطار القاهرة بعد أن أقلعت الطائرة التي كانت ستقله إلى الخليج بدونه..
أعتقد أن مخرجنا الكبير كان شغوفاً بهذا المعنى العميق والمجازي لماهية الرحلة عبر الزمن للإنسان المصري المعاصر، وما يفعله الوقت بنا، ونوع الاختيارات التي تُفرض علينا مع تغير نمط الحياة الاستهلاكية وتحكم القيم المادية في مصائرنا، وهو الذي له الأثر الأكبر بطبيعة الحال على سلوكنا. وربما قد أثر هذا الشغف الشديد بمشروع الرحلة عند خان على اختياره لعناوين أفلامه والزمن السردي لحكاية الفيلم. فعناوين أفلام مثل “طائر على الطريق”، “خرج ولم يعد”، “عودة مواطن”، “مشوار عمر”، “يوم حار جداً”، تشير إلى علاقة مباشرة مع رحلة زمنية ما، حتى أن خان قد أطلق على نفسه لقب “مخرج على الطريق” وهو عنوان كتابه الصادر مؤخراً عن دار الكتب في ٢٠١٥. وبالتالي فإن مضمون العديد من أفلام خان وبناءها السينمائي جاآ لكي يخدما هذه الفكرة، رحلة الانسان، سواء رجل أم امرأة في مراحل عمرية مختلفة ومن طبقات اجتماعية مختلفة، في الحياة المصرية الحديثة. ومما ميز أسلوب خان أيضاً الموتيفات التي استخدمها لكي تعمق لدى المشاهد رمزية ومغزى الرحلة في حياة الشخصيات. فمثلاً نرى فارس (أحمد زكي)، سائق التاكسي البيجو الأبيض في فيلم “طائر على الطريق”، يسافر من الإسكندرية عدة مرات لكي يوصل الزوجين فريد شوقي وفردوس عبد الحميد إلى العزبة التي يقطنان بها في الإسماعيلية، في رحلة مصيرية تنتهي نهاية مأساوية بعد أن يقع فارس في حب الزوجة ونراها تبادله نفس الشعور بالرغبة والعشق ثم تحمل منه، فينتقم منها الزوج، ويتعرض فارس لحادث في المشهد الأخير ولا نعلم إن كان سيعيش أم لا. فذلك "الطائر على الطريق" قد وقع في غرام امرأة متزوجة عندما أحس بالحرمان من الحب الذي تعاني منه مع زوج فظ متسلط يسيء معاملتها، وهي قد طلبت منه الطلاق ولكنه استمر في إهانتها وإذلالها حتى النهاية. مرة أخرى يجد المشاهد نفسه أمام سؤال صعب من أسئلة خان: ماذا كنت ستفعل إن كنت تمر برحلة الحب هذه؟ استخدم خان في الكثير من أفلامه لعبة “ركوب الطريق” أو “السفر” أو التنقل بالسيارة في الشوارع أو من مدينة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر، بداية بـ “ضربة شمس” ومروراً بـ “الحريف” و”يوسف وزينب” و”خرج ولم يعد” و”مشوار عمر” و”فارس المدينة” و”مستر كاراتيه” و”يوم حار جداً” و”في شقة مصر الجديدة” مما يجعل خان أحد أهم مخرجي أفلام “الطريق” أو road movies في مصر والعالم العربي. ومما يعطي هذه النوعية من الأفلام مغزى خاصاً هو ارتباطها بالواقع المعيش وحداثة الأماكن وأسلوب الحياة. فأفلام خان في معظمها تتعرض لأحداث وشخصيات آنية يمكن أن نتفاعل معها في حياتنا الحاضرة، فخان مثلاً لم يقدم أي أفلام تاريخية (ربما باستثناء فيلم “أيام السادات” إذا اعتبرناه عملاً يتعرض لفترة تاريخية معينة) أو قصص مستوحاة من الأساطير القديمة، حيث أن أفلامه تشير بوضوح إلى أن اهتمامه انصب أساساً على اللحظة الآنية.
الاهتمام بتصوير الطبقة الوسطى
وفي هذا السياق ربما يكون خان قد انحاز كثيراً لدراسة وتشريح الطبقة الوسطى المصرية بشكل خاص، على الرغم من تناوله أيضاً لحياة وأحلام الطبقات الشعبية والعمال والعاملات كما في “الحريف" و“أحلام هند وكاميليا” و”فتاة المصنع”. ولكن أعتقد أن خان كان شغوفاً جداً بتصوير شخصيات من الطبقة الوسطى وتتبع مساراتها في الحياة، مثل الموظفين والشباب الذي تخرج حديثاً ولا يجد عملاً، وأصحاب المشروعات الصغيرة التي تفشل وتنهار، وربات البيوت من الأسر محدودة الدخل، والنساء العاملات في وظائف حكومية، وهي بالتحديد الطبقة التي جار عليها الزمن منذ السبعينات وحتى الآن، وشهدت تدنياً مذهلاً في شتى نواحي الحياة من تعليم إلى صحة إلى بطالة وتشرد، انتهت إلى قيام ثورة للمطالبة أساساً بالكرامة والعدالة الاجتماعية. لقد صور لنا خان في أفلام مثل “ضربة شمس”، “يوسف وزينب”، “خرج ولم يعد”، “عودة مواطن”، “فارس المدينة”، “سوبر ماركت”، “مستر كاراتيه”، “بنات وسط البلد”، و“في شقة مصر الجديدة” نماذج عديدة من الطبقة الوسطى المصرية ومعاناتها المستمرة عبر أربعة عقود من أجل تحقيق حياة كريمة بدون الاضطرار للجوء إلى السرقة أو النصب أو التحايل على القانون. حتى في فيلمه الجميل الأول “البطيخة” (1972) وهو فيلم قصير مدته عشر دقائق، يقدم خان نموذجاً شائعاً جداً لشخصية الموظف الحكومي الذي يذهب للعمل في الصباح وكل ما يشغل باله طوال ساعات العمل المملة هو كيف سيوفر مصاريف المعيشة خلال الشهر عندما يقبض مرتبه. ثم يتذكر أن زوجته وابنته قد طلبتا منه في الصباح أن يشتري بطيخة! يرجع الزوج إلى البيت في آخر النهار بالبطيخة والجرنال كأي موظف مصري تقليدي لطالما التقينا به في الشارع أو شاهدناه في الأفلام، وتصبح هذه البطيخة بمثابة “المكافأة” التي تحصل عليها الأسرة في نهاية يوم صيفي حار، حيث نشاهد أفراد أسرة الموظف في فيلم خان مجتمعين حول طاولة السفرة ويأكلون البطيخة بتلذذ شديد. وهكذا، ومن خلال كل تلك الصور الدقيقة لحياة المصريين وسلوكهم وعاداتهم في الأكل واللبس والعمل والحب والعلاقات، خاض بنا خان في مساحات شاسعة من المشاعر والانهزامات في الكثير من الأحيان عبر رحلة هذه الشخصيات، ولكنه حاول أيضاً أن ينتصر للحب ولمقاومة بعض شخصياته لإغراء المادة والتغلب على الضعف والشر. يقول خان في أحد أحاديثه التلفزيونية أن هناك أسباباً موضوعية تجعل الإنسان شريراً، فنحن لا نولد وفي جيناتنا الشر! وربما كان ذلك من أسباب اهتمام خان بعنصر “الجريمة” في أفلامه، حيث أنه يكاد لا يخلو فيلم في أعماله من جريمة ما، إما قتل أو نصب أو اغتصاب (كما في فيلم “الثأر" مثلاً) أو تهريب أو مخدرات. أعتقد أن خان كان يبحث بدأب وبشكل موضوعي في نفوس شخصياته وفي المجتمع ككل عن الأسباب التي تؤدي إلى ارتكاب جريمة من نوع ما. ومع ذلك، لم تكن أفلام خان في معظمها سوداوية على الإطلاق ولم تظهر شخصياته كئيبة وبائسة، فعلى العكس تماماً كان هناك دائماً شعاع من الضوء، أمل ما، تتمسك به الشخصية في محاولة لتحقيق الحلم بحياة حلوة مع الحبيب أو الصديق أو الأبناء، فالحياة في نهاية المطاف ليست نكداً خالصاً، والمصريون بالذات يتميزون بالفكاهة والضحك حتى في أحلك الظروف! وربما من أجل تحقيق هذا التوازن بين قسوة الواقع وجمال الحلم، لعبت الموتيفات الموسيقية دوراً بارزاً في أفلام خان، فنراه كثيراً ما يهدي الفيلم لذكرى أحد المطربين أو لزمن فنان أو فنانة، فقد أهدى فيلم “زوجة رجل مهم” لزمن عبد الحليم حافظ، وفيلم “فارس المدينة” إلى "أصالة وصوت أم كلثوم"، وفيلم “في شقة مصر الجديدة” لليلى مراد “صوت الحب لكل الأجيال”، وفيلم "فتاة المصنع” لذكرى سعاد حسني. كما نتابع في فيلم “سوبر ماركت” عشق شخصية رمزي (ممدوح عبد العليم) لموسيقى بيتهوفن ويصبح عزفه على البيانو بمثابة محاولة للتمرد على الماديات التي سيطرت تماماً على حياة البشر. لقد كانت الموسيقى أداة طورها خان سينمائياً من أجل ترسيخ حبه للحياة والأمل والحلم.
بالتأكيد كانت أفلام خان سياسية في انحيازاتها وتوجهاتها، حيث أننا نرى شخصياته تعيش في ظل أنظمة يعتريها الفساد والقهر، وهي سواء في مقاومتها أو ترسيخها لهذه العلاقات الاستبدادية إنما ترسم ملامح شديدة الخصوصية للمجتمع المصري. من ناحية، أعتقد أن قضايا الفساد السياسي والاجتماعي والجرائم المنتشرة في المدن وقوة سلطة المال والنفوذ الوظيفي التي حاول خان تعريتها وانتقادها هي ما أضفت على سينماه ذلك الطابع المصري؛ ومن ناحية أخرى نجد في المزاج العام لشخصياته وتصرفاتها وجوهاً واقعية كأنها مرايا تعكس “حالة” يمكن أن نصفها بأنها مصرية خالصة. سوف تظل سينما خان معبرة عن أحداث وتحولات وقعت في العقود الأربعة الأخيرة، ومن هنا ينبع تأثيرها ومكانتها في تطور السينما المصرية.
وداعاً محمد خان...

الخميس، 26 يناير 2017



يا ناعم العود


***************


يا ناعم العود يا سيد الملاح
يا ناعس الطرف ارحم حالتي
ليت للغرام حاكم والله لأشتكي


***********************


يا قمر عشر يا نور الصباح
انظر وتكفيك مني نظرتي
ليت للغرام حاكم والله لاشتكي


***********************


اني عليلا بطعنات الرماح
هذا وانوي لاجلك حسرتي
ليت للغرام حاكم والله لاشتكي


***********************


يا من رماني بسهمه واستراح
رمي بظلم رميته بقتلتي
ليت للغرام حاكم والله لاشتكي


********
 
   
 


 الكويت والكلمة المريرة " بدون "
بقلم : بدرالدين حسن علي
عشت في الكويت 12 عاما ، حضرت خلالها بعض قضايا العمالة الآسيوية ضد سودانيين ، وفي ذات مرة من المرات دعاني صديق لحضور محاكمته ، كان القاضي سوداني حكم عليه بغرامة 2000 دينار كويتي أو ما يعادل 6000 دولار أمريكي ، بالطبع  تم تنفيذ الحكم .
قبل عدة أيام طالعت خبرا بإعدام عدد من المجرمبن منسوبا لوكالة الأنباء الكويتية ، ومن ضمن المجرمين  أحد أبناء الأسرة الحاكمة،  وهو ما يقع فيما يسمى بالعدالة الناجزة ، والكويت كما هو معروف بلد خليجي صغير ولكن له دستور وقوانين تحكمه ، ومجلس أمة له الكلمة العليا وحاكم يلتزم بقرارات المجلس ، يعني باختصار ديمقراطية حسب ظروف البلد ، وكمثال فقد جاء وفد حكومي من السلطات السودانية عقب إنقلاب 30 يونيو 1989 مطالبا بترحيل كاتب هذه السطور للسودان لمهاجمته الحكومة السودانية في صحيفة الوطن الكويتية إلا أن السلطات رقضت ذلك باعتبار أنه من سلطات
الصحيفة !!!!!
ولكن القانون الكويتي يتشدد كثيرا فيما يتعلق بأي حديث عن أمير البلاد
وكانت محكمة بداءة في عام 2013 قد أدانت  مسلم البراك  وهو عضو مجلس أمة سابق ومعارض بالإساءة للشيخ صباح الأحمد الصباح، أمير البلاد، في خطاب له ألقاه في عام 2012، ناشد فيه الأمير تجنب "الحكم الاستبدادي".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن قوات الأمن انتشرت خارج مبنى المحكمة في مدينة الكويت، لكن المحاكمة لم تشهد تظاهرات كالتي صاحبت محاكمته في 2013.
وقال مسلم البراك، من جانبه، إنه مستعد لتسليم نفسه إلى قوات الأمن.
وخاض البراك لفترة طويلة خلافا مع السلطات بشأن تعديلات أدخلت على قانون الانتخابات في عام 2012، وهي التعديلات التي  قال عنها البراك ومعارضون آخرون إنها تهدف إلى منعهم من تولي السلطة.
واحتل البراك عناوين الصحف الرئيسية في عام 2012 عندما ألقى خطابه موجهًا حديثه لأمير البلاد: "باسم الأمة، باسم الشعب، لن نسمح لك يا سمو الأمير بممارسة حكم استبدادي."
وتجنبت البلاد احتجاجات حاشدة على غرار الربيع العربي، لكن الكويتيين خرجوا في تظاهرات حاشدة إلى الشوارع في عام 2012، احتجاجا على تعديلات أدخلها الأمير على قانون الانتخابات.
ومع سماح الكويت بمزيد من حرية التعبير مقارنة ببعض دول الخليج، لا تزال كلمة الفصل في شؤون البلاد بيد الأمير.
وأجريت سلسلة من المحاكمات السياسية، وسحبت السلطات الجنسية من بعض الكويتيين خلال العامين الماضيين، وهو الأمر الذي أثار انتقادات دولية وموجات غضب داخلي.


لم أستغرب ولم أندهش  لخبر المحاكمات ، بقدر ما كنت مستغربا ومندهشا للغزو العراقي للكويت عام 1990 .
السودان بلد عربي وإفريقي كبير جدا والعدالة فيه صفر على الشمال والأحوال فيه متردية بشكل غير مسبوق ، ولا مقارنة بين
الدولتين ؟؟؟؟؟ولكني أشفق على سياسات الكويت خاصة فيما يتعلق بسحب الجنسية والكلمة  المريرة " بدون " !!!!!

الثلاثاء، 24 يناير 2017

فطاحلة أم درمان وذاكرتها التاريخية
بقلم : بدرالدين حسن علي
في جميع المدن السودانية هناك فطاحلة ، أقصد ظرفاء هم تاريخ السودان الناصع ، في السياسة ، في الفكر في الأدب في
الرياضة ..... إلخ
وأم درمان تحديد ا قائمة الظرفاء  فيها تطول وتطول ، عوض دكام كمال عبد الجليل " سينا " الهادي نصرالدين " الصلالي " وأبدأ ب
الهادي نصر الدين .. وهو الذي يطلقون عليه الهادي الضلالي .. وهو بعيد عن الضلالة . الهادي آخر ظرفاء مدينة المدن أم درمان العظيمة.. والتي كانت تضم أظرف الظرفاء أمثال موسى ود نفاش والراحل أحمد داؤود والراحل كمال سينا .. كما تضم صديق منزول وبرعي أحمد البشير وأبناء التوم الجرقي و المحينة.. وعمر و بكري عثمان وإبراهيم عبد الجليل وإبراهيم عوض ومحمد أحمد عوض وأحمد الجابري والشعراء عبد الرحمن الريح وأبو صلاح والعبادي وغيرهم كثر .. بجانب الزعماء المعروفين من صناع الاستقلال وغيرهم.
 
الهادي نصر الدين ألمت به وعكة شديدة ألزمته مستشفى آسيا بامدرمان .. صرف كل ما يملك وكل ما لا يملك، وخرج من المستشفى وفي نفسه شئ من حتى..
الهادي تربطه علاقة ودية مع الفريق بكري حسن صالح وعدد من رموز السياسة والأدب في السودان وفي امدرمان خاصة..
 
الهادي ظل أحبابه أوفياء له وهو رجل ريحانة مجالس وعطر للأحباب، تجده أول من يصل المقابر لدفن عزيز أو من المعارف.. ثم تجده أول الحاضرين إلى المستشفيات..
الهادي تربطه علاقة مودة حميمة مع الفريق بكري حسن صالح والذي سرعان ما تجده في أية نكبة يمر بها..
 
والهادي يعرف كل أهل امدرمان وكل أحياء امدرمان بيت بيت.. وزنقة زنقة.. ولا تستطيع أسرة امدرمانية أن تستغني عن الهادي في كتابة كروت دعوات عقد القران والزواج فالرجل ذاكرة امدرمان الحقيقية..
 
أجرت معه صحيفة «الدار» مرة دردشة صحفية طويلة.. سأله المحرر.. إذا لم يكن الهادي نصر الدين.. فمن تكون؟: فرد عليه بعفوية قائلاً : أتمنى أن أكون عبد الله ود البيه.. وعبد الله إنسان ودود.. وعميق المعرفة.. كان قد شغل موقع القنصل في عدد من سفارات السودان بالخارج أيام نميري.. وهو خريج جامعات يوغسلافيا ودفعة الراحل شيخ الظرفاء الدكتور عوض دكام وبنفس صفات الظرف والنكتة والسخرية وخفة الدم والعلاقات الاجتماعية الواسعة..
 
وأدعو أصدقاء الهادي وهم كثر وعلى رأسهم الدكتور قمر الدين قرنبع أن يدركوا الهادي.. قبل أن تلحقكم سخريته.. وتصبحوا على ما أهملتم نادمين..
 
الهادي.. أو ذاكرة أم درمان.. رجل لا يتكرر.. لذلك نسأل الله أن يسبغ عليه نعمة العافية ، لأنه من الأوفياء لمن يعرف وصادق لمن يعرف

              ما بين حضيض غوركي وحضيض دونالد ترامب
بقلم :بدرالدين حسن علي
الحضيض من أشهر مسرحيات الكاتب المسرحي الكبير مكسيم غوركي ، والتي إكتسبت شهرة عالمية غير مسبوقة ،يصف فيها بؤس العالم ، وهي تضكرني بحضيض دونالد ترامب ، ومنذ الفوز
  المشؤوم لدونالد نرامب  برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ، تعتريني حالة من الضيق والقلق على مصير كل سكان المعمورة ، وأمريكا بالنسبة لي رغم قوتها وعظمتها إلا أنها مجرد قطعة أرض إكتشفها ذات يوم الرحالة كولمبس ، وأوت بشر من جميع الأديان والأعراق والثقافات وأغلب الأحيان تحت قيادة أناس آمنوا بالحق والفضيلة والعدل
ومنذ جملته الشهيرة التي وصف فيها هيلاري كلنتون قائلا :
YOU  ARE  SUCH  A  NASTY  WOMAN
أمتلكني الرعب ، فإذا كانت هيلاري"  ناستي " فما ذ ا عن نساء أمريكا اللائي حملن الخبز والورود فكان 8 مارس  ، وإذا كانت زوجة رئيس امريكا " ناستي " فماذا عن بقية نساء أمريكا ؟ وماذا عن كلاوديت كولفين وروز باركس التي قالت جملتها الشهيرة " لقد سئمت هذا ، لن أترك مقعدي "عندما كان يجب على المرأة السوداء أن تترك مقعدها في الحافلة
 للأبيض !
من تلك اللحظة شعرت بحالة من التقيوء هي ذ ات الحالة عندما وقع إنقلاب 30 يونيو 1989فصدرت صحيفة الوطن الكويتية في اليوم التالي والمانشيت :" إنقلاب لطغمة الجبهة الإسلامية في السودان " ونفس الحالة عندما سمعت رئيس الدولة يخاطب نساء الحركة الشعبية " أسكتوا يا حشرات !
كثيرون إستغربوا صدور الوطن بذلك المانشيت ، والبعض وصفني بالشيطان ، والبض قالوا نعم " حشرات 1 " تماما مثلما قال القذافي : جرذان وفئران ، فكان مصيره " خابوران " !
أنا أعتقد أن ترامب إفتتح في أمريكا عصر الفئران ، قال الشاعر
 السوداني : يا صحابي فأنا ما زرت يوما أندونيسيا ، أرض سوكارنو ولا شاهدت روسيا ، وانا أيضا مثله لم أشاهد مكسيكيا ، ولكن قطعا سأكون أحد الناطين السور العظيم الذي سيبنيه ترامب عند الحدود الأمريكية
المكسيكية .
يا ترامب لماذا فشلت أمريكا في إغتيال فيدل كاسترو ؟


























الاثنين، 23 يناير 2017




 

        صفحات هامة من تاريخ المسرح السوداني
بقلم : بدرالدين حسن علي
سيكون جدلا عقيما إذا ما ظللنا نتعارك هل :  نسميه المسرح في السودان ؟
أم نسميه المسرح السوداني ؟ سيكون مدعاة للضحك والسخرية وجدلا بيزنطيا
إذا ظللنا نقول ونردد أيهما أولا البيضة أم الدجاجة ، إلى متى نردد المثل
الشائع : عينك للفيل وتطعن في " ضلو " وبالمثل سيقى أمرا مضحكا أن تكون
معركتنا : متى بدأ المسرح في السودان ؟ في قديم الزمان أم في الثلاثينات
من القرن الماضي ؟ نحن نحب الماضي لأنه ذهب، ولو عاد لكرهناه
درست على مدى سبع سنوات ضمن ما درست مادة النقد المسرحي بالتركيز على
كتاب المسرح السودانيين والعرب والإفارقة وكتاب المسرح العالمي منذ جدنا
الكبير الإغريقي  سوفوكليس إلى أصغر كاتب في عام 2017 ،  ، قرأت الكثير
جدا من الكتب المسرحية والمقالات في شتى المجالات المسرحية ، قرأت الكثير
جدا من المسرحيات من جميع الثقافات المسرحية في العالم ، قرأت وقرأت ولكن
إهتمامي بالمسرح السوداني لم يتوقف إطلاقا ، قمت بتدريس  فن وتاريخ
المسرح في السودان وعدد من البلدان العربية ، أنشأت الكثير من الفرق
المسرحية كان الشرط الوحيد الذي أطرحه : مسرح جاد ، وهي مقولة في باطنها
الكثير المثير .


 إن  جميع العاملين في المشهد المسرحي السوداني يعانون ، كما عانى
أساتذتنا  القدامى والكبار أمثال  الفاضل سعيد ، الجعفري ،  عثمان أحمد
حمد ، إسماعيل خورشيد  محمود سراج، أبو العباس محمد طاهر   ولكل شيخ
طريقته ، الفكي
عبد الرحمن ، مكي سنادة ، صلاح تركاب ، حسن عبد المجيد ،
 عثمان قمر الأنبياء ، عثمان جعفر النصيري ، يوسف خليل ،  يوسف عايدابي ،
حمدنالله عبدالقادر   ، هاشم صديق ، عوض صديق ،عبدالهادي الصديق ، محمد
رضا حسين ،  آسيا عبدالماجد ، فتحية
محمداحمد ، تحية زروق ، نعمات حماد ،
بلقيس عوض ، منى عبدالرحيم   وجيش جرار من الصعب ذكرهم  جميعا فأرجو
المعذرة  ، ومع ذلك يتمسرحون ويضحكون ويشخصون ويسخرون ، وبدأت الحياة
تعود قليلا إلى المسرح السوداني رغم الظروف الصعبة التي يعيشها أهل
المسرح ، بل حقيقة التي يعيشها الشعب السوداني .
في غمرة هذه الظروف الصعبة شاهدت  عددا من المسرحيات السودانية  ، وقرأت
للجيل الجديد من المسرحيين دون أن يصيبني أي شكل من أشكال الملل أو
الغضب
 ، كما شاهدت مسرحية "  النظام يريد تغيير الشعب " وهو الإسم الذي طالب
به الجهاز الأمني ، حيث لا يخفى عليكم أن الإسم هو " الشعب يريد إسقاط
النظام " عرض مسرحي يحكي الواقع السوداني ، ويسلط الضوء على الأوضاع
السياسية التي تشهدها الساحة السودانية في إطار ساخر ! وتشكل المسرحية
عودة الحراك المسرحي وتفاعله مع القضايا
السياسية ،  وتذكرت تلك
التغييرات التي كان يطالب بها جهاز الرقابة في السودان  وخاصة سنوات جعفر
نميري على مسرحيات مثل : حكاية تحت الشمس السخنة ، المشي على الرموش ،
نبته حبيبتي ، الزوبعة ،حصار الخرطوم وحتى مسرحية الفاضل سعيد " أكل عبش
" لم تسلم من ذلك .
شاهدت المسرحية فضحكت من كل قلبي ، ليس فرحا وسرورا وإنما تذكرت ذلك
التاريخ الرائع العظيم للمسرح السوداني في ستينات و سبعينات القرن الماضي،
 وقرأت الكثير من المقالات النقدية عن المسرحية وسررت لعودة الجمهور
السوداني للمسرح ، فرحت نعم ، ولكن حزنت كثيرا للأوضاع المؤلمة التي
يعيشها كبار فطاحلة المسرح أمثال مكي سناده ، ابراهيم حجازي ، صالح
ألأمين أحمد ، صلاح
 تركاب ، محمد شريف
علي ، تحيه زروق ، وقائمة طويلة من
أبرز الفنانين المسرحيين السودانيين ،لا أحد ينكر عدد المسارح التي بنيت
ولكنه يعشعش فيها الطير ويسكنها البوم ، أفلأجل هذا صرفت عليها تلك
الأموال الطائلة ، الوضع مأساوي بمعنى الكلمة ، والمسرحيون يقولون نصف
الحقيقة ، فجهاز الأمن يراقب حتى الذباب في حركته وبحثه عن قطعة سكر في
زمن إختفت فيه سلعة
السكر ، وأصبح السكر قاصرا على أصحاب البنايات
الشاهقة .




نحن نمشي في جنازة المطر

كثيرة هي المسرحيات السودانية التي منعت من العرض بدءا من ” المشي على
الرموش ” للفنان المسرحي السينمائي ابراهيم شداد ، ” مرورا بمسرحية ”
نبته حبيبتي ” للكاتب المسرحي الممثل الشاعر هاشم صديق وليس أخيرا مسرحية
” حكاية تحت الشمس السخنة ” للكاتب المسرحي الروائي الفنان التشكيلي صلاح
حسن أحمد ، إلى جانب مسرحيات واجهت بعض المصاعب مع الأجهزة الأمنية خاصة
للفترة من ” 1969-1985″ وهي الفترة التي حكم فيها جعفر نميري السودان ،
ومن المدهش أن هناك نصوص مسرحية أجازتها لجان النصوص بالمسرح القومي بأم
درمان ولكن لم تعرض على خشبته ، والمجال يضيق لذكرها جميعا .
من المسرحيات الشهيرة التي لم يشاهدها الجمهور السوداني مسرحية ” نحن
نمشي في جنازة المطر ” للكاتب المسرحي الشاعر عمر الطيب الدوش ، وعلى ما
أظن أن نص المسرحية مفقود ولكن مقتطفات من المسرحية ما تزال مع الناقد
صلاح العالم أحد أصدقاء عمر الطيب الدوش ، ولعل نبتة حبيبتي وجدت حظها من
النشر عنوة واقتدارا بجهود كاتبها، الأمر الذي يجعلها في متناول يد
الباحثين والنقاد ” مسرحية " نحن نمشي في جنازة المطر ” عرضت سرا على
مسرح الفنون الشعبية بأم درمن وحضر العرض عدد كبير من عشاق المسرح مما
عوض عن عرضها سرا وهو قطعا قرار خاطيء تماما وكشف عن غباء الجهاز الأمني
وما يكنه من عداء للمسرح ، وقد صدقت نبوءة المسرحي الشاعر نجيب سرور الذي
قال يوما ” أرني المسرح في أي بلد أقول لك نوع النظام فيه ” وحاليا الأمر
لا يختلف بل أسوأ
من مسرحية “نحن نمشي في جنازة المطر “
عمر الطيب الدوش
هذا أنا
أبن المجاعات المررن على البلاد
سرقتني الأفكار من حضن أبي
تحرقني أرصفة المدينة كأنني جريدة مصادرة
وفي العمارات الكبيرة.. ذات المراوح الكثيرة
والأبهة السادرة
أفتش الرزق والتاريخ والبنات الضائعات
ولست حاذقا في هذا.. ولا أدعي فيه المهارة
وقبل أن تصفعني المشاكل المهاجرة
جاءتني ذات يوم لا أذكر أي يوم
حبيبتي ذات العيون المصفقة
تسألني عن ثمن العشاء في إحدى الفنادق
حدثتها أن تسألني عن ثمن البنادق
رأيت في عيونها.. إنني راكبا حصاني
مفصد الجبين يغلني الريح والمطر
وحين حدثتني عن الموت والخطر
أقتدتها قسرا إلى غرفتي الكئيبة
ضاجعت دهشتها الحزينة المريبة
وقلت لها بالشفاه المطبقة
صدقيني يا قبل أن تصفعني المشاكل المهاجرة
لم أكن هكذا لكنني أصبحت
لم أكن هكذا لكنني أصبحت
لم أكن هكذا لكنني أصبحت !!
ياذات العيون المصفقة
.
 .

عثمان جعفر النصيري ذكي جدا و "نضام " ومثقف جدا وموهوب جدا ، وقد شاهدت
له عددا من المسرحيات التي أخرجها على أيام المسرح الجامعي بجامعة
الخرطوم أذكر منها على سبيل المثال " العجكو " ،  مارا صاد للكاتب
الألماني السويدي بيتر فايس  ، والتي قدمها في ذات يوم من الأيام من على
خشبة المسرح القومي بأم درمان ، كما تشرفت للعمل معه كمساعد مخرج في بعض
المسرحيات أذكر منها مسرحية " مجلس تأديب " من تأليفه وإخراجه ، ومسرحية
" مأساة الحلاج " للشاعر المصري الكبير صلاح عبدالصبور .
كان الفكي عبدالرحمن دائم الحديث عن النصيري ، وعندما نجلس سوية لتناول
طعام الغذاء يكون موضوع " الونسة " النصيري ، وعندما عرف أنني أحبه قال
لي " إنت في السليم " ،  ولكن النصيري وسلمى تركا السودان إلى لندن - وهو
موضوع طويل ليس هذا مكانه – المهم تخرج النصيري في كلية East 15 للمسرح
وحاول أيضا أن يلحقني بنفس الكلية ولكن ظروفي الأسرية لم تسمح بذلك .
عثمان جعفر النصيري حصل على الدكتوراة عن جدارة وأصبحت كريمته عازة قامة
سودانية يشار إليها بالبنان في عموم بريطانيا ، وله أفضال كثيرة على
المسرح السوداني منذ كتابه التوثيقي الأول " المسرح في السودان 1905
-1915 " وحركته الدؤوبة في بريطانيا ومن بينها إخراجه لمسرحية " محمود "
عن شهيد القرن الماضي محمود محمد طه ، وقد أرسل لي " مشكورا " شريط فيديو
يحتوي على المسرحية ، واستمتعت بمشاهدتها ومشاهدة أصدقائي الممثلين .
إن أكبر مصيبة حلت بالمسرح السوداني -  رغم أنه كان طفلا يحبو -   التدخل
المريع لأجهزة الأمن في نشاطه ، وتفسيراتهم " الهبلة " لمضامين مسرحيات
تلك الفترة ، وحملة الفصل والتشريد ، والإتهامات الإعتباطية والتصنيف
السياسي البليد ،وخطابات ما يسمى بالصالح العام وهي خطابات في غاية
الرعونة والسخف ،   إذ لم تمر إلا سنوات قليلة مثلا على نشاط المسرح
القومي بأم درمان عام 1967  وبدأت حملة فصل هوجاء وقبيحة كان ضحيتها كاتب
هذه السطور، سلسلة من الكذب الفاضح مثل أنني عضو لجنة مركزية للحزب
الشيوعي ، رئيس مكتب الشباب للحزب ، والخطاب بتوقيع وزير دولة للإعلام
وهو بونا ملوال ، لم أنس أن آخذ الخطاب " الفضيحة " لكمال الجزولي
ليهنئني فضجك حتى وقع من كرسيه ،  وعدد لا يستهان به من المبدعين
المسرحيين والذي أدى لاحقا إلى هجرة الكثيرين إلى دول الخليج العربية ،
فقط للنجاة من سطوة الأجهزة الأمنية ، وفقد المسرح قامات كان يمكن أن
تضيء طريق المسرح بمصابيح لا تنطفيء مطلقا ، أسماء مثل عثمان جعفر
النصيري ،
 يوسف خليل ، هاشم صديق ، يحي الحاج ، صلاح تركاب ، يوسف عايدابي ،عمر
براق " نحن نفعل هذا ...أتعرفون لماذا ؟ "  ومحاصرته سياسيا ثم هجرته ،
محجوب عباس " السود "  ، عبدالرحيم الشبلي " أحلام جبرة "  ،  علي
عبدالقيوم ، " حفل سمر لأجل 5 حزيران "  شوقي عزالدين ، ابراهيم شداد ،
محمد رضا حسين  ، عزالدين هلالي ، عثمان قمر الأنبياء ، وحتى أجانب مثل
المخرج الفرنسي باتريس ماري الذي تزوج الفنانة والممثلة الرائعة تحية
زروق وأنجب منها أبنتها الوحيدة شيراز المقيمة حاليا في أمريكا بينما
باتريس يتنقل بين فرنسا وكندا وأمريكا ،   وقائمة تطول وتطول من أبرز
الفنانين


يوسف خليل هو الرقم الصعب في تاريخ المسرح السوداني ،  فإلى  جانب سودنته
الخرافية لمسرحية  الزوبعة كتب الخضر وجوابات فرح ، وكلاهما تعرضتا لهجمة
مسعورة من جهاز الأمن  ، ومضايقات كثيرة جدا تمثلت في المطالبات التي لا
تنتهي بالحذف والتعديل وتصنيفه كعدو لتورة مايو !!  المسرحيتان ا من
إخراج المبدع صلاح تركاب ، يوسف لم يستطع التعايش مع كلاب الأمن وهو صاحب
أجمل بسمة شاهدتها في حياتي ، فهرب من وحوش أم درمان إلى أبناء خورفكان
بالإمارات فاحترموه وأطلقوا عليه الأستاذ ، أما صلاح تركاب فقد لحق به
ولكنه لم يستطع التعايش مع أبناء الخليج فعاد إلى وطنه  ، وكان فنانا
قديرا في الإخراج وفن الديكور .
 .
ويوسف له أيضا مسرحية اسمها على ما أظن " الغول والغريب  " وفعلا كانت
غولا ، إلى جانب سودنته الرائعة  لمسرحية الكاتب والشاعر الإسباني
فيديركو غارسيا لوركا "  بيت بيرناندا إلبا  " وكانت بإسم " بيت بت المنى
بت مساعد ، زارني في الكويت وقضى معي ثلاثة أيام كانت من أحلى أيام حياتي
، فغضبت مني زوجتي الراحلة المخرجة السينمائية حوريه حسن حاكم لوجودها في
قاهرة المعز  ،  ويوسف له فضل كبير علي لأنه فتح لي الطريق لمعرفة أثنين
من عمالقة المسرح العربي والإسباتي وأعني بهما محمود دياب
 ولوركا ، لدرجة أني إنزويت في مكتبة خالي الراحل المقيم الفكي عبد
الرحمن وقرأت جميع أعمالهما باللغة العربية .
الحديث يطول ويطول
ولكن !




   


 






   


 

        صفحات هامة من تاريخ المسرح السوداني
بقلم : بدرالدين حسن علي
سيكون جدلا عقيما إذا ما ظللنا نتعارك هل :  نسميه المسرح في السودان ؟
أم نسميه المسرح السوداني ؟ سيكون مدعاة للضحك والسخرية وجدلا بيزنطيا
إذا ظللنا نقول ونردد أيهما أولا البيضة أم الدجاجة ، إلى متى نردد المثل
الشائع : عينك للفيل وتطعن في " ضلو " وبالمثل سيقى أمرا مضحكا أن تكون
معركتنا : متى بدأ المسرح في السودان ؟ في قديم الزمان أم في الثلاثينات
من القرن الماضي ؟ نحن نحب الماضي لأنه ذهب، ولو عاد لكرهناه
درست على مدى سبع سنوات ضمن ما درست مادة النقد المسرحي بالتركيز على
كتاب المسرح السودانيين والعرب والإفارقة وكتاب المسرح العالمي منذ جدنا
الكبير الإغريقي  سوفوكليس إلى أصغر كاتب في عام 2017 ،  ، قرأت الكثير
جدا من الكتب المسرحية والمقالات في شتى المجالات المسرحية ، قرأت الكثير
جدا من المسرحيات من جميع الثقافات المسرحية في العالم ، قرأت وقرأت ولكن
إهتمامي بالمسرح السوداني لم يتوقف إطلاقا ، قمت بتدريس  فن وتاريخ
المسرح في السودان وعدد من البلدان العربية ، أنشأت الكثير من الفرق
المسرحية كان الشرط الوحيد الذي أطرحه : مسرح جاد ، وهي مقولة في باطنها
الكثير المثير .


 إن  جميع العاملين في المشهد المسرحي السوداني يعانون ، كما عانى
أساتذتنا  القدامى والكبار أمثال  الفاضل سعيد ، الجعفري ،  عثمان أحمد
حمد ، إسماعيل خورشيد  محمود سراج، أبو العباس محمد طاهر   ولكل شيخ
طريقته ، الفكي
عبد الرحمن ، مكي سنادة ، صلاح تركاب ، حسن عبد المجيد ،
 عثمان قمر الأنبياء ، عثمان جعفر النصيري ، يوسف خليل ،  يوسف عايدابي ،
حمدنالله عبدالقادر   ، هاشم صديق ، عوض صديق ،عبدالهادي الصديق ، محمد
رضا حسين ،  آسيا عبدالماجد ، فتحية
محمداحمد ، تحية زروق ، نعمات حماد ،
بلقيس عوض ، منى عبدالرحيم   وجيش جرار من الصعب ذكرهم  جميعا فأرجو
المعذرة  ، ومع ذلك يتمسرحون ويضحكون ويشخصون ويسخرون ، وبدأت الحياة
تعود قليلا إلى المسرح السوداني رغم الظروف الصعبة التي يعيشها أهل
المسرح ، بل حقيقة التي يعيشها الشعب السوداني .
في غمرة هذه الظروف الصعبة شاهدت  عددا من المسرحيات السودانية  ، وقرأت
للجيل الجديد من المسرحيين دون أن يصيبني أي شكل من أشكال الملل أو
الغضب
 ، كما شاهدت مسرحية "  النظام يريد تغيير الشعب " وهو الإسم الذي طالب
به الجهاز الأمني ، حيث لا يخفى عليكم أن الإسم هو " الشعب يريد إسقاط
النظام " عرض مسرحي يحكي الواقع السوداني ، ويسلط الضوء على الأوضاع
السياسية التي تشهدها الساحة السودانية في إطار ساخر ! وتشكل المسرحية
عودة الحراك المسرحي وتفاعله مع القضايا
السياسية ،  وتذكرت تلك
التغييرات التي كان يطالب بها جهاز الرقابة في السودان  وخاصة سنوات جعفر
نميري على مسرحيات مثل : حكاية تحت الشمس السخنة ، المشي على الرموش ،
نبته حبيبتي ، الزوبعة ،حصار الخرطوم وحتى مسرحية الفاضل سعيد " أكل عبش
" لم تسلم من ذلك .
شاهدت المسرحية فضحكت من كل قلبي ، ليس فرحا وسرورا وإنما تذكرت ذلك
التاريخ الرائع العظيم للمسرح السوداني في ستينات و سبعينات القرن الماضي،
 وقرأت الكثير من المقالات النقدية عن المسرحية وسررت لعودة الجمهور
السوداني للمسرح ، فرحت نعم ، ولكن حزنت كثيرا للأوضاع المؤلمة التي
يعيشها كبار فطاحلة المسرح أمثال مكي سناده ، ابراهيم حجازي ، صالح
ألأمين أحمد ، صلاح
 تركاب ، محمد شريف
علي ، تحيه زروق ، وقائمة طويلة من
أبرز الفنانين المسرحيين السودانيين ،لا أحد ينكر عدد المسارح التي بنيت
ولكنه يعشعش فيها الطير ويسكنها البوم ، أفلأجل هذا صرفت عليها تلك
الأموال الطائلة ، الوضع مأساوي بمعنى الكلمة ، والمسرحيون يقولون نصف
الحقيقة ، فجهاز الأمن يراقب حتى الذباب في حركته وبحثه عن قطعة سكر في
زمن إختفت فيه سلعة
السكر ، وأصبح السكر قاصرا على أصحاب البنايات
الشاهقة .




نحن نمشي في جنازة المطر

كثيرة هي المسرحيات السودانية التي منعت من العرض بدءا من ” المشي على
الرموش ” للفنان المسرحي السينمائي ابراهيم شداد ، ” مرورا بمسرحية ”
نبته حبيبتي ” للكاتب المسرحي الممثل الشاعر هاشم صديق وليس أخيرا مسرحية
” حكاية تحت الشمس السخنة ” للكاتب المسرحي الروائي الفنان التشكيلي صلاح
حسن أحمد ، إلى جانب مسرحيات واجهت بعض المصاعب مع الأجهزة الأمنية خاصة
للفترة من ” 1969-1985″ وهي الفترة التي حكم فيها جعفر نميري السودان ،
ومن المدهش أن هناك نصوص مسرحية أجازتها لجان النصوص بالمسرح القومي بأم
درمان ولكن لم تعرض على خشبته ، والمجال يضيق لذكرها جميعا .
من المسرحيات الشهيرة التي لم يشاهدها الجمهور السوداني مسرحية ” نحن
نمشي في جنازة المطر ” للكاتب المسرحي الشاعر عمر الطيب الدوش ، وعلى ما
أظن أن نص المسرحية مفقود ولكن مقتطفات من المسرحية ما تزال مع الناقد
صلاح العالم أحد أصدقاء عمر الطيب الدوش ، ولعل نبتة حبيبتي وجدت حظها من
النشر عنوة واقتدارا بجهود كاتبها، الأمر الذي يجعلها في متناول يد
الباحثين والنقاد ” مسرحية " نحن نمشي في جنازة المطر ” عرضت سرا على
مسرح الفنون الشعبية بأم درمن وحضر العرض عدد كبير من عشاق المسرح مما
عوض عن عرضها سرا وهو قطعا قرار خاطيء تماما وكشف عن غباء الجهاز الأمني
وما يكنه من عداء للمسرح ، وقد صدقت نبوءة المسرحي الشاعر نجيب سرور الذي
قال يوما ” أرني المسرح في أي بلد أقول لك نوع النظام فيه ” وحاليا الأمر
لا يختلف بل أسوأ
من مسرحية “نحن نمشي في جنازة المطر “
عمر الطيب الدوش
هذا أنا
أبن المجاعات المررن على البلاد
سرقتني الأفكار من حضن أبي
تحرقني أرصفة المدينة كأنني جريدة مصادرة
وفي العمارات الكبيرة.. ذات المراوح الكثيرة
والأبهة السادرة
أفتش الرزق والتاريخ والبنات الضائعات
ولست حاذقا في هذا.. ولا أدعي فيه المهارة
وقبل أن تصفعني المشاكل المهاجرة
جاءتني ذات يوم لا أذكر أي يوم
حبيبتي ذات العيون المصفقة
تسألني عن ثمن العشاء في إحدى الفنادق
حدثتها أن تسألني عن ثمن البنادق
رأيت في عيونها.. إنني راكبا حصاني
مفصد الجبين يغلني الريح والمطر
وحين حدثتني عن الموت والخطر
أقتدتها قسرا إلى غرفتي الكئيبة
ضاجعت دهشتها الحزينة المريبة
وقلت لها بالشفاه المطبقة
صدقيني يا قبل أن تصفعني المشاكل المهاجرة
لم أكن هكذا لكنني أصبحت
لم أكن هكذا لكنني أصبحت
لم أكن هكذا لكنني أصبحت !!
ياذات العيون المصفقة
.
 .

عثمان جعفر النصيري ذكي جدا و "نضام " ومثقف جدا وموهوب جدا ، وقد شاهدت
له عددا من المسرحيات التي أخرجها على أيام المسرح الجامعي بجامعة
الخرطوم أذكر منها على سبيل المثال " العجكو " ،  مارا صاد للكاتب
الألماني السويدي بيتر فايس  ، والتي قدمها في ذات يوم من الأيام من على
خشبة المسرح القومي بأم درمان ، كما تشرفت للعمل معه كمساعد مخرج في بعض
المسرحيات أذكر منها مسرحية " مجلس تأديب " من تأليفه وإخراجه ، ومسرحية
" مأساة الحلاج " للشاعر المصري الكبير صلاح عبدالصبور .
كان الفكي عبدالرحمن دائم الحديث عن النصيري ، وعندما نجلس سوية لتناول
طعام الغذاء يكون موضوع " الونسة " النصيري ، وعندما عرف أنني أحبه قال
لي " إنت في السليم " ،  ولكن النصيري وسلمى تركا السودان إلى لندن - وهو
موضوع طويل ليس هذا مكانه – المهم تخرج النصيري في كلية East 15 للمسرح
وحاول أيضا أن يلحقني بنفس الكلية ولكن ظروفي الأسرية لم تسمح بذلك .
عثمان جعفر النصيري حصل على الدكتوراة عن جدارة وأصبحت كريمته عازة قامة
سودانية يشار إليها بالبنان في عموم بريطانيا ، وله أفضال كثيرة على
المسرح السوداني منذ كتابه التوثيقي الأول " المسرح في السودان 1905
-1915 " وحركته الدؤوبة في بريطانيا ومن بينها إخراجه لمسرحية " محمود "
عن شهيد القرن الماضي محمود محمد طه ، وقد أرسل لي " مشكورا " شريط فيديو
يحتوي على المسرحية ، واستمتعت بمشاهدتها ومشاهدة أصدقائي الممثلين .
إن أكبر مصيبة حلت بالمسرح السوداني -  رغم أنه كان طفلا يحبو -   التدخل
المريع لأجهزة الأمن في نشاطه ، وتفسيراتهم " الهبلة " لمضامين مسرحيات
تلك الفترة ، وحملة الفصل والتشريد ، والإتهامات الإعتباطية والتصنيف
السياسي البليد ،وخطابات ما يسمى بالصالح العام وهي خطابات في غاية
الرعونة والسخف ،   إذ لم تمر إلا سنوات قليلة مثلا على نشاط المسرح
القومي بأم درمان عام 1967  وبدأت حملة فصل هوجاء وقبيحة كان ضحيتها كاتب
هذه السطور، سلسلة من الكذب الفاضح مثل أنني عضو لجنة مركزية للحزب
الشيوعي ، رئيس مكتب الشباب للحزب ، والخطاب بتوقيع وزير دولة للإعلام
وهو بونا ملوال ، لم أنس أن آخذ الخطاب " الفضيحة " لكمال الجزولي
ليهنئني فضجك حتى وقع من كرسيه ،  وعدد لا يستهان به من المبدعين
المسرحيين والذي أدى لاحقا إلى هجرة الكثيرين إلى دول الخليج العربية ،
فقط للنجاة من سطوة الأجهزة الأمنية ، وفقد المسرح قامات كان يمكن أن
تضيء طريق المسرح بمصابيح لا تنطفيء مطلقا ، أسماء مثل عثمان جعفر
النصيري ،
 يوسف خليل ، هاشم صديق ، يحي الحاج ، صلاح تركاب ، يوسف عايدابي ،عمر
براق " نحن نفعل هذا ...أتعرفون لماذا ؟ "  ومحاصرته سياسيا ثم هجرته ،
محجوب عباس " السود "  ، عبدالرحيم الشبلي " أحلام جبرة "  ،  علي
عبدالقيوم ، " حفل سمر لأجل 5 حزيران "  شوقي عزالدين ، ابراهيم شداد ،
محمد رضا حسين  ، عزالدين هلالي ، عثمان قمر الأنبياء ، وحتى أجانب مثل
المخرج الفرنسي باتريس ماري الذي تزوج الفنانة والممثلة الرائعة تحية
زروق وأنجب منها أبنتها الوحيدة شيراز المقيمة حاليا في أمريكا بينما
باتريس يتنقل بين فرنسا وكندا وأمريكا ،   وقائمة تطول وتطول من أبرز
الفنانين


