الموسيقى علاج فقدان الذاكرة
بقلم : بدرالدين حسن علي
تخرجت في معهد الموسيقى والمسرح ، وعلى الرغم من ان دراستي هي المسرح لكني كنت كثير التردد على قسم الموسيقى ، ومعظم أصدقائي من كية الموسيقى ،بل أن صديقي العزيز جدا د. عاصم عبدالله خليفةلازمته في المعهد والسكن ن فهو من أبناء حي لعمدة مثلي وكنا كثيرا ما نجلس لساعات نستمع لموسيقى بتهوفن وباخ ومايكوفسكي وغيرهم ، بصراخة عاصم علمني كيف أحب الموسيقى
.
يقولون إنَّ الموسيقى تساعد على علاج ظاهرة فقدان الذاكرة؛ وهنا تتبدَّى العلاقة الترابطيَّة بين الموسيقى وفقدان الذاكرة، كما أنَّ الموسيقى هو الإحساس بمن نحن. والموسيقى تعود بالناس إلى الزمان القهقري (Reminiscence bump) – أي فترات أيَّام الصِّبا وحياة الشباب – حينما حدثت أحداث كبيرة تماهت بها أنفسهم، ولا نظن – الظن الذي يرقى إلى اليقين – أنَّ هناك ثمة شيئاً قد يبعث في الإنسان لحظة هامة من لحظات حياته كما تفعل الموسيقى. ولعلَّ ذلك السَّبب هو الذي يجعل الناس يقولون إنَّ تلك الموسيقى تذكِّرهم بشخص ما، أو حدث ما، والمستمع إلى تلك الموسيقى يصطحب معه مَنْ هواه أو يهواه، ويوقظ في نفسه شعوراً قويَّاً طالما بات هذا الشُّعور غطيطاً في سبات عميق. وفي شأن أولئك وهؤلاء الذين عرفناهم منذ أمدٍ مديد فنحن نحسُّ أنَّ خياراتهم الموسيقيَّة تمنحنا نافذة إضافيَّة من خلالها ننفذ إلى أدمغتهم لندرك كيف كانوا يفكِّرون في اللحظة الانعطافيَّة من حيواتهم حينما عُزِفت لهم القطعة الموسيقيَّة المختارة لديهم، وأمست مسألة جوهريَّة.
مهما يكن من أمر، فوردي، الذي كان يعتبر – وما يزال – قيثارة الفن السُّوداني، قد تغنَّى للشَّعب السُّوداني وأشبع رغباتهم الفنيَّة، وصدح للشباب وأثار فيهم ما يصنعه الحب بوجدان الشباب في ريدتهم وعشقهم، وأطرب الشيب فها هم ينتفضون ويتذكَّرون شبابهم المخضوضر الذي كان أيام زمان، وأنشد للجماهير الغاضبة الهائجة ضد صلف الديكتاتوريَّة وحكم الطغاة الجفاة فاستثارهم غضباً وبركاناً يغلي، وترنَّم لأهله وعشيرته باللغة النُّوبيَّة فإذا هم يميلون يمنة ويسرة طرباً وحبوراً، ثَّم إنَّه كان قد تغنَّى بأغنيَّة الحقيبة فأطرب محبِّي أغاني الحقيبة وأسكت الذين كان في قلوبهم شك مريب في أنَّ ورديَّاً بالكاد لا يستطيع أن يغنِّي بأغنية الحقيبة. أما إذا شاء أن يحاول ذلك فإنَّه لسوف لا يفلح في إجادتها. فكم روت هذه الأغنيات، التي تصدأ بالثقافات السُّودانيَّة المتعدِّدة، قصصاً يملأ القلوب دفئاً، ويبث في النفس المسرة والابتهاج ثمَّ إنَّ هذه الأغنيات قد صنعت حركة عاطفيَّة، والتي كان لها دور أساس في تشكيل عالم واقعي وتخيُّلي على حدٍ سواء. أفلم يكن تغريده يمس شغاف القلب؟ بلى! أولم يكن الناس يصغون إلى إلى غناء وردي إذا انجلى الصبح الجميل، وفي ضحى الغد، وإذا غربت الشمس وعسجد الأفق وتعشَّى الناس، أو في عتمة الليل البهيم، ومن ثمَّ ينتهون إلى سعادة حيث لا يعلمون لها نهاية؟ بلى! ومن هنا نستطيع أن نصنِّف أعمال وردي الفنيَّة إلى أربعة أقسام: الغناء العاطفي والحقيبة والوطني والنَّشيد السياسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق