الأربعاء، 29 مارس 2017

  الشاعر السوداني    الإستثنائي      نزارقباني  
  بقلم : بدرالدين حسن علي
               من حين لآخر أعود لكتاب أحمد سعيد محمدية عن نزار قباني  ، "في مارس كانت ولادته وفي أبريل كانت وفاته "   كنت محبا لشعره وأسميه الشاعر السوداني  الإستثنائي " طبعا زمن " الحبكانا " والبكا والمخاخيت والمواعيد وأشوفك بكره في الموعد .
وبعدين جانا نزار قباني ذات نفسو ، والله الشعب السوداني ده شعب عظيم ورائع ، ده ما كلامي ده كلام نزار ، لما زرت دمشق زرتو في بيتو  كان حزين جدا على فقده لزوجته بلقيس خلال تفجيرٍ إنتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولاً إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق
قباني "، وإذا به يفاجئني " مرحب بيك يا زول " فنزل ترحيبه بردا وسلاما ، جلست وقعدت أتونس معاهو بالسوداني لأنو كان بتكلم بالسوداني ، يعني نزار قباني "إتسودن " .
بدأ حبي لنزار منذ قرأت كتابا عن المسرح العربي ، فعرفت أن جده الكبير هو أبوخليل القباني ، وعرفت أن جد نزار هو أبو خليل القباني ، فأحببت اٍسرة القبانية
أبو خليل القباني (1833 - 1903) من أعلام سوريا رائد المسرح العربي ورائد المسرح الغنائي العربي، هو أحمد أبو خليل بن محمد آغا بن حسين آغا آقبيق ولد في دمشق, سورية عام 1833 و توفي سنة 1903م.
              لقد شاهدت بام عيني كيف أحب السودانيون نزار وكيف إحتفوا به ، وفعلا شيء لا يصدق !!!!!أبوي- الله يرحمو- قال لي يا ود ما تبطل حركاتك الأرعة دي ، نزار دا شاعر النسوان ، قت ليهو يا أبوي نزار دا أرجل راجل
يو م من الأيام  مشيت  البيت قعدت أقرا في كتاب أحمد سعيد محمدية بعنوان " ذكريات مع نزار قباني "
وقد روى فيه قصة كانت عن زيارة الشاعر السوري الكبير نزار قباني للسودان، كيف تمت؟، وما الذي قاله الشاعر الكبير عن السودان؟، وما هو انطباعه عنها وعن السودانيين وشاعريتهم؟، هذه الزيارة التاريخية يراها السودانيون لوحة تذكارية معلقة على جدار الزمن بما حوته من تلك الأسماء كما هو حالنا مع كل اسم غرس وردة في تراب الوطن أو سقاها لتعطر أرضه وسماه، يقول الكاتب محمدية:

وفي السودان كانت فرحته الكبرى، وكانت البهجة التي غمرت كيانه كله، ولو حكى لي نزار ما حدث له لما صدقت، ولكنني شاهدت ذلك بأم عيني هذه، كما يقولون.
استقبل نزار بحق استقبال الفاتحين، وأعتقد أن نزار لم يشهد طوال عمره شيئا مما رآه في السودان، كنت أتمنى أن يكتب نزار شيئا في مذكراته عن هذه الرحلة، ولكنه كتب غزليات نثرية في الخرطوم من أجمل ما كتب، لأنه أُعجب بالسودان أيما إعجاب لا سيما وأنه وجد الشعب السوداني معطونا في حب الشعر والغناء والطرب، فكتب في حق السودان كلاما جميلا لم يكتبه أحد غيره حيث قال:
"نصف مجدي محفور على منبر "لويس هول" و "الشابل" في الجامعة الأمريكية في بيروت، والنصف الآخر معلق على أشجار النخيل في بغداد، ومنقوش على مياه النيلين الأزرق والأبيض في الخرطوم، طبعا هناك مدن عربية أخرى تحتفي بالشعر وتلوح له بالمناديل، ولكن بيروت وبغداد والخرطوم تتنفس الشعر وتلبسه وتتكحل به، إن قراءتي الشعرية في السودان كانت حفلة ألعاب نارية على أرض من الرماد الساخن.
في "دار الثقافة" في أرض أم درمان، كان السودانيون يجلسون كالعصافير على غصون الشجر، وسطوح المنازل، ويضيئون الليل بجلابياتهم البيضاء، وعيونهم التي تختزن كل طفولة الدنيا وطيبتها.
هذا الذي يحدث لي ولشعري في السودان شيء خرافي، شيء لم يحدث في الحلم ولا في الأساطير، شيء يشرفني ويسعدني ويبكيني، أنا أبكي دائما حين يتحول الشعر إلى معبد والناس إلى مصلين، أبكي دائما حين لا يجد الناس مكانا يجلسون فيه فيجلسون على أهداب عيوني، أبكي دائما حين تختلط حدودي بحدود الناس فلا أكاد أعرف من منا الشاعر ومن منا المستمع، أبكي دائما حين يصبح الناس جزءًا من أوراقي، جزءًا من صوتي، جزءًا من ثيابي، أبكي لأن مدينة عربية، مدينة واحدة على الأقل لا تزال بخير، والسودان بألف خير، لأنه يفتح للشعر ذراعيه، كما تفتح شجرة التين الكبيرة ذراعيها لأفواج العصافير الربيعية المولد.
السودان ينتظر الشعر كما تنتظر الحلوة على النافذة فارس أحلامها، يأتي على صهوة جواده حاملا لها قوارير العطر وأطواق الياسمين، ومكاتيب الغرام.
السودان يجلس أمام الشعر كما تجلس الأم أمام سرير طفلها تغمر خديه بالقبلات وتطمعه حلاوة اللوز والسكر.
السودان يلبس للشعر أجمل ما عنده من الثياب ويذهب للقاء الشعر كما يذهب العاشقون إلى موعد غرام.
السودان بألف خير، لأنه ربط قدره بالشعر، بالكلمات الجميلة، الكلمات جنيات رائعات الفتنة، يخرجن مرة من عتمة الظنون، ومرة من عتمة الدفاتر، الكلمات طيور بحرية تخترق زرقة السماء دون تأشيرة، ودون جواز سفر، لم أكن أعرف – قبل أن أزور السودان – أي طاقة على السفر والرحيل تملك الكلمات، ولم أكن أتصور قدرتها الهائلة على الحركة والتوالد والإخصاب، لم أكن أتخيل أن كلمة تكتب بقلم الرصاص على ورقة منسية قادرة على تنوير مدينة بأكملها، على تطريزها بالأخضر والأحمر، وتغطية سمائها بالعصافير.
أشعر بالزهو والكبرياء حين أرى حروفي التي نثرتها في الريح قبل عشرين عاما تورق وتزهر على ضفاف النيلين الأزرق والأبيض.
هذا الذي يحدث لي ولشعري في السودان شيء لا يصدق، وهو شهادة حاسمة على نقاء عروبتكم، فالعربي يرث الشعر كما يرث لون عينيه ولون بشرته، وطول قامته، ويحمله منذ مولده ويحمله كما يحمل اسمه وبطاقته الشخصية.
مفاجأة المفاجآت لي كانت الإنسان السوداني، الإنسان في السودان حادثة شعرية فريدة لا تتكرر، ظاهرة غير طبيعية، خارقة من الخوارق التي تحدث كل عشرة آلاف سنه مرة واحدة، الإنسان السوداني هو الوارث الشرعي الباقي لتراثنا الشعري، هو الولد الشاطر الذي لا يزال يحتفظ دون سائر الإخوة بمصباح الشعر في غرفة نومه، كل سوداني عرفته كان شاعرا أو راوية شعر، ففي السودان إما أن تكون شاعرا أو أن تكون عاطلا عن العمل، فالشعر في السودان هو جواز السفر الذي يسمح لك بدخول المجتمع ويمنحك الجنسية السودانية، الإنسان السوداني هو الولد الأصفى والأنقى والأطهر الذي لم يبع ثياب أبيه ومكتبته ليشتري بثمنها زجاجة خمر، أو سياره أمريكية، هو الإنسان العربي الوحيد الذي لم يتشوه من الداخل ولم يبع تاريخه بفخذ امرأة أبيض تسبح على شاطئ "كان" أو "سان تروبيز".
ها أنذا مرة أخرى في السودان، أتعمد بمائه، وأتكحل بليله، وأسترجع حبا قديما لا يزال يشتعل كقوس قزح في دورتي الدموية، عرفت في حياتي وفي رحلاتي كل أنواع اللآلئ البحرية، عرفت اللؤلؤ الأبيض، واللؤلؤ الرمادي، وعرفت اللؤلؤ الأخضر، واللؤلؤ الوردي، وعرفت الأوربي والآسيوي، واللؤلؤ الذي يوزن بالقيراط، واللؤلؤ الذي يوزن بالقصائد والدموع، واللؤلؤ الذي يتدلى على صدور الكواكب و... و... واللؤلؤ الذي يتدلى على صدور الجميلات.
بعد ثلاثين سنه من الغطس تحت سطح الماء، والغرق في بحار النساء اكتشفت أن اللؤلؤ الأسود هو الأغلى، والأحلى والأكثر إثارة، كما اكتشفت أن الذي يملك مثقالا واحدا من اللؤلؤ السوداني، يمتلك كنوز سليمان، والحور المقصورات في الجنات، ويصبح ملك الإنس والجان.
الحب السوداني ليس جديدا علي، فهو يشتعل كالشطة الحمراء على ضفاف فمي، ويتساقط كثمار المانغو على بوابة قلبي، ويسافر كرمح أفريقي بين عنقي وخاصرتي، هذا الحب السوداني لا أناقشه، ولا أحتج عليه، لأنه صار أكبر من احتجاجي، وأكبر مني، صار وشما على غلاف القلب لا يغسل ولا يمسح.
قبل عشرة أعوام جئت إلى السودان ومعي وردة الحب، وقنديل الشعر الأخضر، بعد عشرة أعوام لا أعرف ماذا أحمل للسودان؟، فوردة الحب التي كنت أشكها في عروة ردائي أكلوها، وقنديل الشعر الأخضر الذي كنت أضئ به ليل العرب كسروه، حتى كلمات الغزل التي كنت أكحل بها عيني وطني صادروها، فالكلمة العربية أدخلوها إلى "الكرينتينا" لا لأنها تحمل جرثومة الكوليرا والملاريا، ولكن لأنها تحمل جرثومة الحرية، والكلام العربي أصدروا بحقه مذكرة توقيف، أحالوه إلى محكمة تهريب المخدرات، حتى الأفعال، والأسماء، والضمائر أخذوها إلى أقبية المخابرات، حتى نون النسوة، أدخلوها سجن النساء.
ها أنذا مرة أخرى في السودان، أبحث عن دفاتر حبي القديمة، ولكن ماذا تنفع العودة إلى دفاتر الحب القديمة، مادام العاشق قد تغير، والمعشوق قد تغير، والعشق ذاته قد تغير.
ها أنذا مرة أخرى في السودان، فهل يمكنني أن أصرخ هنا كما أشاء وأنزف كما أشاء؟، أنا أعرف السودان جيدا، وأعرف السودانيين جيدا، وأعرف أن صدورهم كغاباتهم مفتوحة للأمطار والريح، وللبرق والرعد والحرية، لا تؤاخذوني على هذه المقدمة المكتوبة بالحبر الرمادي، فهل لديكم دواة خضراء أو زرقاء أو بنفسجية، تعيروني إياها؟، ومع هذا سأحاول أن أخرج من الصخر ماءً ومن الأرض العطشى عشبا، ومن العتمة نجوما، وسأحاول في قراءاتي الشعرية أن أركز على شعر الحب، لأن الحب في الوطن العربي، هو هذا الطفل اللقيط الذي لا يعترف به أحد، ولا تفتح أمامه الأبواب، ومن يدري ربما أشعل لي السودان قناديل الأمل، وأرجع لي حبي الضائع، وحبيبتي التي ليس لها أرض أو وطن أو عنوان.
أقام نزار  ليلة شعرية بنادي قوات الشعب المسلحة "شارع النيل"، فبعد زيارته الأولى للسودان عام 1968م، وعودته إلى بيروت قال لإذاعة "مونت كارلو" أنه بعد لقائه بالشعب السوداني والحفاوة التي قوبل بها لدرجة تسلق العديد من الناس الأشجار ليتمكنوا من سماعه، ظل يبكي طوال الليل لأنه لم يكن يصدق أن هنالك من يقدره مثل هذا التقدير مما زاد من مسؤوليته تجاه الشعوب العربية، وفيما يأتي بعض مما قاله في مقدمة الليلة:
"إنني أعود لآخذ جرعة ثانية من هذا الحب السوداني اللاذع الذي حارت به كتب العرّافين ودكاكين العطارين، إنني أعرف عن الحب كثيرا، سافرت معه وأكلت معه وشربت معه وغرقت معه وانتحرت معه، ونمت عشرين عاما على ذراعيه، ولكن الحب السوداني قلب جميع مخططاتي عن الحب وأحرق جميع قواميسي.
منذ سنتين أتيت إلى السودان حاملا حقائب الشعر والحب، وبعد أن ودعته وفتحت حقائبي في بيروت اكتشفت ألف عريشة عنب داخل ثيابي واكتشفت على ضفاف فمي ألف ينبوع ماء وألف سنبلة قمح.
حين عدت من السودان منذ سنتين لم يعرفني الناس، كان جسدي قد تحول إلى غابة وكلماتي إلى أغصان وحروفي إلى عصافير.
يسمونني في كل مكان شاعر الحب، ولكنني هنا أشعر أنني أسقط في الحب للمرة الأولى، فالسودان بحر من العشق أغرق جميع مراكبي وأسر جميع بحّارتي.
العشق السوداني يحاصرني من كل جانب كما يحاصر الكحل العين السوداء فأستسلم له وأبكي على صدره وأعتذر له عن صلفي وغروري.
هذا عن العشق فماذا عن الشعر؟، في المرة الماضية اكتشفت أن السودان يسبح في الشعر كما تسبح السمكة في الماء وأن السودان بغير الشعر كيان افتراضي ووجود غير قابل للوجود.
ثمة بلاد تعيش على هامش الشعر وتتزين به كديكور خارجي، أما السودان فموجود في داخل الشعر كما السيف موجود في غمده وملتصق ومتغلغل فيه كما السكر متغلغل في شرايين العنقود.
صعب على السودان أن ينفصل عن الشعر كما صعب على الشفة أن تنفصل عن إغراء القبلة.
إنّ قدره أن يبقى مسافرا نحو الشعر وفي الشعر إلى ما شاء الله.