يوسف خليل هو الرقم الصعب في تاريخ المسرح السوداني ،  فإلى  جانب سودنته
الخرافية لمسرحية  الزوبعة كتب الخضر وجوابات فرح ، وكلاهما تعرضتا لهجمة
مسعورة من جهاز الأمن  ، ومضايقات كثيرة جدا تمثلت في المطالبات التي لا
تنتهي بالحذف والتعديل وتصنيفه كعدو لتورة مايو !!  المسرحيتان ا من
إخراج المبدع صلاح تركاب ، يوسف لم يستطع التعايش مع كلاب الأمن وهو صاحب
أجمل بسمة شاهدتها في حياتي ، فهرب من وحوش أم درمان إلى أبناء خورفكان
بالإمارات فاحترموه وأطلقوا عليه الأستاذ ، أما صلاح تركاب فقد لحق به
ولكنه لم يستطع التعايش مع أبناء الخليج فعاد إلى وطنه  ، وكان فنانا
قديرا في الإخراج وفن الديكور .
 .
ويوسف له أيضا مسرحية اسمها على ما أظن " الغول والغريب  " وفعلا كانت
غولا ، إلى جانب سودنته الرائعة  لمسرحية الكاتب والشاعر الإسباني
فيديركو غارسيا لوركا "  بيت بيرناندا إلبا  " وكانت بإسم " بيت بت المنى
بت مساعد ، زارني في الكويت وقضى معي ثلاثة أيام كانت من أحلى أيام حياتي
، فغضبت مني زوجتي الراحلة المخرجة السينمائية حوريه حسن حاكم لوجودها في
قاهرة المعز  ،  ويوسف له فضل كبير علي لأنه فتح لي الطريق لمعرفة أثنين
من عمالقة المسرح العربي والإسباتي وأعني بهما محمود دياب
 ولوركا ، لدرجة أني إنزويت في مكتبة خالي الراحل المقيم الفكي عبد
الرحمن وقرأت جميع أعمالهما باللغة العربية .
الحديث يطول ويطول
ولكن !

       صفحات هامة من تاريخ المسرح السوداني
بقلم : بدرالدين حسن علي
سيكون جدلا عقيما إذا ما ظللنا نتعارك هل :  نسميه المسرح في السودان ؟
أم نسميه المسرح السوداني ؟ سيكون مدعاة للضحك والسخرية وجدلا بيزنطيا
إذا ظللنا نقول ونردد أيهما أولا البيضة أم الدجاجة ، إلى متى نردد المثل
الشائع : عينك للفيل وتطعن في " ضلو " وبالمثل سيقى أمرا مضحكا أن تكون
معركتنا : متى بدأ المسرح في السودان ؟ في قديم الزمان أم في الثلاثينات
من القرن الماضي ؟ نحن نحب الماضي لأنه ذهب، ولو عاد لكرهناه
درست على مدى سبع سنوات ضمن ما درست مادة النقد المسرحي بالتركيز على
كتاب المسرح السودانيين والعرب والإفارقة وكتاب المسرح العالمي منذ جدنا
الكبير الإغريقي  سوفوكليس إلى أصغر كاتب في عام 2017 ،  ، قرأت الكثير
جدا من الكتب المسرحية والمقالات في شتى المجالات المسرحية ، قرأت الكثير
جدا من المسرحيات من جميع الثقافات المسرحية في العالم ، قرأت وقرأت ولكن
إهتمامي بالمسرح السوداني لم يتوقف إطلاقا ، قمت بتدريس  فن وتاريخ
المسرح في السودان وعدد من البلدان العربية ، أنشأت الكثير من الفرق
المسرحية كان الشرط الوحيد الذي أطرحه : مسرح جاد ، وهي مقولة في باطنها
الكثير المثير .


 إن  جميع العاملين في المشهد المسرحي السوداني يعانون ، كما عانى
أساتذتنا  القدامى والكبار أمثال  الفاضل سعيد ، الجعفري ،  عثمان أحمد
حمد ، إسماعيل خورشيد  محمود سراج، أبو العباس محمد طاهر   ولكل شيخ
طريقته ، الفكي
عبد الرحمن ، مكي سنادة ، صلاح تركاب ، حسن عبد المجيد ،
 عثمان قمر الأنبياء ، عثمان جعفر النصيري ، يوسف خليل ،  يوسف عايدابي ،
حمدنالله عبدالقادر   ، هاشم صديق ، عوض صديق ،عبدالهادي الصديق ، محمد
رضا حسين ،  آسيا عبدالماجد ، فتحية
محمداحمد ، تحية زروق ، نعمات حماد ،
بلقيس عوض ، منى عبدالرحيم   وجيش جرار من الصعب ذكرهم  جميعا فأرجو
المعذرة  ، ومع ذلك يتمسرحون ويضحكون ويشخصون ويسخرون ، وبدأت الحياة
تعود قليلا إلى المسرح السوداني رغم الظروف الصعبة التي يعيشها أهل
المسرح ، بل حقيقة التي يعيشها الشعب السوداني .
في غمرة هذه الظروف الصعبة شاهدت  عددا من المسرحيات السودانية  ، وقرأت
للجيل الجديد من المسرحيين دون أن يصيبني أي شكل من أشكال الملل أو
الغضب
 ، كما شاهدت مسرحية "  النظام يريد تغيير الشعب " وهو الإسم الذي طالب
به الجهاز الأمني ، حيث لا يخفى عليكم أن الإسم هو " الشعب يريد إسقاط
النظام " عرض مسرحي يحكي الواقع السوداني ، ويسلط الضوء على الأوضاع
السياسية التي تشهدها الساحة السودانية في إطار ساخر ! وتشكل المسرحية
عودة الحراك المسرحي وتفاعله مع القضايا
السياسية ،  وتذكرت تلك
التغييرات التي كان يطالب بها جهاز الرقابة في السودان  وخاصة سنوات جعفر
نميري على مسرحيات مثل : حكاية تحت الشمس السخنة ، المشي على الرموش ،
نبته حبيبتي ، الزوبعة ،حصار الخرطوم وحتى مسرحية الفاضل سعيد " أكل عبش
" لم تسلم من ذلك .
شاهدت المسرحية فضحكت من كل قلبي ، ليس فرحا وسرورا وإنما تذكرت ذلك
التاريخ الرائع العظيم للمسرح السوداني في ستينات و سبعينات القرن الماضي،
 وقرأت الكثير من المقالات النقدية عن المسرحية وسررت لعودة الجمهور
السوداني للمسرح ، فرحت نعم ، ولكن حزنت كثيرا للأوضاع المؤلمة التي
يعيشها كبار فطاحلة المسرح أمثال مكي سناده ، ابراهيم حجازي ، صالح
ألأمين أحمد ، صلاح
 تركاب ، محمد شريف
علي ، تحيه زروق ، وقائمة طويلة من
أبرز الفنانين المسرحيين السودانيين ،لا أحد ينكر عدد المسارح التي بنيت
ولكنه يعشعش فيها الطير ويسكنها البوم ، أفلأجل هذا صرفت عليها تلك
الأموال الطائلة ، الوضع مأساوي بمعنى الكلمة ، والمسرحيون يقولون نصف
الحقيقة ، فجهاز الأمن يراقب حتى الذباب في حركته وبحثه عن قطعة سكر في
زمن إختفت فيه سلعة
السكر ، وأصبح السكر قاصرا على أصحاب البنايات
الشاهقة .




نحن نمشي في جنازة المطر

كثيرة هي المسرحيات السودانية التي منعت من العرض بدءا من ” المشي على
الرموش ” للفنان المسرحي السينمائي ابراهيم شداد ، ” مرورا بمسرحية ”
نبته حبيبتي ” للكاتب المسرحي الممثل الشاعر هاشم صديق وليس أخيرا مسرحية
” حكاية تحت الشمس السخنة ” للكاتب المسرحي الروائي الفنان التشكيلي صلاح
حسن أحمد ، إلى جانب مسرحيات واجهت بعض المصاعب مع الأجهزة الأمنية خاصة
للفترة من ” 1969-1985″ وهي الفترة التي حكم فيها جعفر نميري السودان ،
ومن المدهش أن هناك نصوص مسرحية أجازتها لجان النصوص بالمسرح القومي بأم
درمان ولكن لم تعرض على خشبته ، والمجال يضيق لذكرها جميعا .
من المسرحيات الشهيرة التي لم يشاهدها الجمهور السوداني مسرحية ” نحن
نمشي في جنازة المطر ” للكاتب المسرحي الشاعر عمر الطيب الدوش ، وعلى ما
أظن أن نص المسرحية مفقود ولكن مقتطفات من المسرحية ما تزال مع الناقد
صلاح العالم أحد أصدقاء عمر الطيب الدوش ، ولعل نبتة حبيبتي وجدت حظها من
النشر عنوة واقتدارا بجهود كاتبها، الأمر الذي يجعلها في متناول يد
الباحثين والنقاد ” مسرحية " نحن نمشي في جنازة المطر ” عرضت سرا على
مسرح الفنون الشعبية بأم درمن وحضر العرض عدد كبير من عشاق المسرح مما
عوض عن عرضها سرا وهو قطعا قرار خاطيء تماما وكشف عن غباء الجهاز الأمني
وما يكنه من عداء للمسرح ، وقد صدقت نبوءة المسرحي الشاعر نجيب سرور الذي
قال يوما ” أرني المسرح في أي بلد أقول لك نوع النظام فيه ” وحاليا الأمر
لا يختلف بل أسوأ
من مسرحية “نحن نمشي في جنازة المطر “
عمر الطيب الدوش
هذا أنا
أبن المجاعات المررن على البلاد
سرقتني الأفكار من حضن أبي
تحرقني أرصفة المدينة كأنني جريدة مصادرة
وفي العمارات الكبيرة.. ذات المراوح الكثيرة
والأبهة السادرة
أفتش الرزق والتاريخ والبنات الضائعات
ولست حاذقا في هذا.. ولا أدعي فيه المهارة
وقبل أن تصفعني المشاكل المهاجرة
جاءتني ذات يوم لا أذكر أي يوم
حبيبتي ذات العيون المصفقة
تسألني عن ثمن العشاء في إحدى الفنادق
حدثتها أن تسألني عن ثمن البنادق
رأيت في عيونها.. إنني راكبا حصاني
مفصد الجبين يغلني الريح والمطر
وحين حدثتني عن الموت والخطر
أقتدتها قسرا إلى غرفتي الكئيبة
ضاجعت دهشتها الحزينة المريبة
وقلت لها بالشفاه المطبقة
صدقيني يا قبل أن تصفعني المشاكل المهاجرة
لم أكن هكذا لكنني أصبحت
لم أكن هكذا لكنني أصبحت
لم أكن هكذا لكنني أصبحت !!
ياذات العيون المصفقة
.
 .

عثمان جعفر النصيري ذكي جدا و "نضام " ومثقف جدا وموهوب جدا ، وقد شاهدت
له عددا من المسرحيات التي أخرجها على أيام المسرح الجامعي بجامعة
الخرطوم أذكر منها على سبيل المثال " العجكو " ،  مارا صاد للكاتب
الألماني السويدي بيتر فايس  ، والتي قدمها في ذات يوم من الأيام من على
خشبة المسرح القومي بأم درمان ، كما تشرفت للعمل معه كمساعد مخرج في بعض
المسرحيات أذكر منها مسرحية " مجلس تأديب " من تأليفه وإخراجه ، ومسرحية
" مأساة الحلاج " للشاعر المصري الكبير صلاح عبدالصبور .
كان الفكي عبدالرحمن دائم الحديث عن النصيري ، وعندما نجلس سوية لتناول
طعام الغذاء يكون موضوع " الونسة " النصيري ، وعندما عرف أنني أحبه قال
لي " إنت في السليم " ،  ولكن النصيري وسلمى تركا السودان إلى لندن - وهو
موضوع طويل ليس هذا مكانه – المهم تخرج النصيري في كلية East 15 للمسرح
وحاول أيضا أن يلحقني بنفس الكلية ولكن ظروفي الأسرية لم تسمح بذلك .
عثمان جعفر النصيري حصل على الدكتوراة عن جدارة وأصبحت كريمته عازة قامة
سودانية يشار إليها بالبنان في عموم بريطانيا ، وله أفضال كثيرة على
المسرح السوداني منذ كتابه التوثيقي الأول " المسرح في السودان 1905
-1915 " وحركته الدؤوبة في بريطانيا ومن بينها إخراجه لمسرحية " محمود "
عن شهيد القرن الماضي محمود محمد طه ، وقد أرسل لي " مشكورا " شريط فيديو
يحتوي على المسرحية ، واستمتعت بمشاهدتها ومشاهدة أصدقائي الممثلين .
إن أكبر مصيبة حلت بالمسرح السوداني -  رغم أنه كان طفلا يحبو -   التدخل
المريع لأجهزة الأمن في نشاطه ، وتفسيراتهم " الهبلة " لمضامين مسرحيات
تلك الفترة ، وحملة الفصل والتشريد ، والإتهامات الإعتباطية والتصنيف
السياسي البليد ،وخطابات ما يسمى بالصالح العام وهي خطابات في غاية
الرعونة والسخف ،   إذ لم تمر إلا سنوات قليلة مثلا على نشاط المسرح
القومي بأم درمان عام 1967  وبدأت حملة فصل هوجاء وقبيحة كان ضحيتها كاتب
هذه السطور، سلسلة من الكذب الفاضح مثل أنني عضو لجنة مركزية للحزب
الشيوعي ، رئيس مكتب الشباب للحزب ، والخطاب بتوقيع وزير دولة للإعلام
وهو بونا ملوال ، لم أنس أن آخذ الخطاب " الفضيحة " لكمال الجزولي
ليهنئني فضجك حتى وقع من كرسيه ،  وعدد لا يستهان به من المبدعين
المسرحيين والذي أدى لاحقا إلى هجرة الكثيرين إلى دول الخليج العربية ،
فقط للنجاة من سطوة الأجهزة الأمنية ، وفقد المسرح قامات كان يمكن أن
تضيء طريق المسرح بمصابيح لا تنطفيء مطلقا ، أسماء مثل عثمان جعفر
النصيري ،
 يوسف خليل ، هاشم صديق ، يحي الحاج ، صلاح تركاب ، يوسف عايدابي ،عمر
براق " نحن نفعل هذا ...أتعرفون لماذا ؟ "  ومحاصرته سياسيا ثم هجرته ،
محجوب عباس " السود "  ، عبدالرحيم الشبلي " أحلام جبرة "  ،  علي
عبدالقيوم ، " حفل سمر لأجل 5 حزيران "  شوقي عزالدين ، ابراهيم شداد ،
محمد رضا حسين  ، عزالدين هلالي ، عثمان قمر الأنبياء ، وحتى أجانب مثل
المخرج الفرنسي باتريس ماري الذي تزوج الفنانة والممثلة الرائعة تحية
زروق وأنجب منها أبنتها الوحيدة شيراز المقيمة حاليا في أمريكا بينما
باتريس يتنقل بين فرنسا وكندا وأمريكا ،   وقائمة تطول وتطول من أبرز
الفنانين