فأين نحن من مشروعات تفريخ فنان لكل مواطن والسودان ملئ بالمواهب الأخرى.
جميع من كلمتهم عن زيارتي الأولى للسودان تصوروا أنكم أطعمتموني عشبا إفريقيا خاصا وسحرتموني، وأنكم بمياه النيلين الأبيض والأزرق عمّدتموني، وأن كهّانكم بالمسك والزعفران قد مسحوني.
والواقع إن شيئا من هذا قد حدث، والسحر السوداني الذي حاولت أن أنكره في بادئ الأمر بدأ يتفاعل في جسمي وينتشر كبقعة الحبر الكبيرة على وجهي ووجه دفاتري.
وها أنذا أعود مرة ثانية إلى السودان بشراسة مدمن مهزوم الإرادة يعود إلى كبريته وعلبة سجائره، وبشوق مسحور يعود إلى مغارة ساحره.
أيها الأحباء:
هذه الليلة الشعرية موهوبة للقوات المسلحة السودانية؛ وتتساءلون ما صلة الشعر بالسلاح ومن يحملون السلاح، وبكل بساطة أقول لكم إن الكلمة لا تكون كلمة حقيقية إلا حين تأخذ شكل السيف، وأنا لا أحترم كلمة تظل ساكنة ومتخاذلة على الورق كأنها أرنب جبان.
إن الثورة والشعر يلتقيان في نقطة أساسية وهي إرادة التغيير -تغيير الأرض وتغيير الإنسان.
وفي عالم كعالمنا العربي يحاول أن ينفض عنه غبار الجاهلية وغرائز الجاهلية وعقلية الجاهلية ويثور على مؤسسات السحر والخرافة وكل مخلّفات الإقطاع والإستغلال والظلم والجهل والإنكشارية.
في عالم كعالمنا العربي خرج من حرب حزيران ثائرا على كل شيء، وكافرا بكل شيء، وساخطا على رداءة التمثيلية ورداءة الممثلين.
في عالم كهذا العالم العربي الغارق في دموعه وأحزانه حتى الرقبة تجيء الثورة والشعر ليكنس كل بقايا العصر الحجري وكل حصون التخلف وينسف مسرح الفكاهة القديم بكل ما فيه ومن فيه.
وهكذا يلتقي الشعر والثورة في توليد إنسان عربي جديد وفي صناعة عقل عربي جديد وفي زرع قلب جديد لإنسان هذه المنطقة بعد ما حوّل بياطرة السياسة والحواة والدجالين قلبه إلى حطبة يابسة لا تثور ولا تنبض .
وبعد أيها الأحباء:
 في قراءتي الشعرية هذه الليلة سيكون هناك مكان كبير لشعر الحب ومكان كبير لشعر الثورة، فأنا كما عرفتم لا أقيم تخوما وحدودا بين الحب وبين الثورة فكلاهما في نظري يتدفق من ينبوع واحد هو الإنسان.
وكما لا أستطيع أن أتصور إنسانا لا يحترف الثورة، فإنني لا أستطيع أن أتصور إنسانا لا يحترف العشق.
إن الحب هو النار التي تضيء كل الأشياء وتطهّر كل الأشياء؛ وأنا عندما أتحدث عن الحب فإنما أقصد به هذه النـزعة الفطرية في الإنسان لاحتواء الكون ومعانقته ومن هنا يتلاقى حب المرأة وحب الأرض وحب الحرية وحب الحقيقة وحب الإنسانية على أرض واحدة.
إن الثورة الكبيرة في تصوري لا تكبر إلا بالحب الكبير، والبندقية العاشقة هي أحسن أنواع البنادق.
فلتكن هذه الليلة ليلة الثورة وليلة الحب.
عندما زار الشاعر نزار قبانى السودان لأول مرَّة، لم تواجهه صحافة فنية بالطعن، مثلما حدث في مصر، بل ملأ السودانيّون في الخرطوم المقاعد في المسارح والقاعات وملأوا الأشجار، وهم يستمعون إليه بمحبَّة.
وقد تركت تلك الحفاوة السودانية الشاعرية في الإستقبال أثرا عميقا في قلب نزار، فأصبح يسمِّى السودانيين (العنب الأسمر).
وكتب نزار عن زيارته تلك إلى السودان، ومن بعد الخرطوم، زار نزار قباني مدينة الشعر والفن والسياسة ود مدني، ليلقى حفاوة فيَّاضة.
ليلتها وقف نزار في (نادي الجزيرة) الأرستقراطي الأنيق على النيل الأزرق يلقي أشعاره، فيضج المكان بالتصفيق.
ثمَّ يجلس نزار بين الحضور ليصعد المنبر الطالب (مصطفى عدلان) الطالب بمدرسة مدني الثانوية ليلقي في إبداع قصيدة نزار الذائعة الصيت (متى تفهم.. متي يا سيِّدي تفهم.. أيا جملا من الصحراء لم يُلجَم.. كأنَّ حرابَ إسرائيلَ لم تجهِضْ شقيقاتك)، ليقول نزار بعدها إن الطالب مصطفى عدلان ألقى هذه القصيدة بطريقة رائعة أفضل مني.
المهندس (الميكانيكي) مصطفي عدلان تخرَّج فيما بعد من كلية الهندسة جامعة الخرطوم.