يوسف خليل هو الرقم الصعب في تاريخ المسرح السوداني ،  فإلى  جانب سودنته
الخرافية لمسرحية  الزوبعة كتب الخضر وجوابات فرح ، وكلاهما تعرضتا لهجمة
مسعورة من جهاز الأمن  ، ومضايقات كثيرة جدا تمثلت في المطالبات التي لا
تنتهي بالحذف والتعديل وتصنيفه كعدو لتورة مايو !!  المسرحيتان ا من
إخراج المبدع صلاح تركاب ، يوسف لم يستطع التعايش مع كلاب الأمن وهو صاحب
أجمل بسمة شاهدتها في حياتي ، فهرب من وحوش أم درمان إلى أبناء خورفكان
بالإمارات فاحترموه وأطلقوا عليه الأستاذ ، أما صلاح تركاب فقد لحق به
ولكنه لم يستطع التعايش مع أبناء الخليج فعاد إلى وطنه  ، وكان فنانا
قديرا في الإخراج وفن الديكور .
 .
ويوسف له أيضا مسرحية اسمها على ما أظن " الغول والغريب  " وفعلا كانت
غولا ، إلى جانب سودنته الرائعة  لمسرحية الكاتب والشاعر الإسباني
فيديركو غارسيا لوركا "  بيت بيرناندا إلبا  " وكانت بإسم " بيت بت المنى
بت مساعد ، زارني في الكويت وقضى معي ثلاثة أيام كانت من أحلى أيام حياتي
، فغضبت مني زوجتي الراحلة المخرجة السينمائية حوريه حسن حاكم لوجودها في
قاهرة المعز  ،  ويوسف له فضل كبير علي لأنه فتح لي الطريق لمعرفة أثنين
من عمالقة المسرح العربي والإسباتي وأعني بهما محمود دياب
 ولوركا ، لدرجة أني إنزويت في مكتبة خالي الراحل المقيم الفكي عبد
الرحمن وقرأت جميع أعمالهما باللغة العربية .
الحديث يطول ويطول
ولكن !

الأحد، 22 يناير 2017




 

        صفحات هامة من تاريخ المسرح السوداني
بقلم : بدرالدين حسن علي
سيكون جدلا عقيما إذا ما ظللنا نتعارك هل :  نسميه المسرح في السودان ؟
أم نسميه المسرح السوداني ؟ سيكون مدعاة للضحك والسخرية وجدلا بيزنطيا
إذا ظللنا نقول ونردد أيهما أولا البيضة أم الدجاجة ، إلى متى نردد المثل
الشائع : عينك للفيل وتطعن في " ضلو " وبالمثل سيقى أمرا مضحكا أن تكون
معركتنا : متى بدأ المسرح في السودان ؟ في قديم الزمان أم في الثلاثينات
من القرن الماضي ؟ نحن نحب الماضي لأنه ذهب، ولو عاد لكرهناه
درست على مدى سبع سنوات ضمن ما درست مادة النقد المسرحي بالتركيز على
كتاب المسرح السودانيين والعرب والإفارقة وكتاب المسرح العالمي منذ جدنا
الكبير الإغريقي  سوفوكليس إلى أصغر كاتب في عام 2017 ،  ، قرأت الكثير
جدا من الكتب المسرحية والمقالات في شتى المجالات المسرحية ، قرأت الكثير
جدا من المسرحيات من جميع الثقافات المسرحية في العالم ، قرأت وقرأت ولكن
إهتمامي بالمسرح السوداني لم يتوقف إطلاقا ، قمت بتدريس  فن وتاريخ
المسرح في السودان وعدد من البلدان العربية ، أنشأت الكثير من الفرق
المسرحية كان الشرط الوحيد الذي أطرحه : مسرح جاد ، وهي مقولة في باطنها
الكثير المثير .


 إن  جميع العاملين في المشهد المسرحي السوداني يعانون ، كما عانى
أساتذتنا  القدامى والكبار أمثال  الفاضل سعيد ، الجعفري ،  عثمان أحمد
حمد ، إسماعيل خورشيد  محمود سراج، أبو العباس محمد طاهر   ولكل شيخ
طريقته ، الفكي
عبد الرحمن ، مكي سنادة ، صلاح تركاب ، حسن عبد المجيد ،
 عثمان قمر الأنبياء ، عثمان جعفر النصيري ، يوسف خليل ،  يوسف عايدابي ،
حمدنالله عبدالقادر   ، هاشم صديق ، عوض صديق ،عبدالهادي الصديق ، محمد
رضا حسين ،  آسيا عبدالماجد ، فتحية
محمداحمد ، تحية زروق ، نعمات حماد ،
بلقيس عوض ، منى عبدالرحيم   وجيش جرار من الصعب ذكرهم  جميعا فأرجو
المعذرة  ، ومع ذلك يتمسرحون ويضحكون ويشخصون ويسخرون ، وبدأت الحياة
تعود قليلا إلى المسرح السوداني رغم الظروف الصعبة التي يعيشها أهل
المسرح ، بل حقيقة التي يعيشها الشعب السوداني .
في غمرة هذه الظروف الصعبة شاهدت  عددا من المسرحيات السودانية  ، وقرأت
للجيل الجديد من المسرحيين دون أن يصيبني أي شكل من أشكال الملل أو
الغضب
 ، كما شاهدت مسرحية "  النظام يريد تغيير الشعب " وهو الإسم الذي طالب
به الجهاز الأمني ، حيث لا يخفى عليكم أن الإسم هو " الشعب يريد إسقاط
النظام " عرض مسرحي يحكي الواقع السوداني ، ويسلط الضوء على الأوضاع
السياسية التي تشهدها الساحة السودانية في إطار ساخر ! وتشكل المسرحية
عودة الحراك المسرحي وتفاعله مع القضايا
السياسية ،  وتذكرت تلك
التغييرات التي كان يطالب بها جهاز الرقابة في السودان  وخاصة سنوات جعفر
نميري على مسرحيات مثل : حكاية تحت الشمس السخنة ، المشي على الرموش ،
نبته حبيبتي ، الزوبعة ،حصار الخرطوم وحتى مسرحية الفاضل سعيد " أكل عبش
" لم تسلم من ذلك .
شاهدت المسرحية فضحكت من كل قلبي ، ليس فرحا وسرورا وإنما تذكرت ذلك
التاريخ الرائع العظيم للمسرح السوداني في ستينات و سبعينات القرن الماضي،
 وقرأت الكثير من المقالات النقدية عن المسرحية وسررت لعودة الجمهور
السوداني للمسرح ، فرحت نعم ، ولكن حزنت كثيرا للأوضاع المؤلمة التي
يعيشها كبار فطاحلة المسرح أمثال مكي سناده ، ابراهيم حجازي ، صالح
ألأمين أحمد ، صلاح
 تركاب ، محمد شريف
علي ، تحيه زروق ، وقائمة طويلة من
أبرز الفنانين المسرحيين السودانيين ،لا أحد ينكر عدد المسارح التي بنيت
ولكنه يعشعش فيها الطير ويسكنها البوم ، أفلأجل هذا صرفت عليها تلك
الأموال الطائلة ، الوضع مأساوي بمعنى الكلمة ، والمسرحيون يقولون نصف
الحقيقة ، فجهاز الأمن يراقب حتى الذباب في حركته وبحثه عن قطعة سكر في
زمن إختفت فيه سلعة
السكر ، وأصبح السكر قاصرا على أصحاب البنايات
الشاهقة .




نحن نمشي في جنازة المطر

كثيرة هي المسرحيات السودانية التي منعت من العرض بدءا من ” المشي على
الرموش ” للفنان المسرحي السينمائي ابراهيم شداد ، ” مرورا بمسرحية ”
نبته حبيبتي ” للكاتب المسرحي الممثل الشاعر هاشم صديق وليس أخيرا مسرحية
” حكاية تحت الشمس السخنة ” للكاتب المسرحي الروائي الفنان التشكيلي صلاح
حسن أحمد ، إلى جانب مسرحيات واجهت بعض المصاعب مع الأجهزة الأمنية خاصة
للفترة من ” 1969-1985″ وهي الفترة التي حكم فيها جعفر نميري السودان ،
ومن المدهش أن هناك نصوص مسرحية أجازتها لجان النصوص بالمسرح القومي بأم
درمان ولكن لم تعرض على خشبته ، والمجال يضيق لذكرها جميعا .
من المسرحيات الشهيرة التي لم يشاهدها الجمهور السوداني مسرحية ” نحن
نمشي في جنازة المطر ” للكاتب المسرحي الشاعر عمر الطيب الدوش ، وعلى ما
أظن أن نص المسرحية مفقود ولكن مقتطفات من المسرحية ما تزال مع الناقد
صلاح العالم أحد أصدقاء عمر الطيب الدوش ، ولعل نبتة حبيبتي وجدت حظها من
النشر عنوة واقتدارا بجهود كاتبها، الأمر الذي يجعلها في متناول يد
الباحثين والنقاد ” مسرحية " نحن نمشي في جنازة المطر ” عرضت سرا على
مسرح الفنون الشعبية بأم درمن وحضر العرض عدد كبير من عشاق المسرح مما
عوض عن عرضها سرا وهو قطعا قرار خاطيء تماما وكشف عن غباء الجهاز الأمني
وما يكنه من عداء للمسرح ، وقد صدقت نبوءة المسرحي الشاعر نجيب سرور الذي
قال يوما ” أرني المسرح في أي بلد أقول لك نوع النظام فيه ” وحاليا الأمر
لا يختلف بل أسوأ
من مسرحية “نحن نمشي في جنازة المطر “
عمر الطيب الدوش
هذا أنا
أبن المجاعات المررن على البلاد
سرقتني الأفكار من حضن أبي
تحرقني أرصفة المدينة كأنني جريدة مصادرة
وفي العمارات الكبيرة.. ذات المراوح الكثيرة
والأبهة السادرة
أفتش الرزق والتاريخ والبنات الضائعات
ولست حاذقا في هذا.. ولا أدعي فيه المهارة
وقبل أن تصفعني المشاكل المهاجرة
جاءتني ذات يوم لا أذكر أي يوم
حبيبتي ذات العيون المصفقة
تسألني عن ثمن العشاء في إحدى الفنادق
حدثتها أن تسألني عن ثمن البنادق
رأيت في عيونها.. إنني راكبا حصاني
مفصد الجبين يغلني الريح والمطر
وحين حدثتني عن الموت والخطر
أقتدتها قسرا إلى غرفتي الكئيبة
ضاجعت دهشتها الحزينة المريبة
وقلت لها بالشفاه المطبقة
صدقيني يا قبل أن تصفعني المشاكل المهاجرة
لم أكن هكذا لكنني أصبحت
لم أكن هكذا لكنني أصبحت
لم أكن هكذا لكنني أصبحت !!
ياذات العيون المصفقة
.
 .

عثمان جعفر النصيري ذكي جدا و "نضام " ومثقف جدا وموهوب جدا ، وقد شاهدت
له عددا من المسرحيات التي أخرجها على أيام المسرح الجامعي بجامعة
الخرطوم أذكر منها على سبيل المثال " العجكو " ،  مارا صاد للكاتب
الألماني السويدي بيتر فايس  ، والتي قدمها في ذات يوم من الأيام من على
خشبة المسرح القومي بأم درمان ، كما تشرفت للعمل معه كمساعد مخرج في بعض
المسرحيات أذكر منها مسرحية " مجلس تأديب " من تأليفه وإخراجه ، ومسرحية
" مأساة الحلاج " للشاعر المصري الكبير صلاح عبدالصبور .
كان الفكي عبدالرحمن دائم الحديث عن النصيري ، وعندما نجلس سوية لتناول
طعام الغذاء يكون موضوع " الونسة " النصيري ، وعندما عرف أنني أحبه قال
لي " إنت في السليم " ،  ولكن النصيري وسلمى تركا السودان إلى لندن - وهو
موضوع طويل ليس هذا مكانه – المهم تخرج النصيري في كلية East 15 للمسرح
وحاول أيضا أن يلحقني بنفس الكلية ولكن ظروفي الأسرية لم تسمح بذلك .
عثمان جعفر النصيري حصل على الدكتوراة عن جدارة وأصبحت كريمته عازة قامة
سودانية يشار إليها بالبنان في عموم بريطانيا ، وله أفضال كثيرة على
المسرح السوداني منذ كتابه التوثيقي الأول " المسرح في السودان 1905
-1915 " وحركته الدؤوبة في بريطانيا ومن بينها إخراجه لمسرحية " محمود "
عن شهيد القرن الماضي محمود محمد طه ، وقد أرسل لي " مشكورا " شريط فيديو
يحتوي على المسرحية ، واستمتعت بمشاهدتها ومشاهدة أصدقائي الممثلين .
إن أكبر مصيبة حلت بالمسرح السوداني -  رغم أنه كان طفلا يحبو -   التدخل
المريع لأجهزة الأمن في نشاطه ، وتفسيراتهم " الهبلة " لمضامين مسرحيات
تلك الفترة ، وحملة الفصل والتشريد ، والإتهامات الإعتباطية والتصنيف
السياسي البليد ،وخطابات ما يسمى بالصالح العام وهي خطابات في غاية
الرعونة والسخف ،   إذ لم تمر إلا سنوات قليلة مثلا على نشاط المسرح
القومي بأم درمان عام 1967  وبدأت حملة فصل هوجاء وقبيحة كان ضحيتها كاتب
هذه السطور، سلسلة من الكذب الفاضح مثل أنني عضو لجنة مركزية للحزب
الشيوعي ، رئيس مكتب الشباب للحزب ، والخطاب بتوقيع وزير دولة للإعلام
وهو بونا ملوال ، لم أنس أن آخذ الخطاب " الفضيحة " لكمال الجزولي
ليهنئني فضجك حتى وقع من كرسيه ،  وعدد لا يستهان به من المبدعين
المسرحيين والذي أدى لاحقا إلى هجرة الكثيرين إلى دول الخليج العربية ،
فقط للنجاة من سطوة الأجهزة الأمنية ، وفقد المسرح قامات كان يمكن أن
تضيء طريق المسرح بمصابيح لا تنطفيء مطلقا ، أسماء مثل عثمان جعفر
النصيري ،
 يوسف خليل ، هاشم صديق ، يحي الحاج ، صلاح تركاب ، يوسف عايدابي ،عمر
براق " نحن نفعل هذا ...أتعرفون لماذا ؟ "  ومحاصرته سياسيا ثم هجرته ،
محجوب عباس " السود "  ، عبدالرحيم الشبلي " أحلام جبرة "  ،  علي
عبدالقيوم ، " حفل سمر لأجل 5 حزيران "  شوقي عزالدين ، ابراهيم شداد ،
محمد رضا حسين  ، عزالدين هلالي ، عثمان قمر الأنبياء ، وحتى أجانب مثل
المخرج الفرنسي باتريس ماري الذي تزوج الفنانة والممثلة الرائعة تحية
زروق وأنجب منها أبنتها الوحيدة شيراز المقيمة حاليا في أمريكا بينما
باتريس يتنقل بين فرنسا وكندا وأمريكا ،   وقائمة تطول وتطول من أبرز
الفنانين


يوسف خليل هو الرقم الصعب في تاريخ المسرح السوداني ،  فإلى  جانب سودنته
الخرافية لمسرحية  الزوبعة كتب الخضر وجوابات فرح ، وكلاهما تعرضتا لهجمة
مسعورة من جهاز الأمن  ، ومضايقات كثيرة جدا تمثلت في المطالبات التي لا
تنتهي بالحذف والتعديل وتصنيفه كعدو لتورة مايو !!  المسرحيتان ا من
إخراج المبدع صلاح تركاب ، يوسف لم يستطع التعايش مع كلاب الأمن وهو صاحب
أجمل بسمة شاهدتها في حياتي ، فهرب من وحوش أم درمان إلى أبناء خورفكان
بالإمارات فاحترموه وأطلقوا عليه الأستاذ ، أما صلاح تركاب فقد لحق به
ولكنه لم يستطع التعايش مع أبناء الخليج فعاد إلى وطنه  ، وكان فنانا
قديرا في الإخراج وفن الديكور .
 .
ويوسف له أيضا مسرحية اسمها على ما أظن " الغول والغريب  " وفعلا كانت
غولا ، إلى جانب سودنته الرائعة  لمسرحية الكاتب والشاعر الإسباني
فيديركو غارسيا لوركا "  بيت بيرناندا إلبا  " وكانت بإسم " بيت بت المنى
بت مساعد ، زارني في الكويت وقضى معي ثلاثة أيام كانت من أحلى أيام حياتي
، فغضبت مني زوجتي الراحلة المخرجة السينمائية حوريه حسن حاكم لوجودها في
قاهرة المعز  ،  ويوسف له فضل كبير علي لأنه فتح لي الطريق لمعرفة أثنين
من عمالقة المسرح العربي والإسباتي وأعني بهما محمود دياب
 ولوركا ، لدرجة أني إنزويت في مكتبة خالي الراحل المقيم الفكي عبد
الرحمن وقرأت جميع أعمالهما باللغة العربية .
الحديث يطول ويطول
ولكن !



نافذة على المسرح / تشابك العلاقات بين فن التمثيل والاداء والشخصيةالتمثيل :
هو فن اللعب وهو كل مايتعلق في الحركة والصوت والنص - الحوار - وفيه ايضا دراسة للجوانب النفسية والاجتماعية مع تدريبات متتالية في مختلف الاساليب التي يمارسها الممثل عبر شخصياته المختلفة
وكما نعرف ان التطور التاريخي للفنون الجميلة وما احدثه من متغيرات فيها بشكل عام وفن التمثيل على مستوى تقنيات الممثل بشكل خاص ...لم يعد فن الممثل او التمثيل يعتمد على الموهبة فقط انما هناك الارادة القوية -- للانسان الممثل -- والتي ترتبط في عملية الابداع الفني وعمل الممثل نفسه ونشاطه الذي يعتمد على الجسد والحركة بالاضافة الى جهده والبحث عن ماهو افضل من خلال عملية الاستعداد والامكانات التي يتمتع بها والتي تتطور و تنمو عبر مفهوم التدريبات والتمارين المستمرة -- للجسد -- لاتقان الحركة وما يصاحبها من افعال وردود افعال والتي تبهر المتفرج وتثير اسئلة كثيرة لديه .
اذن كيف لنا ان نحدد امكانات هذا الممثل وابداعاته و ادواته التي يستخدمها في تقديم سينوغرافيا جسدية متلونه ومتعددة لكونه حامل الخطاب المسرحي وله مثل ماعليه ...
لابد لنا في هذه النافذة التاكيد على اهمية فن الممثل وهو يقف على خشبة المسرح ليقدم لنا قدراته في التركيز والانتقال في الخيال الى اماكن بعيدة ليتمم في ذلك عملية التواصل مع عوالمه الخارجية ويجسدها في الحركة والجسد والصوت وتقنياته الاخرى التي اكتسبها بالفطرة او الدراسة او الموهبة ...
وهنا نتساءل هل ان فن التمثيل هو موهبه ام دراسة ام الاثنين معا ؟
كيف يمكن ان تحدد وتضع الصفات الشخصية ( للشخصية المسرحية , اي الدور) ؟
الاحساس بالصدق عند الممثل في تقديم الشخصية .. ماله في التمثيل وما عليه ...
من خلال دراستنا للشخصية في المسرح على مر العصور , تعرفنا الى الكثير من الشخصيات المسرحية مثل أوديب- أجاممنو- هاملت - عطيل - .... الى اخره , وايضا تعرفنا على سلوك العديد من الشخصيات المختلفة والمتباينه كتبت من قبل كتاب عالميين امثال : شكسبير- وشيخوف - ومارلو - وشللر- ولوركا - وغيرهم.
بعد ظهور ستانسلافسكي صاحب اهم منهج ومدرسة في فن ( التمثيل ) ثم مجيء بريشت بمنهجه المختلف عنه بدأت الشخصية المسرحية تأخذ منحى اخر ايضا ومغاير لما كان ماقبل ستانسلافسكي وبرشت , بعد ذلك بدأ الاعتناء بالشخصية وأزيائها ومكياجها وسلوكها , وايضا اخذ بنظر الاعتبار وعي الشخصية والقدرة على تطورها ثم استيعاب التعليمات والتمارين التي تمارسها هذه الشخصية وفقا للجو التي كانت تعيش به .
لذلك ظهرت ضوابط ومسلمات للقيام بفن (التمثيل ) لاي دور من قبل الممثل ...واعتبار الممثل خالق للشخصية على خشبة المسرح . ان خلق الشخصية في مواصفات متعددة الوجوه لاتقدر بثمن ومن الضروري ان تقدم للجمهور من خلال حالات فنية ابداعية حتى تحفر في الذاكره .
ولابد واقولها هنا جازما : ان يكون الممثل واعيا ومثقفا ويعتمد آلية تمثيل متطورة --ولا يكون متخشبا لاحياة فيه -- ,بل عليه ان يكون يقضا وحساسا وغير اندماجي.. أن يراقب نفسه اثناء العرض المسرحي --اي اثناء عملية التمثيل -- لكي لايسبق الشخصية ولا يتخلف عنها ويحدث ارباك في عملية التقديم بالاضافة الى ان يتمتع الممثل بخيال خصب وان تكون مخيلته خصبه ومتقدة و ايضا من صفاته ان يتمتع بسرعة البديهية .. و حتى يستطيع ايضا ان يسبر غور الشخصية التي يراد تمثيلها من خلال التعرف الجيد على كل الابعاد التي تتمتع بها تلك الشخصية .. يعني بمعنى اخر ان تكون هناك دراسة معمقة في جوانب الشخصية المهمة (البعد الطبيعي البعد الاجتماعي البعد النفسي ) وعليه ايضا ان يعي تاريخ الشخصية وتطورها في مراحلها الانسانية .
الشخصية وعلاقاتها المتشابكة :
ان الشخصية هي الاساس الجوهري للنص وهي القلب النابض للحكاية لذلك قبل البدأ بأي شئ لابد من التعرف بشكل جيد على اسلوب او جوانيات الشخصية وعلى صفاتها واوضاعها ... هنا يطرح سؤال ... من هي الشخصية ؟ وعن اي شئ تتحدث في العرض المسرحي ؟.
كما معروف لابد ان نتعرف على الحياة الداخلية للشخصية التي تبدأ من الميلاد وحتى لحظة العرض المسرحي ونعتبر بذلك الخطوات الاولى التي تكون الشخصية , ثم نحدد ونعرف صفات الحياة الخارجية للشخصية التي تبدأ من اللحظات الاولى للعرض المسرحي الى نهايته .
وعلى طول فترة العرض المسرحي سوف تنكشف لنا الشخصية ومحدداتها وصفاتها من خلال مؤشرات مهمة جدا توضح لنا مايلي : اين ولدت ؟ اين تعيش ؟ علاقاتها مع الاخرين , نتابع حياتها العاطفية والاجتماعية , وكذلك علاقات هذه الشخصية مع الاخرين في ديمومة تفاعلها سوأ كانت ودية طيبة او عدائية شرسة او ايضا بطريقة مختلفة وهنا نعني عملية الصراع اي الدراما , وتفاعل الشخصيات مع نفسها ايضا .
ان النظر لمفهوم تحديد الصفات للشخصية المسرحية لابد وان يقودنا الى معرفة مكوناتها الذاتية والخاصة والمهنية , وطريقة عيشها واسلوبها بالحياة ماذا تعمل من اين تعيش كيف تتعامل مع الاخرين علاقاتها طيبة بهم ام سيئة ؟ كل هذه الاسئلة تنطرح حينما نتحدث عن كيفية وضع محددات وصفات للشخصية المسرحية .
نحن في المسرح نقوم بعملية استكشاف لكل العلاقات التي ستلعب الشخصية ---الدور--- لها نبحث عن الاحوال الشخصية : متزوج . او متزوجة / مطلق او مطلقه وهكذا / اعزب / منفصل / ناخذ مشكلة الحالة التي تعيشها الشخصية وهل هناك عقدة معينة في حياتها أقصد هنا ( الشخصية ) علاقاتها الغرامية ان وجدت . الحب والكراهية الهوايات التي تهتم بها من هذا كله يصبح لنا غطاء واسع ومهم من المفردات والمساحة الكبيرة للتعرف على مفاصل حياة هذه الشخصية وبالتالي نبدأ بتحديد المعوقات والعقبات التي نضعها لها لكي نبدأ بعملية الصراع اي الدراما كما قلنا سابقا .
وبهذه البداية سنرى ان الفعل الدرامي هو الاساس للشخصية والشخصية هي الفعل لذلك ويتم تجسيد الشخصية بالعرض المسرحي وتحديد حاجتها وتحديد وجهات النظر فيها وبعد تحديد هذه الصفات نتاكد ان كافة الشخصيات لديها وجهات نظر محددة فردية .وكذلك يعني لنا الفعل الدرامي كيف تسير الاحداث بتفاصيلها المختلفة بحيث تجعل من الفعل عبر الشخصية للوصول الى نتائج امرا واقعيا لان لكل حدث سبب منطقي تفعله هذه الشخصية او تلك ويعتمد هذا في بناء الحدث على الاثارة والتشويق الذي ينبع من تلك الشخصيات .
ومن قرائتنا للشخصية ولتحديد صفاتها نجد بانها : موقف وهي سيرة ذاتية مميزة للشخص وهي ايضا سلوك , ويعتبر السلوك هو الحدث الدرامي لان جوهر الشخصية يعني لنا الحدث الدرامي هذه الصفات والعلاقات التي ذكرتها ترتبط ببعضها البعض وتتداخل الواحدة بالاخرى اثناء عملية بناء الشخصية وتحديد شكلها وبعد ذلك يتضح لنا مايلائم فعلا بناء هذه الشخصية او تلك.
ان التفكير المتصل في الشخصية امرا لابد منه وكذلك لابد من الاخذ بالاعتبار ان الشخصية (تتغير اثناء العرض المسرحي ) فمن الضروري اعادة صياغة الافكار لكي لا يكون هناك جمودا في مواقف تلك الشخصية .
ان حب الشخصية في العمل من قبل الممثل يحقق - التقمص او الاندماج - بين نفس الممثل والشخصية التي يمثلها وهو يقودها بنفس الوقت الى التمييز بين ماهو عرضي غير هام وبين ما هو يشكل جوهر الانسان ذاته , وهذا الجوهر الذي يبنى عليه الفعل المتداخل في الدور .
ثمت سؤال يطرح نفسه بعلاقة مهمة حينما نقول هل هناك فرق بين فن التمثيل والاداء المسرحي والاجابة عن ذلك تقودنا الى نقول ان فن التمثيل هو حالة تشخيص أحدى الشخصيات الخيالية والتي لها أسس واقعية ومن محض فكر المؤلف , وهي حالة أقتباس من الشخصية وحقيقتها وهي-- ليست في الممثل وانما في الشخصية المراد تشخيصها -- .
ولابد ان نشير الى ان هناك طريقتين في المسرح طريقة تقديمية ونعني بها الاداء والثانية التمثيلية . أن طريقة الاداء هي طريقة قديمة كلاسيكية تحاكي أو تقلد طريقة الشخصية وما مأخوذ عنها وعن سلوكها المعروف .
و التمثيل يأخذ طريقة التقمص وأضافة سلوك ومعرفة الممثل من حيث تصرف الممثل في التمثيل اي يعني بالخيال والتخيل في حبل القيادة في الوعي وفي الايهام .
ولابد ان يملك الممثل تقنيات عاليه في عمله ...لاان تقنيات الممثل ووضعية جسده في الاداء يعطي مكانة كبيرة له كمرحلة تسبق التعبير وتحدده .
في الاداء المسرحي يستعيض الممثل بالنظرات بالاءيماءات بالتلميحات بوسائل اتصاله الصوت , الحركة ,الانفعال , ويزداد تأثيرذلك على المتفرج .
وفي عمل الممثل الجيد الذي عليه ان يقدم فن التمثيل من دون ان يتلاعب بماهية الشخصية المرسومة له وكذلك ان يتكيف مع الاحداث بدون ان يؤثر سلبا على صفات الشخصية ,يتمتع بمستويات عديدة من المشاعر اثناء اللحظة الواحدة لا ان يشرد وتسبقه الشخصية ..وهو في عملية تركيز مستمرة تكون له المقدرة على الانتقال في لحظات متعددة بين الكلمات والافعال والمشاعر . ولابد له من يكون دافئ وحساس وان يعرف كيف يقدم الفن واين يخفيه يعرف اين يقدم ماهو صغير وماهو كبير , ان سيطرته على جسمه وحركاته وصوته يعطي له الانطلاق اي يعني الابداع والتالق .
ان تدريب الممثل على اللياقة العقلية والبدنية والنفسية هو القصد بأعداده لأداء أدواره
بطريقة علمية وفنية تعتمد على الإعداد الأولي والإعداد الثانوي والإعداد النهائي مع احترام القراءة الصوتية وتحسين النطق والقراءة الحركية والارتجال واستجماع الأحداث الدرامية وتحديد أهدافها والظروف المحيطة بها والالتجاء إلى الذاكرة الذاتية والتسلح بالمؤثرات العاطفية والوجدانية الشخصية لمعايشة الدور الجديد.
ولابد أن يعرف الممثل الشخصية التي يحاول أن يقوم بها أو يحققها على خشبة المسرح. ويجب أن يعرف أين موضع شخصيته بالنسبة للزمان والمكان والظروف الشخصية التي تسبق أحداث الشخصيات الأخرى ومواقفها، ويجب عليه أن يكون قادرا على الإفادة من تجربته الماضية في الحياة لمعاونته على إعادة إيجاد الحدث الحالي، الذي يرشح عن طريق الظروف، ويحدده الهدف...
ان الممثل الجيد الذي يستخدم جسده بشكل مقنع ورائع لابد وان يكتشف ما هو مجهول من خلال الطبيعة الانسانية التي يتمتع بها حتى ينمي حركته بشكل جيد ومن اجل خوف الجسد او ازالة اي خطر في نفس الوقت من خلال الثقة التي يتمتع بها والتي تاتي من خلال الحضور في تجربة التمارين لكي يستطيع انجاز الفعل الحقيقي في العمل والحركة على خشبة المسرح ... لانه من دون تمارين فعليه سيكون هناك خللا كبيرا في منظومة الجسد والحواس ... لان التمارين الرياضية تعطي نتائج فيها قمة التناسق في بناء شكل الجسد ومرونته وبالتالي يستطيع عبر التمارين السيطرة على التنفس كما في تمارين اليوغا التي تحبس النشاط الجسدي والحركة كما في النوم اثناء اليقظه وتعطي بذلك افضل النتائج الايجابية ومن ثم الاحتفاظ بالتوازن المستمر للجسم مع الفعل البشري .
لان جسد الممثل عندما يكون بنك من التدفقات الحيوية والطاقات المتعددة سوف لن يواجه مشاكل ولا صعوبات في عملية التقديم...
ومتى ما يصبح جسم الممثل عبارة عن تيار من الاندفاعات التي تتدفق بشكل ساحر نراه متالقا بوصوله الى حالات الصدق والاحساس التي تحتوي على انسانية تشعر بكل ماهو محسوس ويتم ذلك عبر الدخول في الاعماق الداخلية للشخصية وسبر اغوارها ...
الممثل ماله وما عليه ......
ان التمثيل يعتمد على الحالة الداخلية للمثل في حين الاداء القديم يعتمد على المظهر ,وان التمثيل يتسم بواقعية وطبيعية لسلوكية الانسان اليومية وايضا فيه التقمص والاندماج والانتباه في حين ارى ان الاداء يكون متكلفا ويعتمد المبالغة وايضا يعتمد التكليف في التقديم .
واجد النكهة في التمثيل . نكهة خاصة جدا بكل ممثل يضيفها على اي دور يلعبه .
مثال على ذلك :
لو لعب عشرة ممثلين الدور نفسه لقدموه بعشرة طرق مختلفه ..... أما الاداء فهو منسوخ من بعضه وكأنه أقنعة تلبس حسب نوع الشخصية , ولم تكن تلك الاقنعة شديدة التنوع بل تكاد تنحصر بنوعين هما قناع الشر وقناع الخيرو بشكل عام جدا .
أن الشخصيات التي تقدم عن طريق التمثيل تكون اكثر حقيقية وتبدو متعددة الابعاد أي لها وجود مكتمل وقائم . بينما في الاداء تكون الشخصيات مجرد جزء من الشخصيات تبث فيها الروح في البداية كما أسلفت سابقا وتموت في النهاية .
أن التمثيل يستفيد من جوانب الحياة او من جوانب الشخصية التي لا تظهر بالضرورة في النص مثل الجانب النفسي والذهني والاجتماعي . فيكون التمثيل في هذه الحالة أشبه بتلبس حالة انسانية اي حالة انسانية بالكامل وليس فقط تقليد تصرفاته الخارجية.
الاداء لا يقنع ولا يوصل البعد الانساني .... بل التمثيل هو الذي يكون مقنعا ويقدم اوجاع وسعادة لا متناهية للبشر , وايضا دخل التمثيل في التطور واصبح علم راقي وبالتالي وجدت للمثل آلية مهمة قدمها وقام بالتنظير اليها المبدع ستانسلافسكي الذي وجد بها الاندماج والتقمص والخيال والتخيل وحبل القيادة كما اشرت ايضا في معرض شرحي عن التمثيل والاداء . محاضرات تمهيدية فى فن التمثيل
ماهية التمثيل
يتساءل  معظم العاملين فى الحقل الفنى  ما هو التمثيل ؟
والحقيقة انه لا توجد عدة تعريفات للتمثيل تتمحور معظمها حول ( الخروج عن إهاب الشخصية والدخول فى إهاب شخصية أخرى )وهو تعريف ينطوى على عدة وظائف منها:
الخروج من شخصية الممثل اى ان الممثل ينسى نفسه ولكن ليس نسيانا كليا إذ يحتفظ دوما الممثل بشخصيته الحقيقية بنسبة تختلف هذه النسبة فى درجتها من ممثل لأخر اى الإحتفاظ بوعى الممثل وانه يمثل شخصية أخرى
الدخول فى إهاب شخصية أخرى اى محاولة الإتساق بالشخصية الدرامية  والتظاهر بها وذلك بمحاكاة طريقة كلامها وطريقة حركاتها وسكاتاتها  اى رودود أفعالها فى لحظات الصمت
واهاب الشخصية اى جلدها والممثل فى محاولته الدخول فى الشخصية الدرامية يدخل تحت هذا الجلد اى يحاكيها او يماثلها تماما محاولا الوصول للكمال
وليس المقصود بالمثل ان المماثلة هى التمثل ولكنه فقط من باب المحاكاه او التشبه
ويختلف التشخيص عن التمثيل فى ان التشخيص مشتق من لفظة الشاخص اى الشئ ذو البعد الواحد ولكن التمثيل يعتمد على التجسيد اى إعطاء اكثر من بعد للشخصية المقدمة والتمثيل تشتق من التمثيل اى صنع التمثال ونحته وتفاصيله
    المحاضرة الثانية
         أدوات الممثل
ما هى أدوات الممثل ؟
من المعروف أن لكل مهنة أدواتها أو الألاتها اللازمة لعملها كالنجار مثلا او الحداد لكل منهما أدواته التى يستخدمها فى حرفته ولا يستطيع القيام بمهنته من دونها كذلك الممثل له أدواته وهى تنقسم الى قسمين :
الأدوات الأساسية وبدونها لا يستطيع القيام بعمله
وأدوات مساعدة من الممكن الإستغناء عنها والعمل بدونها
الأدوات الأساسية تتمثل فى جهازين أساسين هما
الجهاز الخارجى وهو عبارة عن الجسم والصوت
والجهاز الداخلى ويتمثل فى الأحاسيس والمشاعر والإنفعالات وسوف  نفصلها بشكل دقيق
اولا الجهاز الخارجى :
أ-الجسم وهو جسم الممثل الذى يبدو أمام المشاهدين وينقسم الى ثلاثة مناطق اساسية
كايماءة بالرفض أو بالقبول بشكل افقى او رأسى او تعبير من قسمات الوجه
ب- الصوت وهو التعبير الذى يميز كل شخص عن أخر وهو يختلف من ممثل لأخر فى الدرجة والنوع والطبيعة وهو ينتج عن مرور الهواء بالأحبال الصوتية  قبل خروجه من الفم
ثانيا : الجهاز الداخلى : الأحاسيس والمشاعر والإنفعالات وهى مصطلحات تقترب من بعضها وتكاد تتشابه الا من فروق جوهرية
المحاضرة الثالثة
    الشخصية الدرامية
كيف نمثل الشخصية ؟
اى شخصية درامية مكتوبة سواء فى المسرح او السينما او الأذاعة لابد ان تتوفر فيها ابعاد اساسية
اولا : البعد المادى : وهو البعد الظاهرى والذى يميز الشخصية عن غيرها كالطول والحجم ولون البشرة وهل بها إعاقة جسمانية او تلعثم فى الصوت او فى الكلام
ثانيا : البعد الإجتماعى : وهو يخص حالة الشخصية الإجتماعية هل هو أعزب او متزوج او أرمل ودرجة ثقافتها وتعليمها ودرجة ثراءها وما هى شبكة علاقات الشخصية
ثالثا : البعد النفسى : وهو يخص الحالة النفسية والمعنوية للشخصية وهل بها اعاقة نفسية او عصبية ام هل الشخصية سوية  وهل مرت الشخصية بأزمات نفسية او عقد نفسية طفولية 1- منطقة الراس   2- منطقة الجذع       3- منطقة الأطراف 1-      منطقة الرأس وهى المنطقة التى تعلو الكتفين حتى أطراف الشعر واى تعبير يصدر من هذه المنطقة يسمى إيماءة 2-      منطقة الجذع وهى المنطقة التى تختص بتغيير الإتجاه او زاوية اتجاه الجسد واى تعبير يصدر من هذه المنطقة يسمى اتجاه فمثلا يتجه ناحية اليمين او ناحية اليسار 3-      منطقة الأطراف وبها الذراعان والقدمان فالتعبير الصادر من الذراعان يسمى إشارة فمثلا يشير ناحية اليمين او يشير ناحية اليسار والتعبير الصادر من القدمان يسمى حركة كالحركة الى الأمام او الى احد الأجناب او الى الخلف
قرائة في منهج ستانسلافيسكي في فن التمثيل واعداد الممثل
مقدمة