وقد زار مجموعة من الشعراء العرب الكبار السودان غير نزار قباني غير أنه يظل أكثرهم في التعبير عن حبّه للسودانيين.

من أقوال (نزار) في حب السودان والسودانيين:

"أنتم السودانيون بستان من الأحاسيس وقارورة من العطر"، لذلك ما أحلى الرجوع إلى أشعار نزار شاعر الحبّ والياسمين والثورة.

وقد أقام الشاعر الكبير ليلة شعرية في نادي الخريجين بالأبيض، أبدع فيها أيما إبداع وكان هناك من تسلق الشجر لمتابعة إلقائه الأنيق، وكان تفاعل الجمهور معه هائلا، وتروى حادثة صغيرة حدثت في الأبيض فعندما حضر نزار برفقة محافظ الأبيض آنذاك الإداري القدير عباس فقيري، وبعد انتهاء الليلة ولما كان نزار والمحافظ يتأهبان لمغادرة نادي الخريجين اندفع أحد الشباب ومن شدة انفعاله وإعجابه بنزار بدأ بالضرب على مقدمة السيارة بيده بشدة عدة مرات.

علما بأن تفاصيل هذا السَّرد مأخوذة من تسجيل صوتي كان يحتفظ به الأستاذ عبد المجيد خليفة خوجلي، وقد أفرغها كتابة فيما بعد ونشرها في ذكرى وفاة الشاعر الثانية عام 2008م.

لاشك أن نزار قد خرج من دنيانا حزينا محبطا من عالم وصفه بقوله:
أنا منذ خمسين عاما أراقب حال العرب، وهم يرعدون ولا يمطرون وهم يدخلون الحروب ولا يخرجون، وهم يعلكون جلود البلاغة علكا ولا يهضمون.

وقد أحسن عادل حمودة عندما قال:

"إن نزار من أهم الشعراء والزعماء في العالم العربي وأكثرهم شعبية وحساسية".

أما بالنسبة للسودان فقد ثبت لنا أن نـزار مسكون بحبه، كما وأن السودانيين يبادلونه نفس الحب.

ومما أزعجني جدا أن السودان الذي حاز على كل هذا القدر من المحبة عند الشاعر الكبير نزار قباني، لم تتم الإشارة إليه في أهم الأعمال الدرامية التي تم إنتاجها تجسيدا لحياته، والذي تم عرضه في معظم الفضائيات العربية وشاهده الملايين من عشاقه بمن فيهم السودانيين أنفسهم، ولا أدري لماذا؟!.
وهكذا كان السودان بارقة أمل، وعنوان حرية ومحطة هامة في تاريخ نزار قباني وإن كانت محطة صغيرة إلا أنه قد تعلم فيها الشيء الكثير، تعلم الطيبة، تعلم الوداعة، تعلم صدق المعاملة، تعلم الإستقامة في المعاملة، تعلم حرية الكلمة، حيث اعتقلت الكلمة في أغلب الدول العربية وانتهكت حرمتها  .
رحمك الله يا نزار قباني ، وفي التاسع من أبريل من كل عام نبكي لفراقه ، دعتني كريمتي مهيرة لإجتماع حصره ْمئات السوريين اللاجئين فتذكرت زياراتي لدمشق وتذكرت وموس والماغوط وأسعد فضة ولحام وعشرات الدمشقيين ومن أطراف سوريا الحبيبة .


                              السودان ليس شقة مفروشة
عندما جرت محاولة إغتبال حسني مبارك كنت في القاهرة ، حضرت إجتماعا تنويريا دعى له التجمع الوطني الديمقراطي خاطبه فاروق أبوعيسى بحضور حسني مبارك ، شرشح أبوعيسى النظام السوداني متهما إياه بتدبير المؤامرة ، نفخ مبارك صدره وقال لأكثر من ألف سوداني أنه بإمكانه أن يحتل السودان في ظرف 24 ساعة ، ضجت الصالة بالتصدفيق ـ بينما أنا فغرت فاهي مندهشا : كيف تصفق لرجل يشتمك ويحتقر بلدك ؟
تلك هي نظرة الكثير من المصريين للسودان ، في اليوم الثاني رد البشير قائلا : هو نحن ساكنين في شقة مفروشة !!!وأيضا صفق الكثير من السودانيين للبشير ، وكانت زوجتي بجواري  ، حدجتني بنظرة قاسية قلت لها : ما عليك إنه يوم التصفيق العالمي ، وانفجرت ضاحكا ، فها نحن أما م الشعب السوداني النبيل الطيب وشعب يرأسه رجل يبحث عن مصالحه ، فقلت في نفسي ما هو الفرق بين حسني وناتينياهو ؟ ما هو الفرق بين الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين والنزعة الكامنة في بعض المصريين لإحتلال السودان
على مر التاريخ العلاقات المصرية السودانية فيها خلل تشبه تماما العلاقات بين الهلالابي والمريخابي ، العلاقت المصرية السودانية على الرغم من خروج السودان من بيت الطاعة إلا ان المخابرات في البلدين  ما تزال هي سيدة الموقف ، والمشكلة ان النظام الحالي في السودان " عينو للفيل ويطعن في ضلو " وهذا  هو  ملحص سياساته
مع مصر خاصة !!!!!
وسيظل السوداني هو " البواب " كما في فيلم " البواب " بتاع أحمد زكي  

الجمعة، 10 مارس 2017

هواتف
أحلام اسماعيل حسن 17804664588 احمد الأنصاري 6475098584 ابراهيم خير 6477713555 عادل الوسيلة 6477729009 عدنان زاهر 6477091612 النور نادر 6472993505 عمار عمر تاج الدين 4165662261 عبدالعظيم ابراهيم جوجوي 6477081010 عبدالوهاب التوم 4168404648 عوض الحمري 6477055782 ابوبكر سنادة 6477723532 الصادق النصري 6474674463 آدم فضل 6474485510 الهام عبدالخالق 6477718746 غبدالمنعم شيبون 6478869715 عبدالمنعم سيداحمد 6474369413 دسوقي 4168281504 فرج ابراهيم السيد 4165882563 فتحي الضو 16138358805 جورج دولتلي 4167920178 جمال سعد 4162916496 حسن العبيد 6477602744 حاجة وقية 6476075224حاتم مصطفى محمود 6477722566 حسن منشاوي 4162596914 ابراهيم اسماعيل " الخال " 6477659323 ابراهيم سليمان ابوناجي 6477189259 كمال الزبير 6478341336 محمد الكاشف 6477654990 محمد حيدر بشير 6475015854 محمود عبدالقادر وهدى 4162825416 مينا قديس 6477185049 مهيرة 6479834421 محمد عبدالوهاب 6477400962 محمد نجيب الشيخ 4167011945 محمد عبدالرحمن الراشد 4169128370 محجوب خير 647 8189900 محمد ابوسنينة 6474704337 محمد السمري 6477791353 نادر حله 4165432322 مصطفى حمد " راسنا " 416 8719238 منى الجزولي 9053853971 مصطفى مدثر 289244606 مجدي سمعيب 4168714987 محمد فقير 6472194116 مجدي ميخائيل 416 2646136 عمر الخير 416 650 5053 الشفيع 416 8373434 شنقراي 4168360776شريف المليك 4163582291 توماس 4162757365 طه الخليفة 6477816009 طه السر 8266289د. تاج الختم نوري 6477732774 ياسر الجعلي 4168560663 ياسر محجوب 6472738850 يحي فضل الله 9053834938 ياسر الجريف 4163033936 ياسر الطيب 6473394099 

السبت، 4 مارس 2017







                     نشأة المسرح العربي الحديث
بقلم : بدرالدين حسن علي
كتب  رياض كامل]دراسة هامة جدا حول نشأة المسرح العربي ، تطرق فيها إلى دور لبمان وسوريا ومصر، ودور المسرحيين الأوائل في هذه الدول ، وزياراتهم لإيطاليا وغيرها من الدول الأوربية للتعرف على فن المسرح ، كم إستعرض فن الأراجوز وخيال الطل ومسرح العرائس .
دراسة جادة بلا سك ومهمة ضمن الدراسات المعنية بالمسرح العربي ، وأهم ما فيها أنه تطرق لوجهات نظر مهمة مثل محمد مندور ود. علي الراعي وغيرهم .
 تتناول هذه الدراسة نشأة المسرح العربي الحديث، ولما كان الدور البارز في تلك النشأة من نصيب لبنان سوريا ومصر، فقد قمنا بالتركيز على أهم رواد هذا الجانر الأدبي الحديث على ساحة الأدب العربي في هذه الأقطار الثلاثة. لا تستطيع هذه الدراسة أن تقف عند جميع الرواد من ممثلين ومؤلفين لأن العدد كبير جدا، فحاولنا أن نقف عند بعض الأسماء التي تعتبر، برأينا وبرأي الكثيرين، الأبرز والأهم. وكان من الطبيعي أن نضع حدا تاريخيا لها، فتوقفت الدراسة عند العقد الثاني من القرن العشرين، كونه عقدا هاما ومفصليا في تاريخ المسرح الحديث في البلاد العربية. لا يحسبن أحد أن الدراسة عمدت إلى الربط بينهما ربطا توثيقيا أو منهجيا. قمنا بالتركيز على النشأة والتحول والتطور منذ البدايات وحتى التاريخ المشار إليه. وبالرغم من أهمية الدور الذي لعبته بلاد الشام في هذه العملية إلا أن الاستمرار والمتابعة والرقي كان من نصيب مصر، التي استقطبت أهم المسرحيين وأهم الفرق المسرحية الشامية، نظرا للظروف السياسية التي مرت بها بلاد الشام، ولربما كانت مصر هي الدولة الأكثر حظا من حيث الاستقلال السياسي والفكري. رأينا لهذا التواصل أهمية قصوى تجعلنا نعلن أن التناغم بين مسرحيي بلاد الشام ومصر قد ولّد حركة مسرحية عربية مثمرة جعلت لها عدوى مباركة اخترقت حدود مصر إلى الدول العربية المجاورة لها.

احتل المسرح الأوروبي فترة طويلة من الزمن مكان الصدارة في تدريج الفنون على اختلاف أشكالها، واستقطب حوله، برأي الباحث الفرنسي جان ديفينيو، جمهور الصفوة منذ القرن السابع عشر وحتى يومنا هذا. فقد كتبت الأعمال المسرحية، آنذاك، وعرضت أمام طبقة النبلاء والبرجوازيين والمثقفين، كما تم توفير المعلومات الضرورية لأبناء هذه الطبقة كي يفهموا المسرح ويتذوقوه ويدركوا أساليبه الفنية ومضامينه الاجتماعية. أين يقف مسرحنا العربي إزاء ذلك؟ وهل كتب وما زال يكتب ليعرض أمام "النخبة"؟ وهل كانت طريقه معبدة وذات جذور، أم كانت طريقا وعرة محفوفة بالمخاطر؟
إذا قمنا بمراجعة نشأة المسرح العربي في كل من سوريا، لبنان ومصر فسنرى أن الطريق أمام رواد المسرح كانت طريقا وعرة وشاقة، فقد تكبد هؤلاء من المشقة ما يجعلنا نحني رؤوسنا إجلالا وتقديرا، لإصرارهم على ولوج عالم جديد كل الجدة على الذائقة العربية التي اعتادت على تمجيد الشعر والشعراء لقرون طويلة من الزمن، واعتبارهم الشعر الفن الأرقى، وربما الفن الوحيد. وكانت عملية "إقحام" أنواع أدبية جديدة على الذوق العربي أمرا ليس يسيرا ولا سهلا. وكلنا يعلم الطريق الشاق الذي سار به الطلائعيون من كتاب الرواية العربية، بحيث جعلت الروائي المصري محمد حسين هيكل (1888-1956) ينشر الرواية العربية الفنية الأولى زينب (1913) تحت اسم مستعار وهو "فلاح مصري".

أما في مجال المسرح فإن الأمر أكثر صعوبة وحدة، إذ كان على الطلائعيين أن يواجهوا المجتمع بأكمله، وأن يتصدوا للمعارضين الذين هاجموا هذا الفن لدوافع "أخلاقية"، مما عرّض بعضهم للاعتداء الجسدي. ففي سوريا هوجم مسرح أبو خليل القباني (1833-1903) وتم إتلاف محتوياته، خاصة وأنه قام بتجنيد صبية لأداء دور الإناث في بداية مشواره، فيما قام مارون النقاش اللبناني (1817-1855) بتجنيد أصدقائه وأفراد عائلته من الشباب لعرض مسرحياته وتأدية أدوار الذكور والإناث، كما جاء على لسان الرحالة الانجليزي دافيد اركيوهارد. كما تعرض هو الآخر لانتقاد رجال الدين والمحافظين، مما جعله يحول مسرحه إلى كنيسة قبيل وفاته بفترة قصيرة. أما بالنسبة لمسرح يعقوب صنوع في مصر فقد صدر أمر من الخديوي إسماعيل نفسه، بعد سنتين من افتتاح المسرح بإغلاقه، وذلك بعد أن كان قد كرم صاحبه وخلع عليه لقب موليير مصر.

تختلف آراء الدارسين والباحثين العرب في كل مرة يتم فيها بحث مسيرة الأنواع الأدبية على اختلافها، ما عدا في مجال الشعر، فالكل يجمع، هنا، على أنه نوع أدبي قديم وأصيل عرفه العرب ومارسوه قبل الإسلام، وأنه قد تم الاعتماد على أصوله في مرحلة البعث والإحياء والتجديد. أما فيما يتعلق بالرواية والقصة والمسرح فإن الأمر مختلف تماما. ففي مجال القصة والرواية هناك من يحاول ربط هذين الجانرين الأدبيين بالتراث العربي القديم، مثل "ألف ليلة وليلة"، "كليلة ودمنة"، قصص الأنبياء، "رسالة التوابع والزوابع" لابن شهيد، "حي بن يقظان" لابن طفيل وكتاب "البخلاء" للجاحظ و"رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري وغيرها. وهناك من يرى أن فن المقامة هو النواة الأولى للقصة القصيرة. وهناك من يرى أن هذا الفن القصصي قد وفد إلينا من بلاد الغرب منذ نهاية القرن الثامن عشر، وبداية القرن التاسع عشر. وأتباع هذا الرأي كثيرون من باحثين وأكاديميين. وهناك رأي ثالث يأخذ مسار الوسط معتبرا أن الفن القصصي الحديث هو مزيج ما بين التراث العربي القديم والرواية الغربية الحديثة.

وفي مجال المسرح، ايضا، هناك من يحاول البحث عن الروابط التي تجمع القديم بالحديث، والشرق بالغرب، فالباحث الدكتور علي الراعي المعروف بدراساته المتواصلة والمكثفة للمسرح العربي يرى "أن العرب والشعوب الإسلامية عامة قد عرفت أشكالا مختلفة من المسرح ومن النشاط المسرحي لقرون طويلة قبل منتصف القرن التاسع عشر". وهو في أبحاثه يعود إلى الطقوس الدينية في شبه جزيرة العرب قبل الإسلام والتي لم تتطور، حسب رأيه، إلى فن مسرحي. ثم يستعرض بعض الفنون التي تعود إلى العصر العباسي معلنا أن المسلمين "قد عرفوا شكلا واحدا على الأقل من الأشكال المسرحية المعترف بها وهو مسرح خيال الظل". وفي ذلك يقول محمد مندور في كتابه المسرح: "لقد ظللنا حتى السنوات الأخيرة نشهد في البلاد المصرية فنونا شعبية تشبه المسرح أو السينما الحديثين، ومن أهمها خيال الظل الذي يسمونه بالإنجليزية Shadow play وبالفرنسية L’ombre chinoise أي الظل الصيني". ويضيف مندور ان هذه التمثيليات التي يعرضها صاحب خيال الظل تسمى "البابات" وهي لا تعرض في بيوت ثابتة بل في خيام متنقلة أو في أحواش مسورة بالخشب، وتعرض على ستار من قماش أبيض "تنعكس عليه من الخلف ظلال عرائس من الورق المقوى أو الجلد المضغوط، وقد وضع خلف تلك العرائس مصباح يعكس ظلا على الستار، والعرائس مكونة من أعضاء تتحرك بواسطة مفاصل، وقد علقت تلك العرائس واتصلت بها وبأجزائها المختلفة خيوط تتجمع في يد صاحب الخيال، وبفضلها يحرك تلك العرائس حسبما يشاء، ووفقا لمقتضيات الحوار الذي يلقيه صاحب خيال الظل القابع خلف الستار، فيسمعه المشاهدون ويرون الصور المتحركة التي تصاحبه".

لقد عرف خيال الظل في مصر وفي بلدان عربية وشرقية منذ القرون الوسطى، كما يزعم بعض المؤرخين أن الفاطميين قد عرفوه أيضا، لكن لا توجد هناك بابات مكتوبة إلا منذ عصر الظاهر بيبرس لصاحبها المعروف محمد بن دانيال (1248-1311). وهناك خيال ظل تركي يختلف بعض الشيء عن خيال الظل العربي والمصري. وهناك صندوق الدنيا الذي كان صاحبه يحمله على ظهره هو والدكة كي يجلس عليها المشاهدون، وكان صاحبه يطوف الشوارع والحارات للعرض، حيث يرى المشاهدون من خلال فتحة زجاجية صورا ملونة متعاقبة فيما يقوم صاحب الصندوق بتفسير ما يراه المشاهدون بصورة مستفزة وجذابة.