الروسي ستانسلافسكي اول من وضع نهج الممثل و ملامحه الحقيقة و كتابه  (اعداد الممثل) و غيرها من مؤلفاته اساسيات يصعب على أي ممثل الاستغناء عنها (و كما يطلق عليها دستور الممثل)..

ستانسلافسكي انه كان يردد :

أن الممثل يختلف عن العازف أو راقص الباليه أو غيرهما من الفنانين في أنه "محروم من التمارين، لأنه لا يدري كيف ينبغي له أن يتمرن، فهو لا يعرف العناصر التي يتألف منها فنه، وليست لديه نظرية". وقد أنفق حياته الفنية المديدة باحثاً عن هذه "العناصر" التي يتألف منها فن الممثل وعن المقدمات الضرورية لخلق أدوار حية، مقنعة على المسرح .

يحدد ستانسلافسكي مسبقا هدف البحث فيالمضامين وأفعالها من خلال التمرين مع الممثل قبل صعوده على الخشبة . وكيف عليه أنيكون مقنعا مقبولا متلائما مع نفسه دوره بكامل شكلا ومضمونا و بمنطق لا يقبل الشك ،يحتم عليه أن يعيش الواقع على المسرح لا أن يمثله ، هذه الحتمية تلزمه أن يكون حيا، حيويا ، يتنفس الحياة بصدق ويضفي على الخشبة حضورا حيا ، ذو نظام يستند إلىالقوانين الطبيعية في الحياة ، شرط امتلاكه التلقائية المطلوبة على المسرح . التيتجعل من الصعوبة عادة ، وعادة سهلة تمتزج مع شروط التمثيل في ، المزاج ، الضبط ،العدالة ، الابتعاد عن الميكانيكية . وهنا يكمن الإبداع في مفهوم ستانسلافسكي : (أنتكون طبيعيا) ذا موهبة للوصول إلى شخصية الممثل الناجح الذي يمتلك الشروط التيحددها ستانسلافسكي والتي يعتبرها مهمة جدا في فن التمثيل.

لقد أكد ستانسلافسكي في أن المعرفة الإبداعيةهي وحدها أساس نظامه وهي وحدها التي تقود إلى الصدق ، وان المعرفة الحقيقية لها هيالتي تخلق الربط بين الدرس (المسرحية) والممارسة (التجسيد) في رصانة عمل الممثل ،وبالتالي التزام القيم العليا في العرض المسرحين ، لقد نجح في تشكيل جوهرالتقاليد التقدمية لفن المسرح الواقعي.

. كما نجح في ترصين روح التجريب الخاصبفن الممثل والتكنيك الخاص بعمله على الدور ومع نفسه .
 تمكن من توضيح طرقالتحولات التي توصل الممثل إلى الأساليب التي تساعده في التجسيد والمعايشة على خشبةالمسرح .

هذا الامتزاج للنظرية (ألنظام) و تطبيقها هما اللذان شكلا البناءالعظيم الذي أسس له ستانسلافسكي وطوره من خلال عمله الطويل ، مربيا ، ومخرجا فيالحياة ، والمسرح.

وقد قسمت هذه القراءة بعد المقدمة الى:

§        منهج ستانسلافسكى فى التمثيل .

§        اهم ما جاء فى كتاب اعداد الممثل .


الانارة بالنسبة للمبدعين
درس مهم بالصور للتحميل


lumiere_pour_meteur_en_scene_v3_ar.ppt
Download File



ماهية المسرح







النص المسرحي
والمقصود به النص الدرامي المكتوب لتقديمه على خشبة المسرح، وهو عبارة عن حكاية تصاغ في شكل أحداث وشخصيات في زمان ما ومكان ما ، ويؤديها ممثلون أمام جمهور باستخدام عناصر العرض المسرحي

أولا عناصر النص المسرحي

وهى التنظيم العام لأجزاء المسرحية ككائن حي متوحد قائم بذاته،وكل مسرحية حتى ولو كانت تنتمي لتيار العبث لا تخلو من حبكة، وهى ببساطة ترتيب الأجزاء التي تتكون منها المسرحية
الحيل البنائية للحبكة
أ-التقديمة الدرامية أو العرض
وهو الذي يقع في بداية المسرحية ، ويقدم فيه الكاتب معلومات عن مكان وزمان الحدث وعلاقة الشخصيات يبعضها البعض والخلفية الاجتماعية
ب-نقطة الانطلاق
وهى اللحظة التي تبدأ الأحداث فيها با لتصادم
ج-الحدث الصاعد
سلسلة متتابعة من الأحداث تقود إلى جملة من الأزمات تتمركز في ذروة التأزم
د-الاكتشافات
وهو اكتشاف أشياء لم تكن معروفة من قبل..
مثال: اكتشاف أخ بان شقيقه يحب صديقته أو اكتشاف البوليس لبصمات اللص، أو اكتشاف معلومات جديدة تساعد في تطوير الأحداث ورسم الشخصيات
ه- التنبؤ أو التلميح
وهو تقديم كلمة أو إشارة ،أو فعل يهيئ الذهن لما يمكن أن يقع في المستقبل
مثال:الشخص الذي يجن في نهاية المسرحية ، لا بد وان يقع في المسرحية ما يمهد لذلك في بداية المسرحية
و-التعقيد
وهو وقوع مايعرقل سير الأحداث
مثال
اصطدام البطل بشيء معارض يدفعه إلى التصارع معه..وعلى هذا فالتعقيد نتاج العامل الذي يتدخل في سير الحدث لتغيير مجراه
ز-التشويق
وهو إثارة اهتمام المشاهد عن طريق إحساس داخلي من القلق الممزوج بالمتعة ،وهذا الاهتمام يخلق ترقبا لفترة محددة يعقبها إشباع وراحة من التوتر
ح- الأزمة:
وهى لحظة التوتر التي تسببها القوى المعارضة ،وتؤدى إلى ترقب في تحول الحدث الدرامي
ط-الذروة
وهو وصول الأحداث إلى شكل معقد يحتاج على قمة ذات نقطة حاسمة تحتاج إلى تفجير
ى-الحدث الهابط
ونتأكد فيه سوء حظ البطل أو نجاحه السا ر
ك-الحل
وهو نهاية هبوط الفعل بعد وصوله إلى ذروة التأزم
مثال: ويتمثل في وقوع الفجيعة إذا كانت مأساوية ، أو في نهايتها السعيدة إذا كانت ملهاوية ويجب أن يكون الحل نتيجة طبيعية للأحداث وليست مفتعلة

وهى التي تؤدى الأحداث الدرامية في النص المكتوب

أبعاد الشخصية المسرحية
ا-البعد المادي
ومعناه الكيان الفسيولوجي من حيث تركيب جسم الشخصية
مثال
الخطوط الرئيسية في رسم الشخصية المسرحية يمكن أن تتمثل في الجنس ، السن ، الطول، الوزن، المظهر العام:قبيح،جميل ، مشوه
أ-البعد الاجتماعي
ويحدد الوضع الطبقي للشخصية في المجتمع من حيث البيئة ن الدخل المادى،المهنة،الهوايات، العادات،...الخ
ج-البعد النفسي
ويتمثل فينا تقوله الشخصية وفيما تفعله من نوعية اللغة وطريقة الأداء،ودرجة الصوت، وإيقاعاته، ومدلولات الكلام من عاطفة ،وتفكير لا شك يسهم في تصويرها، فالأفعال الظاهرة تعبر عن الانفعالات الداخلية، وتدل على استجاباتها وعواطفها وانفعالاتها ومعاييرها الأخلاقية

وهو يدل على المغزى العام والجانب العقلي والانفعالي في المسرحية ككل،وكل مسرحية مهما كانت ضعيفة الشأن لا تخلو من وجهات نظر وعواطف تفصح عن أفعال الشخصيات وأقوالها

و وهو الحوار الذي هوالأداة الأساسية في المسرحية، وتتم في صيغة شعرية ، أو نثرية، أو فصيحة أومتمازجة..
ثانيا أشكال النص المسرحي
والشكل هو تنظيم أو صياغة العمل المسرحي تبعا لرؤية كاتبه،وأهم هذه الأشكال ثلاثة تتفرع منها أشكال أخرى وهى