وفي رأي محمد مندور فإن "هذه الفنون الشعبية لم تخلق أدبا ولا خلفت تراثا أدبيا، ولكنها ولا شك مهدت العقول والحواس للإقبال على فن التمثيل، بل والسينما، وإن كنا نخشى أن يكون تأثيرا سيئا، وربما رجع اليه السبب في أن جمهورنا العربي والمصري لم يستطع حتى الآن ان يتخلص تخلصا تاما من نظرة الاستخفاف وأحيانا الازدراء لهذين الفنين".
لا شك أن خيال الظل هو أكثر الفنون الشعبية قربا من المسرح الحديث، ففي صندوق الدنيا يقوم عارض الصور بدور المنشد والرواية، وفي الأراجوز توجد شخصيات تتحرك وتنفعل وتقول حوارا، ولكن هذا الفن في أساسه يعتمد على الدمى، أما خيال الظل فهو يمتاز عنهما باستعمال الصورة والضوء معا، ويعرض لصور من الحياة فيها عديد من الشخصيات يقف من ورائها عدد من اللاعبين المحترفين.

يرى مندور أن فن المسرح لم ينشأ في العالم العربي الحديث نتيجة لتطوير أي فن قديم في البلاد أو أي فن شعبي كخيال الظل والأراجوز، الأمر الذي يختلف عنه في أوروبا، إذ أن هذا الفن المسرحي هناك هو استمرار للمسرح الإغريقي الذي بقي يتطور ويمر في مراحل تطوره حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن. ذلك يعني أن المسرح الأوروبي اليوم هو استمرار للمسرح الأوروبي القديم، بينما المسرح العربي لم يعرف في العالم العربي القديم، إنما هو وليد العصر الحديث الذي اختلطت فيه الحضارة الشرقية بالغربية مولدة المسرح العربي الحديث. كيف حدث هذا التلاقح بين الحضارتين؟ وهل نظر الجمهور العريض إلى هذا الفن نظرة احترام وتقدير؟

يشير الباحثون والدارسون في كتاباتهم إلى أن الفضل في نشأة المسرح العربي الحديث يعود لمارون النقاش الذي واجه ما واجه من معارضة، كما ذكرنا آنفا، خاصة وأن معظم الفنون الشعبية التي عرفها العرب قبل النقّاش كانت تميل إلى الفكاهة والتندر بمنأى عن الجدية، وبالذات أن بعض هذه الفنون قد شابها الكثير من المجون التي تجافي المنطق العربي الشرقي وتتنافى مع عاداته وأخلاقه. وكان على النقاش أن يعمل بجد كي يحول النظرة السائدة لإدراك أن ما يقوم بعرضه هو عمل أدبي محض يحمل رسالة أخلاقية وفكرية راقية.

لقد كان مارون النقاش مولعا بالأدب والفنون والعلوم واللغات، كما جاء على لسان أخيه نقولا النقاش (1825-1894) في كتابه "أرزة لبنان"، ويضيف أنه تعلم التركية والإيطالية والفرنسية فضلا عن الموسيقى التي اتقنها جيدا. وبفضل عمله بالتجارة فقد تسنى له أن يصل إلى المدن السورية وأن يطلع على حياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم في بيئاتهم المختلفة. سافر سنة 1846 إلى الاسكندرية والقاهرة، ثم ذهب إلى إيطاليا، وهناك تعرف على فن المسرح، وشاهد المسرحيات والأوبرات. أعجب النقاش بهذا الفن لما فيه من نصائح ومواعظ لعامة الناس. قام حال رجوعه إلى بيروت بتعليم بعض أصحابه من الشبان أصول التمثيل. وفي سنة 1847 قدم في بيته، إلى أصحابه مسرحية "لبخيل"، ودعا إليها كامل قناصل البلدة وأكابرها، وفي سنة 1850 قدم في بيته أيضا مسرحية "أبو الحسن المغفل" (أو هارون الرشيد) التي دعا لحضورها والي الإيالة ونخبة من رجال الدولة العثمانية المتواجدين في بيروت آنذاك، إضافة إلى قناصل الدول ووجهاء البلدة. ثم أنشأ المسرح الشهير الملاصق لبيته وقدم به مسرحية "السليط الحسود". وفي سنة 1854 سافر إلى طرسوس لأجل التجارة ولكن نفسه كانت حزينة بسبب ما لاقاه من جحود من أهل بلده، وفي سنة 1855 أصابته حمى شديدة أودت بحياته.
نلاحظ أن مارون النقاش قد دعا إلى مسرحه الكبراء والوجهاء من العرب والأتراك والأجانب، وأنه قام بنقل المسرح الأوروبي إلى الشرق حسب أصوله الغربية، كما أقر هو نفسه بذلك في الخطبة التي ألقاها قبيل عرض مسرحيته الأولى. ففيها يتطرق إلى تفوق الغرب على الشرق في هذا المجال، وإلى أهمية هذا النوع الأدبي الذي يستقطب حتى الملوك للمشاهدة والاستفادة مشيرا إلى أنواع المسرحيات هناك، فيقول إنها "تنقسم إلى مرتبتين كلتاهما تقر فيهما العين، إحداهما يسمونها بروزا، وتنقسم إلى كوميديا ثم إلى دراما وإلى تراجيديا ويبرزونها بسيطة بغير أشعار، وغير ملحنة على الآلات والأوتار، وثانيتهما تسمى عندهم أوبرا، وتنقسم نظير ذلك إلى عبوسة ومحزنة ومزهرة، وهي التي في فلك الموسيقى مقمرة".

أشار دافيد أركيوهارت في كتاباته التوثيقية إلى مدى حماس مارون النقاش لنقل المسرح إلى لبنان كما رآه في أوروبا تماما، ومع ذلك نراه يدخل بعض التعديلات على مسرحه، مراعاة للذوق السائد في تلك الأيام، كما يتضح ذلك جليا في كتابات ابن أخيه سليم النقاش: "...ولما رأى عدم ميل أبناء وطنه إلى هذا الفن المفيد نظرا لعدم معرفتهم بمنافعه زاده فكاهة فجعل في الرواية الواحدة شعرا ونثرا وأنغاما، عالما أن الشعر يروق للخاصة والنثر تفهمه العامة، والأنغام تطرب". وبالرغم من المجهود الكبير الذي قام به مارون النقاش، إلا أنه لم يلق من الدعم ما كان يأمل، ورأى أن هذا الفن لن ينجح في البلاد العربية فأوصى، كما أسلفنا أعلاه، أن ينتقل المسرح لملكية الكنيسة المارونية. لكن اسمه ما انفك يتكرر كلما دار الحديث عن رواد المسرح الحديث، خاصة أن تلاميذه قد تابعوا طريقه.

لقد فضل مارون النقاش أن يؤلف أعماله المسرحية متبعا أسلوب الأوبرا، رغم صعوبته، كما يشير إلى ذلك الباحث محمد مندور، مضيفا أن الروايات الثلاث التي قدمها النقاش كانت، إما من نوع الأوبرا أو الأوبريت، وبذلك فهو يرى أن النقاش، بعمله هذا، قد حدد الصورة التي اتخذها فن المسرح في العالم العربي الحديث، والتي استمرت عشرات السنين في كل من لبنان وسوريا ومصر.

حاول نقولا النقاش أخو مارون النقاش وتلميذه متابعة طريق أخيه، ويبدو أنه كان متأثرا بالفن المسرحي الإيطالي، فكان هو وتلاميذه يتبعون أسلوبا بعيدا عما هو مألوف في بيئتهم التي وجدوا فيها. أما التلميذ الثاني الذي تخرج من مدرسة مارون النقاش فهو سليم خليل النقاش (ت1884) ابن اخي مارون الذي ألف فرقة مسرحية في بيروت، وكانت أولى الفرق التي وفدت على مصر من لبنان، وهو يعتبر صاحب الخطوة الثانية الجديرة بالالتفات والتقدير، بعد خطوة عمه.

ومن أهم رواد المسرح الذين عرفتهم بلاد الشام، كان أحمد أبو خليل القباني، الذي يعتبر المؤسس الأول للمسرح الحديث في سوريا، إذ يقول الباحث محمد نجم: "لا نعرف للتمثيل تاريخا في سوريا، قبل ظهور أحمد أبو خليل القباني فيها". عائلته من أصل تركي، وبالتحديد من قونية، هاجرت إلى دمشق واستقرت هناك، تعلم القراءة ومبادئ العلوم في أحد الكتاتيب، ثم انتقل إلى إحدى المدارس الابتدائية. وفي بدايات شبابه أخذ يحضر حلقات الدرس في المساجد والبيوت، ثم احترف مهنة القبان، وفي هذه الأثناء كان ينمي ميوله الموسيقية والغنائية، فاكتسب الكثير من أساتذته حتى أشادوا له بذلك.
لقد عمل في مجال المسرح في سوريا منذ سنة 1878 حتى سنة 1884، ويقال إنه التقط أصول هذا الفن من مشاهدته لمسرحيات فرنسية تم عرضها في إحدى مدارس دمشق، كما ويقال إنه تعلم أصول هذا الفن من اللبنانيين، وقد شاهدهم يمثلون في كل من بيروت ودمشق. كان ابو خليل القباني يؤلف المسرحيات ويلحنها ويخرجها، ويشترك في تمثيلها والغناء فيها. ومن أهم مسرحياته، "محمود نجل شاه العجم" و"ناكر الجميل" و"عنترة" و"أسد الترعة" و"لوسيا وأنس الجليس" و"كسرى أنو شروان".

كان ابو خليل القباني، بحد ذاته ظاهرة فنية، فقد اكتسب فن الموسيقى والغناء وألف الأزجال والأشعار، ولم ينقل هذا الفن عن الغرب، ولم يسافر إلى هناك لغرض اقتباسه. بعد النجاح الذي لاقاه في بلاد الشام قام بعض المعارضين لهذا الفن باعتراض مسيرته المسرحية والفنية، باعتباره مناقضا للقيم والأخلاق الدينية، حسب رأيهم، وكان آنذاك منهمكا في التحضير لمسرحية "ابو الحسن المغفل". رفع هؤلاء اعتراضا إلى الحكومة العثمانية في الآستانة، رافضين القبول بظهور هارون الرشيد على المسرح على شكل أبي الحسن المغفل، فصدر عنها أمر بمنع التمثيل في سوريا، وهكذا قضي على المسرح في هذا البلد. ويضيف الباحث جوزيف زيدان سببا آخر وهو إدخال ممثلتين لبنانيتين، وجدنا ان اسمهما "الآنستان بيبة ومريم"، كما جاء على لسان أحد الكتاب.

لقد اعتمد القباني بشكل واضح على القصص الشعبية التي اعتاد قصاصو المقاهي على قصها للزبائن، وعلى السير الشعبية، ولم يعتمد النص الأدبي، في المقام الأول، أساسا لمسرحياته التي ألفها، بل جعل الإنشاد والرقص والغناء أهم عناصر مسرحه المهمة، مما جعل أحد الباحثين يعلن بأن "القباني هو صورة متطورة للقاص الشعبي، متخذا المسرح أداته في القص". ولقد رأى بعض الدارسين أن مسرح القباني أضعف صياغة من مسرح مارون النقاش، لأن معرفة القباني بالمسرح الأجنبي اقتصرت على اللغة التركية، فعمد إلى الموسيقى والإنشاد والرقص لتغطية ضعف البناء المسرحي، "فكانت النتيجة العملية لكل هذا نشأة البراعم الأولى لفن الأوبريت في البلاد العربية".

لعب رواد المسرح في كل من سوريا ولبنان دورا هاما ومفصليا في وضع اللبنات الأولى للمسرح العربي، لكن هذا الفن تطور وانتعش في مصر. يعزى ذلك إلى شبه الاستقلال الذي تمتعت به مصر، في تلك الحقبة الزمنية، وبعدها الجغرافي عن مركز الخلافة العثمانية. فقد قام الخديوي اسماعيل ببناء دار للأوبرا (1869)، بينما تعرضت بلاد الشام، في تلك الفترة، لحركة قمع فكرية عثمانية تركية، مما حدا بكثير من الفنانين والشعراء إلى النزوح من بلاد الشام إلى مصر. وكانت أول فرقة مسرحية وفدت آنذاك (1876-1877) هي فرقة سليم النقاش حيث نزلت في الاسكندرية الأكثر تحررا. تألفت الفرقة من اثني عشر ممثلا وأربع ممثلات، قامت بتقديم بعض التمثيليات المترجمة عن اللغة الفرنسية، خلف سليم النقاش في الإشراف على الفرقة زميله يوسف خياط (1877-1895). كما ظهرت فرق شامية أخرى لعبت دورا مهما على ساحة المسرح المصري وهي فرقة سليمان القرداحي (1882-1909)، وفرقة سليمان الحداد (1887)، وفرقة اسكندر فرح (1881-1909)، هذا إضافة إلى فرقة أبو خليل القباني التي وصلت مصر هي الأخرى في نفس الفترة الزمنية (1884-1909) لتتابع عملها المسرحي الذي بدأته في سوريا.

يؤكد الباحث محمد مندور على أهمية ما قام به أهل الشام، مشيرا إلى انتقال أهم تلك الفرق من هناك والإقامة في مصر، كما ذكرنا أعلاه، ويضيف أنه كان لهؤلاء السوريين، بنوع خاص، فضل في ظهور رائد فن الأوبرا والأوبريت المصري الشيخ سلامة حجازي (1852-1917) الذي أخذ هذا الفن عن القباني قبل أن يستقل ويكون فرقته الخاصة التي عملت من سنة 1905-1914. لم يقتصر دور السوريين على دورهم الريادي في إنشاء الفرق والمسارح بل ساهموا مساهمة كبرى في ترجمة وتعريب وتحضير الكثير من المسرحيات الغربية قبل وأثناء وبعد مساهمة المصريين في تلك الحركة. إن ظهور هذه الفرق الشامية في سنوات السبعين على أرض مصر مثلت نهاية مرحلة وبداية لمرحلة جديدة، فقد أصبح المسرح تجاريا وأكثر تنظيما عما كان عليه من قبل.

قدمنا أعلاه استعراضا موجزا لدور رواد المسرح في بلاد الشام، وبالتحديد في لبنان وسوريا، وبدا للقارئ والمتابع أن هذا الفن الحديث قد وضع لبناته الأولى هناك. وعليه يطرح السؤال ما هو الدور الذي لعبته مصر نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين؟

يشير الباحثون إلى عدم وجود فن مسرحي عربي في مصر، بشكله المألوف اليوم، في القرن الثامن عشر، بل نراهم يتحدثون عن انتشار الفنون الشعبية الاستعراضية على اختلافها، وهم يعتمدون في معلوماتهم هذه على ما رواه بعض الرحالة، واولهم الدانمركي كارستين نيبور الذي وصل الاسكندرية سنة 1761. يتحدث نيبور عن عروض الشوارع بشكل دقيق، مشيرا، أولا، إلى فن الغوازي اللواتي يعملن لقاء أجر زهيد. تتكون هذه الفرق من مجموعة راقصات غجريات غير متزوجات يرقصن في الأماكن العامة وفي البيوت في مناسبات الأفراح. وكان مصدر رزقهن الزهيد يتقاضينه حين يؤدين رقصاتهن مقابل بيوت الأوروبيين المنتشرة عند الشاطئ.

بعد ذلك يتحدث نيبور عن فني الأراجوز وخيال الظل. فيقول إن فن الأراجوز منتشر في أرجاء القاهرة، وإن لم يتطور، برأيه، رغم تقادم السنين، ويضيف انه فن جدير بالاهتمام لولا ان متفرجي القاهرة يجعلون تمثيلياته مقززة. أما خيال الظل فهو محبوب جدا في الشرق، وإن لم ترق له باباته نظرا لسخريتها من عادات الأوروبيين ولباسهم. كما يتحدث عما شاهده من فنون شعبية أخرى واستخدامهم الحيوانات في ألعابهم، خاصة القرود، للإمتاع والمؤانسة.

بعد ذلك ينتقل للحديث عن فن المسرح الذي فاجأه حين يكتشف أن هناك عددا كبيرا من الممثلين من مسلمين، مسيحيين ويهود يمثلون حيثما يدعون، وفي الهواء الطلق، لقاء أجر زهيد جدا. فقام نيبور باستدعائهم ليمثلوا في بيت صديق إيطالي لم يُعجب بهذا التمثيل لا هو ولا أصدقاؤه. كانت بطلة المسرحية امرأة قام رجل ملتح بأداء دورها دون أن يوفق في إخفاء لحيته.

بعد خمسة وثلاثين عاما يمر بمصر سائح أوروبي آخر يدعى بلزوني، وهو إيطالي الجنسية قام بتسجيل بعض ما شاهده من تمثيل الفنانين الجوالين المعروفين باسم "المحبظين"، شاهد مسرحيتين قدمتها فرقة شعبية مصرية في احتفال أقيم في شبرا سنة 1815.

بعد هذا التاريخ بحوالي خمسة عشر عاما نجد المستشرق إدوارد لين يتحدث عن فرق "المحبظين" الذين يضحكون الناس بنكات هابطة مفسدة. وكان هؤلاء يُشاهدون في حفلات الزواج والختان في بيوت الكبراء، وأحيانا في ميادين القاهرة العامة يتحلق المشاهدون حولهم. لم يكن بين هؤلاء "المحبظين" أي امرأة، بل كان يقوم بهذا الدور رجال وصبيان في لباس امرأة.

هذه "الفنون" الشعبية لم تخلق مسرحا عربيا حديثا، أما المسرح بمفهومه الحديث فقد عرف طريقه إلى مصر مع حملة نابليون إلى مصر (سنة 1798)، فقد شهدت قيام أول مسرح أوروبي للتمثيل في العالم العربي، أنشأه الجنرال مينو سنة 1799 وأطلق عليه، كما يقول جرجي زيدان، "مرسح الجمهورية للفنون"، وقد ذكر الجبرتي أن أفراد الجالية الفرنسية كانوا يعرضون فيه مسرحياتهم أمام الفرنسيين للتسلية والترفيه، مرة كل عشرة أيام، ولكنه كان قصير العمر. ثم لا تذكر المصادر شيئا عن اهتمام الغربيين بالتمثيل في مصر حتى وصل إلى الحكم محمد علي باشا (1805)، فمُهدت الطريق أمام الأجانب بالذات الفرنسيين منهم لإقامة مسرح جديد، ومن ثم إقامة مسارح أوروبية حديثة في عصر سعيد باشا، بالذات في القاهرة التي سبقت الاسكندرية في هذا المجال.