وهى عبارة عن مجموعة من الأحداث الجادة، المترابطة على أساس سببى، ومعقول،
ومحتمل الوقوع .. وتدور هذه الأحداث حول شخص مأزوم_أو أشخاص_على أن يكون الجو السائد حزينا شجينا... وللتعرف على روح المأساة ومدى اختلافها من عصر إلى عصر تقرا بعض تراجيديات كل من : إسخيلوس ،وسوفوكليس، ويوريبيديس، وشكسبير وراسين وغيرهم ، ثم تقرأ محاولات المعاصرين مثل ((موت بائع متجول )) لآرثر ميللر

وهى مشتقة من الكلمة اليونانية (comos)بمعنى المرح الصاخب ، وهى الطرف المغاير للتراجيديا، والكاتب المسرحي يصوغ فعلا ينتقيه من الحياة صياغة هزلية
أشكال الكوميديا
أ-الكوميديا الراقية
وهى مسرحية ملهوية يغلب عليها الطابع الجاد، وتنتقد في كثير من الأحيان السلوك الاجتماعي دون مغالاة أوعنف
ب-كوميديا الدسائس
تهتم أولا وقبل كل شيء بصياغة الحبكة التي تقوم على التنكر،وتدبير المقال المحكمة الصنع، والتي تثير الضحك
ج-كوميديا التهريج
وتدل على العرض المسرحي الهابط الذي يتسم بالصخب، والعنف البدني، والخشونة في الحركة واللفظ ، واستعمال الأيدي والأرجل في حركات بهلوانية
د-الكوميديا الدامعة
وتعالج مشاهد ضاحكة في مناخ مسرف في عاطفيته وانفعالياته ،وبلغة شعرية شاحبة، ومواقف درامية تثير الشجن،ولكن ليس إلى درجة الحزن القاسي، .. وشخصياتها بسيطة وسطحية الدوافع ،وقد تنتهي الكوميديا من هذا النوع بنهاية سعيدة أو اسيفة
ه-الكوميديا الرومانسية
وتعبر عن الرومانسية وفى مقدمتها :الغرام الملتهب كمحرك أساسي للأحداث ،وعوائق وصعوبات تقف في طريق العاشقين،والانتقال إلى الحقول والغابات والجبال والأجواء الطبيعية الشاعرية
و-كوميديا الشخصية
تعتمد على تصوير الشخصية المسرحية أكثر من اعتمادها على بناء الحبكة، أو
عل المناخ أو أي عامل آخر
ز-كوميديا المواقف
وتعتمد على الحبكة أكثر من اعتمادها على رسم الشخصية وينشأ الضحك _عادة_ من المواقف الهزلية والمفارقة والأخطاء الكثيرة والتخفي
ح-الهزلية (الفارس)
وهى عبارة عن تمثيلية خفيفة ،تنشط في استخدام المرح ،والتهريج،والتناقضات في الموقف واللفظ ،والحركات البدنية الهزلية،والمصادفات اللا معقولة،والمواقف والشخصيات التي لا يحكمها قانون الاحتمال والممكن وهدفها الأساسي هو التسلية والترفيه
ومن الأسماء الأخرى لهذا الشكل :الدراما الرومانسية،الدرام،الدراما ،الميلودراما...إلخ

وتعالج الترجيكوميديا فعلا له طبيعة جادة ،إلا أن هذه الجدية ليست مستمرة وغنما وقتية.كما أنها تنشا من ظهور قوى شريرة تعمل على عرقلة سير الأحداث السعيدة وفى العادة يتم حشر أحداث أو مواقف ملهوية تبعث على الضحك والترويح للتخفيف من حدة الجدية وصرامتها،وينتهي هذا النوع من الدراما نهاية مزدوجة :أولاهما نهاية سعيدة للشخصيات التي تتعاطف معها ونهاية غير سعيدة للشخصيات التي فقدت تعاطفنا


ثالثا الأسلوب المسرحي
(المذاهب المسرحية)
يعتمد الأسلوب الدرامي على طبيعة رؤية الكاتب المسرحي للإنسان والواقع،وكيفية إدراكه للبشرية والعالم الذي يعيش فيه،ويختلف الأسلوب الدرامي من عصر إلى آخر،ومن أهم الاتجاهات الأسلوبية أو المذاهب المسرحية التي ظهرت:-

وهو اتجاه ساد في بدايات القرن السابع عشر الميلادي حتى قرب قيام الثورة الفرنسية في نهايات القرن الثامن عشر،وكان امتدادا لعصر النهضة في إيطاليا ،من حيث تقديس الأعمال اليونانية والرومانية القديمة، واعتبارها نماذج مثالية يجب أن تحاكى ،إذا ما أريد للفن الناهض الخلود,وقد وضع الكلاسيكيون شروطا معقدة لكتابة الدراما منها
التراجيديا
أن تستمد موضوعاتها وشخصياتها من مشاكل الملوك والأمراء وطبقات المجتمع العليا ..وان تنتهي نهاية حزينة ..ويجب أن تكتب كلها شعرا رصينا يتسم بالجودة
الكوميديا
تستمد موضوعاتها وشخصياتها من مشاكل الطبقات البسيطة والمتواضعة،وتنتهي نهاية سعيدة،ولغتها قريبة من لغة الحياة اليومية
أعلام الكلاسيكية
في التراجيديا (كورني)و(جان راسين).. وفى الكوميديا موليير

وظهرت في أواخر القرن الثامن عشر ،وظلت سائدة حتى منتصف القرن التاسع عشر.وتعتبر ثورة عارمة ضد القواعد الكلاسيكية وأصولها .. ويستمد الرومانسيون موضوعاتهم من التاريخ القومي وغير القومي ورفضوا الوحدات الثلاث،والمعقولية ومشاكلة الواقع،وعدم الخلط بين عناصر التراجيديا وعناصر الكوميديا... وتميزت الرومانسية بالتجارب الشخصية الداخلية ،والخيال المطلق الجامح،والإيغال في الشاعرية،والمغامرات والموضوعات العاطفية المسرفة،وعدم الالتزام بشخصيات طبقة معينة
أعلام الرومانسية
فيكتور هوجوفى فرنسا ومن أهم أعماله الرومانسية(كرومويل-هرنانى)،وكليست زيم في ألمانيا،

بدأت في منتصف القرن التاسع عشر بفرنسا كحركة مضادة للرومانسية، ومن أهم ملامح المدرسة الواقعية,استخدام حوادث قليلة واقعية،وعدم الاهتمام ببناء تعقيدات ومفاجآت وحيل درامية ملفقة،وعدم الاهتمام بتصوير الشخصيات عن طريق التأكيد على مشكلاتها ودوافعها،وأهميتهافى صياغة البطل الذي يكون غالبا من عامة الناس،إن لم يكن من أحط الطبقات الواقعية
أعلام الواقعية
النرويج هنريك إبسن والايرلندي جون اوكيزى.. وبلزاك ،وستا ندال،وفلوبير في فرنسا وفى مصر نعمان عاشور وسعد الدين وهبة،ويوسف إدريس

والفن في نظر أنصار هذه المدرسة يجب أن يكون علميا في موضوعه ومنهجه،وقد اشترط إميل زولا رائد الاتجاه الطبيعي على الكاتب المسرحي أن يختار شريحة من الحياة اختيارا موضوعيا-أي بلا تدخل منه_ وان يجعل شخصياته تتفاعل مع الأحداث طبقا للقوانين الخاصة بالوراثة والظروف الاجتماعية بكل ملابساتها. ولقد كان هذا الاختيار يتم عادة من الجانب المريض والمتداعي للمجتمع،بل ومن أوجه الحياة المنحطة في المجتمع
أعلام الطبيعية
فى فرنسا إميل زولا(1840-1902)هنري بيك في مسرحيتيه(الغربان-الباريسية)و أوجست سترندبرج في(الآنسة جوليا)وماكسيم جوركي في(الحضيض)

ظهر في فرنسا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كرد فعل لمذهبي الواقعية والطبيعية التي نشأت من تأثير الكشوف العلمية،وتغليب الأحكام المنطقية... ويرى أنصار هذا المذهب أن الحقيقة تكمن في أعماق الأشياء،وفى عقل الإنسان الباطن؛ولذلك كانت أفكارهم مجردة،ورؤيتها في وقائع وشخصيات محسوسة،بغية تفسير الحقيقة النفسية أو الأخلاقية،والوسيلة لهذا التجسيد مادة أسطورية،أو واقعية. ويعتمد المسرح الرمزى على عناصر العرض المسرحي:كالإضاءة،والموسيقى،والديكور وذلك لخلق مناخ نفسي
أعلام الرمزية
ميترلنك، وهنريك إبسن في(براند-بيرجنت)، وسينج، وكلوديل،هاوبتمان،سودرمان

وظهر في ألمانيا كرد فعل للطبيعية والتأثيرية مابين سنتي 1905و1925.. وكانت التعبيرية تهدف إلى تصوير أعماق النفس البشرية،وتجسيد مكنونات الفعل الباطن، لان حقيقة الإنسان تكمن أساسا في أعماق ذاته،لا في المظاهر الحسية.
وتتميز المسرحية التعبيرية بشخصية رئيسية ،تعتبر بوق المؤلف.وتعانى هذه الشخصية من أزمة نفسية حادة،وتسبح مع الشخصيات الأخرى في جو ضبابي غامض،وتمارس أفعالا غير مترابطة،أشبه بالحلم،ولغتها مركزة وتلغرافية في قصرها.
وتلعب الإضاءة والموسيقى والديكور دورا أساسيا في تهيئة الطقس الغائم ،والرحلة اللا عقلانية
أشهر المسرحيات التعبيرية
الحلم-سوناتا الشبح-من تأليف 0(أوجست سترندبرج)وغاز رقم1-وغازرقم2\من تأليف(جورج كايزر)

ازدهرت هذه المدرسة في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين... ولقد رأى السرياليون بأن الواقع لا يدرك بالوعي،ولكن باللا وعى وباللا معقول... لذلك هدفوا إلى الكشف عن الواقع والمنطق التقليديين .والحقيقة في نظرهم تتمثل في غياب المنطق ،وإلغاء المواضعات الدينية والأخلاقية،وتحرير اللاوعي ليعبر عن مكنوناته ،وهو في أشبه بالحلم،الذي يترك أمر تفسيره للمتفرجين
أشهر المسرحيات السريالية
الملك أوبو من تأليف (الفريد جارى)،وعروس في برج إيفل من تأليف(جان كوكتو)وويليام سارويان ومن أعماله السريالية(بلاد الأحلام)

يعتقد أنصار هذا المذهب بان لكل شيء وجود وماهية... والوجود هو تواجد الشيء بالفعل في حيز هذا العالم ،أما الماهية فهي مجموعة الخصائص التي يتميز بها الشيء الموجود،ويعتقد الفيلسوف الوجودي الملحد جان بول سارتر أن وجود الأشياء يأتي بعد ماهيتها إلا مع (( الإنسان)).إذ أن وجوده يتحقق أولا ، ثم تتحقق ماهيته،وعلى هذا فهو حر، وهو مسئول عما يفعله، أما الوجودية المثاليةالتى يقول بها كيركجارد،جابريل مارسيل،وكارل ياسبرز فتقول بعكس ذلك
أشهر المسرحيات الوجودية
العالم المكسور-روما لم تعد روما من تأليف جابريل مارسيل،الذباب-الشيطان والرحمن من تأليف جان بول سارتر

وينسب هذا الاتجاه في المسرح إلى الكاتب الألماني برتولد بريخت... والمسرح الملحمي باتجاهه وأفكاره وحرفيته يعارض المسرح التقليدي أو الدرامي أو الأرسطي كما يسميه بريخت. ويعتمد المسرح الملحمي أساسا على سرد الأحداث لا تجربتها على خشبة المسرح تجربة درامية،وعلى جعل المتفرج مجرد مشاهد يقظ الفاعلية، وعلى مواجهته بقضية تحمله على اتخاذ موقف ثوري ضدها بعد دراسته وتأملها عقلانيا ....وإذا كانت المسرحية الملحمية البريختية مفككة المشاهد،وسردية الطابع فإن خطرها يكمن في مطالبة متفرجها بتغيير الوضع الاجتماعي والاقتصادي القائم
أشهر المسرحيات الملحمية
وكلها من تأليف بريخت( الإنسان هو الإنسان،الأم شجاعة،جاليليو،الأم الطيبة من ستشوان، دائرة الطباشير القوقازية،السيد بونتيللا وتابعه ماتى)

يطلق مصطلح العبث_أو اللا معقول_ على بعض أعمال مجموعة من كتاب المسرح ظهروا في خمسينات القرن العشرين،ولهؤلاء الكتاب موقف فلسفي شبه متوحد إزاء ربكة الإنسان وتأزمه في هذا العالم الذي يبدو بلا هدف أو معنى ّفكدح الإنسان وشقاؤه أشبه بكدح سيزيف الذي قضت عليه الآلهة بان يحمل صخرة،وينقلها إلى قمة الجبل،ولكن لا تلبث أن تتدحرج وتتهاوى إلى السفح،فيعاود بها الصعود إلى القمة مرة بعد مرة.... وهكذا يظل يكرر هذا العمل بلا أمل في نهاية،ولعل العذاب الحقيقي لا يتأتى من عبثية ما يعمل فحسب،وإنما في تكرار ما يفعله,وهذا هو وضع الإنسان..... ومع أن المسرحيات العبثية تبدو جادة ،إلا أنها تتضمن مواقف كوميدية ساخرة ،وأشد ما تكون السخرية ،بما يصم الحياة بأنها لا منطقية ولا معقولة،وأنها مزحومة بمواضعات لا معنى لها
من أعلام مسرح العبث
صمويل بيكيت، ومن أعماله(في انتظار جودو-اللعبة الشريط أخيرا) ،ويوجين يونسكو،ومن أعماله(الكراسي –المغنية الصلعاء)،آرثر آداموف،ومن أعماله(الخدعة- الغزو-الأستاذ تاران)،وجان جينيه ومن أعماله(الخادمتان-الشرفة-السود-الحواجز)،وفى مصر توفيق الحكيم في مسرحيتي( يا طالع الشجرة ،والطعام لكل فم)وصلاح عبد الصبور في (مسافر ليل)ويوسف إدريس في (الفرافير)

وظهرت كحركة مضادة للمذهب الواقعي،وتجديد المسرح والمسرحية للأغراض الأدبية الخالصة البعيدة عن الأفكار،والتي لا تنشد إصلاحا،ولا تهتم بنقد المجتمع أو التبشير بفلسفة اجتماعية خاصة وتدعو الصوفية إلى التخلص من مادة هذا العالم،والاندماج في الذات الإلهية
من أعلام الصوفية
أ.ج.م.سنج(1871-1909)،وليدى أوجست جريجورى(1859-1932) ومن أعمالها(الرجل المسافر-)،ووليم بتللر بيتس(1865-1939)

وهى ذلك المذهب الفلسفي الذي يحاول إثبات وجود الأفكار في عقل الإنسان قبل أن يستمدها من التجربة الحياتية،أي أن الإدراك العقلي المجرد سابق على الإدراك المادى المجسد ،وتعود جذور هذا المذهب إلى فلسفة ديكارت،ويرى شو أنه يجب أن يتحول المسرح إلى جدل عقلاني بحت بين الممثلين ،أو حتى بين الممثلين والمتفرجين ،إذا أمكن ذلك ،فالمسرحية ليست سوى محاولة فنية لإثارة الحوار العقلاني الجاد حول مشكلات الساعة وقضايا العصر
من أعلام العقلانية
ومن أعلام العقلانية في المسرح ،جورج برنارد شو،جالزورثى،وجون أوزبون،وجراهام جرين،وأوسكار وايلد