شهدت فترة الخديوي اسماعيل، الذي حكم مصر ست عشرة سنة (1863-1879)، انتعاشا وانتشارا للعديد من الفنون، وقد عرف عنه ميله إلى تمدين مصر لتقترب أكثر من الغرب، فاهتم، بشكل خاص، بإقامة مسارح أوروبية على أرض مصر أواخر الستينات من القرن التاسع عشر. فقد أنشأ مسرح الأزبكية سنة 1868، ليقدم خدماته للفرق الأجنبية الوافدة إلى مصر، ثم بنى مسرح دار الأوبرا ليتمكن من استيعاب عرض أوبرا "عايدة" بمناسبة افتتاح قناة السويس سنة 1869، كانت هاتان القاعتان أوروبيتي الطابع كليا. بعد ذلك تم بناء عدد من المسارح في القاهرة والاسكندرية لخدمة الفرق الأوروبية الوافدة إلى مصر.

لعل أول خطوة جدية في سبيل إقامة مسرح عربي في مصر هي تلك الخطوة التي قام بها يعقوب صنوع (1839-1912)، المولود في القاهرة لأبوين يهوديين. كان صنوع ذا ثقافة واسعة ومتشعبة، درس في صباه التوراة ثم درس الإنجيل والقرآن. كان أبوه مستشارا للأمير أحمد يكن حفيد محمد علي فأرسله الأمير إلى إيطاليا، بعد أن لاحظ عليه سمات الذكاء والنبوغ. درس على نفقته ثلاث سنوات (1852-1855)، فتسنى له بذلك أن يطلع على ثقافة البلاد. وكان يتقن العربية والإنجليزية والإيطالية والألمانية والبرتغالية والأسبانية والمجرية والروسية والبولونية والعبرية. انهمك حال عودته إلى مصر في العمل الصحفي يكتب المقالات في الصحف والمجلات، ويكتب الدراسات والقصص القصيرة والشعر في عدة لغات، العربية، الفرنسية، الإيطالية والإنجليزية.

عاشر صنوع الكبراء ودخل بيوتهم وعلم أبناءهم اللغات والعلوم الأوروبية، وبناتهم الفنون الزخرفية والموسيقى. رأى، بفضل ذكائه وخبرته التي اكتسبها في إيطاليا، أنه من الضروري بناء مسرح حديث على طراز غربي لإيمانه أن المسرح أداة فعالة في إنهاض الشعوب، فقام باختيار الممثلين وتعليمهم فن المسرح، ومن ثم التأليف لهم، وهناك من يقول إن المصلح جمال الدين الأفغاني قد نصحه بإنشاء مسرح يتعرض للأوضاع السياسية في مصر وأن ينشر هذه الأفكار بين طبقات الشعب الفقيرة.

يقر صنوع هو أيضا بفضل المسرح الأوروبي عليه، كما أقر بذلك من قبله مارون النقاش، وذلك في محاضرة له كان قد ألقاها في باريس سنة 1903 يتحدث فيها عن مسرحه وعن مساهمته في إنشاء المسرح العربي الحديث، جاء فيها: "ولد هذا المسرح في مقهى كبير، كانت تعزف فيه الموسيقى في الهواء الطلق، وذلك في وسط حديقتنا الجميلة (الأزبكية)، في ذلك الحين أي في سنة 1870. كان ثمة فرقة فرنسية قوية تتألف من الموسيقيين والمطربين والممثلين، وفرقة تمثيلية إيطالية، وكانتا تقومان بتسلية الجاليات الأوروبية في القاهرة. وكنت أشترك في جميع تلك التمثيليات التي تقدم في ذلك المقهى [...]، وإذا كان لا بد لي من أن أعترف، فلأقل إذن، إن الهزليات والملاهي والغنائيات والمسرحيات العصرية التي قدمت في ذلك المسرح هي التي أوحت إلي بفكرة إنشاء مسرحي العربي، [...] وقبل أن أقدم على إنشاء مسرحي المتواضع، قمت بدراسة جدية للكتاب والمسرحيين الأوروبيين، [...] وعندما أحسست بأنني أصبحت متمكنا، إلى حد ما، من الفن المسرحي، كتبت غنائية في فصل واحد، باللغة العامية، وأقحمت فيها بعض الأغاني الشعبية [...] ولقد شجعني نجاح هذه المسرحية على ألا أتوقف أبدا، بل مضيت في سبيلي قدما، وكان علي أن أؤلف فرقة تمثيلية حقيقية تضم ممثلات من النساء، لا من رجال تنكروا في أزياء نساء. ولقد وفقت في ذلك الحين على العثور على فتاتين فقيرتين جميلتين كانتا على جانب كبير من الخلق القويم. [...] وبعد مرور أربعة أشهر على قيام هذا المسرح القومي، دعاني الخديوي إسماعيل وفرقتي إلى التمثيل على مسرحه الخاص في قصر النيل، وبعد أن مثلت مسرحيتين، قال لي أمام الوزراء وكبار رجال القصر: نحن ندين لك بإنشاء مسرحنا القومي فإن كوميدياتك وغنائياتك ومآسيك قد عرّفت الشعب على الفن المسرحي، فاذهب فإنك موليير مصر، وسيبقى اسمك كذلك أبدا".

تابع صنوع في مسيرته يؤلف المسرحيات ويخرجها ويدرب الممثلين على تأدية أدوارهم حتى بلغت مسرحياته اثنتين وثلاثين، معظمها تصوير للواقع الذي تعيشه مصر وانتقاد للتخلف والواقع الاجتماعي في تلك الأيام، "وفي هذه المسرحيات يسير الأثر الأوروبي والأثر الشعبي جنبا إلى جنب داخل القالب الغربي، وإن كانت الحياة العملية الحافلة التي عاشها صنوع، قد جعلته أكثر من سلفيه قربا من الناس العاديين وأقدر على ملاحظتهم وهم يضطربون في حياتهم اليومية".
لفت صنوع نظر المؤرخين والمحللين والدارسين حتى رأينا محرر الساتردي ريفيو يصف، في عددها الصادر في 26 يوليو سنة 1876، دور صنوع بخالق المسرح العربي وحده لكونه المؤلف والممثل والمدير والملقن، ويضيف ان ما يثير الاعجاب حقا هو تقمصه شخصية الفلاح المصري حين يقوم بهذا الدور فيحلو لك سماع ملاحظاته اللاذعة وضحكاته البريئة، إلى جانب عبراته الصامتة وهي تتساقط على خديه الضامرين، فهو قادر على ان يجمع في شخصه شعبا بأكمله.
يلاحظ الراعي بعد قراءته لإنتاج صنوع المسرحي ان تصويره للسادة في مسرحه تصوير ضعيف، فهم عادة أناس باهتون، بينما شخصياته الشعبية قوية وواضحة. ويرى أنه قد لجأ إلى كل الحيل الفنية لكي يستنبط الضحك، فاستخدم النكات اللفظية والجنسية، كما استعمل الهزل والفكاهة الراقية، فقدم من ناحية تهريجا وقدم ايضا أفكارا، لقد فهم ان المسرح فرجة ولكن يجب أن يحمل رسالة وهدفا.

استمر صنوع في تقديم عروضه على المسرح الذي أنشأه مدة سنتين، ولكن بعض موضوعاته كتعدد الزوجات، ونقده للإدارة الحكومية وللخديوي نفسه بسبب بعض المظالم، وقيام علماء الأزهر بتقليده وتأليف مسرحيات عربية وتمثيلها، ولأسباب أخرى جعلت الخديوي إسماعيل يصدر قراره سنة 1872 بإغلاق المسرح.
يرى علي الراعي بختام صنوع لأعماله يكون قد اكتمل للمسرح العربي "المجلوب" الأنماط الثلاثة التي ظل يصب فيها أعماله منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى الآن وهي: المسرحية الجادة، التي تعتمد بالأساس على النص الأدبي، والمسرحية الكوميدية الانتقادية ذات الأساس الشعبي، والأوبريت، أو المسرحية الغنائية. ويضيف أن المسرح العربي ظل يقدم الأنماط الثلاثة "مقتبسة أو مؤلفة تأليفا متهافتا" حتى أن ظهر المؤلف المحلي، الذي سنأتي على ذكره لاحقا.
بعد إغلاق مسرح صنوع توقف التمثيل العربي في مصر مدة أربع سنوات إلى أن بدأت الفرق الشامية التي أشرنا إليها سابقا، تفد إلى مصر، وتقوم بدور فاعل في نشر المسرح العربي في مصر بل وبعض الدول العربية الأخرى، كتونس والجزائر. ومن الأمور الهامة التي تنسب لهذه الفرق أنها فتحت المجال لتعاون شامي مصري، كمشاركة الشيخ سلامة حجازي في فرقة يوسف الخياط والقرداحي والحداد واسكندر فرح مغنيا أحيانا، ومغنيا وممثلا أحيانا أخرى، ومشاركة المغني المصري الشهير عبده الحمولي (1836-1901) في فرقة القباني. ومع ذلك فإن "بعض النقاد المصريين أمثال لويس عوض يدّعون أن هذه المرحلة الشامية في تاريخ المسرح المصري هي مرحلة عابرة، رغم أنها امتدت حتى أواخر سنوات العشرين من القرن العشرين، وظلت قادرة على إيقاف تطور مسرح مصري قومي مثل ذلك الذي أنشأه صنوع ومحمد جلال عثمان".

ذكرنا أن من أهم إفرازات اللقاء الشامي المصري هو بروز فنانين مهمين في تاريخ المسرح العربي الحديث ومنهم الشيخ سلامة حجازي الذي يبدأ تاريخه الخاص في أوائل سنة 1905 حين ألف أول جوق خاص به، وفيه يقول محمود تيمور: "في شخصية الشيخ سلامة التقت موهبتان أصيلتان، موهبة التلحين وموهبة التمثيل. بهما أصبح طرفة فنية نادرة [...] وأذكر أن الشيخ سلامة حجازي عرّج على إيطاليا في بعض جولاته، وأحيا هناك حفلات سمعه فيها المغني العالمي كاروزو وشهد له، ويروى أن الفنانين الايطاليين قالوا: "لو ان ذلك الفنان المصري كان من قومنا لجعلنا منه كاروزو آخر".
لقد جدد الشيخ حجازي كثيرا في مجال الغناء إذ الغى التواشيح والمقدمات والليالي والتقسيمات الموسيقية التي كانت تسبق الغناء وتمهد له تمهيدا طويلا، وبذلك يكون قد مهد للموسيقى والغناء المسرحيين ومهد الطريق لعملاق الموسيقى المسرحية الشيخ سيد درويش. أما في مجال التمثيل فهناك من يرى أن التمثيل قد انتقل من طوره الأول إلى طوره الثاني يوم ان احترف الشيخ سلامة التمثيل العربي، ففي عهده ارتقى اسلوب المعربين وترجمت عدة روايات عن الفرنسية والانجليزية.

وقبل الانتقال الى الحديث عن المؤلف المحلي علينا أن نوضح نقطة هامة جدا وهي أن معظم المسرحيات التي عرضتها الفرق الشامية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر هي مسرحيات مترجمة أو معدة، بالأساس عن اللغة الفرنسية، لكتاب معظمهم شاميون، فاللغة الأوروبية الأساس في مصر منذ محمد علي وحتى الاحتلال الانجليزي لمصر (1882)، هي اللغة الفرنسية. ويذكر أن مسرحية "هملت" التي عرضتها فرق القباني وحجازي ويوسف وهبي ترجمت عن الفرنسية لا عن اللغة الانجليزية.
ولعل ما قام به الباحث علي الراعي ما يعطي الإجابة الوافية لهذه القضية بالتحديد حين يتحدث عن الإرهاصات التي سبقت ظهور الكاتب المحلي، ويتوقف عند المسرحية الاجتماعية "صدق الإخاء" (1894) لمؤلفها إسماعيل عاصم التي ناقشت ترف الأغنياء وتبذيرهم، والخلل في حرية التعليم وحق تكوين الأحزاب، وتفرق أهل مصر عن حقهم الذي فتح المجال للأطماع الغربية، وسهل للغريب احتلال أرضهم. تكمن أهمية المسرحية في كونها "البشير الأول بقيام المسرحية الاجتماعية المؤلفة [...] أما المصدر الثاني لأهمية هذه المسرحية على وجه الخصوص، فهي أنها مضت قدما مع رحلات الفرق الفنية، فاقتحمت تونس الخضراء".

وكما هو الأمر بالنسبة للرواية العربية الحديثة، التي سبقتها إرهاصات عديدة، من تعريب وتمصير وترجمة إلى أن ظهرت رواية التسلية والترفيه والرواية التاريخية، هكذا حدث في مجال المسرح أيضا. يشير الراعي إلى المؤلف إبراهيم رمزي (1884-1949) الذي كتب عددا من المسرحيات التاريخية، الاجتماعية والغنائية وأهمها: "الحاكم بأمر الله" (حوالي 1914)، و"أبطال المنصورة" (1915)، و"بنت الإخشيد" (1916)، و"البدوية" (1918)، و"إسماعيل الفاتح" (1937)، و"شاور بن مجيد" (1938)، والمسرحية الاجتماعية "صرخة طفل" (1923). وفي الفترة نفسها يظهر كاتب مصري آخر وهو محمد تيمور (1892-1921) الذي أخرج مسرحيات: "العصفور في القفص" (1918)، و"عبد الستار أفندي" (1918)، و"الهاوية" (1921)، وهي مسرحيات ذات أسس أجنبية فرنسية في الغالب الأعم، قام تيمور بتمصيرها وتقريبها من الواقع المصري، مبتكرا شخصيات وحوادث قريبة من الواقع المحلي. وأخيرا يظهر الكاتب الكبير توفيق الحكيم (1898-1987) الذي كان له دور هام جدا في دعم الحركة المسرحية في مصر ابتداء من مسرحيته المفقودة "الضيف الثقيل" (1919)، حتى أول سرحمية وصلتنا كاملة وهي "المرأة الجديدة" (1923).

يعتبر الكثيرون العقد الثاني من القرن العشرين إحدى أهم المحطات في تاريخ المسرح العربي الحديث، ويعود الفضل فيه للمسرحي جورج أبيض (1880-1957). ولد أبيض في بيروت وانهى مرحلته الأولية من الدراسة ولما يبلغ الثانية عشرة، فترك مدرسة الفرير والتحق بمدرسة الحكمة في بيروت، وفيها اتقن اللغة العربية التي كانت تهتم بها هذه المدرسة، ونال شهادتها سنة 1897. ثم عين في بعض الوظائف، ولكنه لم يستقر بها إذ غادر لبنان إلى مصر وحل في الاسكندرية أواخر سنة 1898.

ويعتبر عمله "أول خطوة حقيقية نحو إيجاد فن صحيح، مبني على الدراسة الأصولية، ومتصل بتراث المسرح الأوروبي العتيد". فإلى جانب ظهور المؤلف المحلي والملحن المسرحي ظهر لأول مرة الممثل المدرب بالأسلوب العلمي، فقد عاد من فرنسا في عام 1910 على رأس فرقة فرنسية لتقديم العروض باللغة الفرنسية، وذلك بعد ان كان الخديوي عباس حلمي قد أوفده إلى هناك سنة 1904، ودرس فيها أصول المسرح على يدي الممثل الفرنسي المرموق سيلفان، فأتيح له بذلك أن يلتقي بأساتذة كبار وأن يشاهد الفرق الفنية الكبيرة.

وفي عام 1911 كان الزعيم المصري سعد زغلول وزيرا للمعارف الذي قام بتعديل كل المناهج الدراسية الانجليزية التي وضعها الانجليز لتصبح عربية، فدعا إليه جورج أبيض الذي قام على الفور بحل فرقته الفرنسية وإرجاع أعضائها إلى فرنسا، وألف بدلها فرقة عربية، وعكف بعد ذلك عاما كاملا على إعداد وتعريب المسرحيات التي مثلها باللغة الفرنسية. وما لبث ان استقطب حوله مجموعة من أفضل المواهب والمحترفين، مما حفز كبار رجال القلم على التفرغ لأعمال الترجمة والتأليف، ومن أوائل الترجمات كانت "أوديب ملكا" لسوفوكليس ترجمها فرح أنطون، و"عطيل" ترجمها خليل مطران. وكان أول ما افتتحت به الفرقة نشاطها مسرحية شعرية بعنوان "جريح بيروت" من تأليف الشاعر الكبير حافظ إبراهيم.
لقد لاقت خطوة جورج ابيض، سنة 1912، العربية ترحيبا وتشجيعا واسعا فأقبل عليه الجمهور للمشاهدة من جميع الطبقات، وانضم إلى فرقته نخبة من المثقفين ومن ذوي المكانة الاجتماعية الذين كانوا حتى ذلك الحين يرفضون الانخراط في هذه الفنون مثل الممثل والكاتب المسرحي الكبير يوسف وهبي (بك)، مما أدى إلى ارتفاع مكانة الممثل والنص المسرحي معا. هذه الخطوة جعلت البعض يعلن أنها بداية مرحلة وانتهاء مرحلة لها خصائصها المميزة، فقد قدم جورج أبيض مسرحية "مصر الجديدة ومصر القديمة" للكاتب المسرحي فرح أنطون، وقد اعتبرت آنذاك بأنها أول مسرحية مصرية.

ومن الخطوات الهامة الجديرة بالدراسة والمتابعة هي الخطوة التي قام بها عزيز عيد (1884-1942) حين بدأ يهتم بفن الإخراج، بصفته فنا مفصولا عن التمثيل أو إدارة الفرق المسرحية، فعمل مع أبرز الأسماء في تلك الحقبة الزمنية، فشهد له الكثيرون بدوره الهام مثل الفنانة روز اليوسف والأستاذ زكي طليمات.
في هذه الأثناء كانت الحرب العالمية الأولى تهز العالم كله من مشرق الأرض وحتى مغربها، وكان من الطبيعي أن يحدث تراجع مؤقت في المسرح وفي غيرها من الفنون ، لكن ما ان وضعت الحرب أوزارها حتى انتعشت الحركة المسرحية في مصر، وشهدنا تواصلا أكبر وتبادلا ثقافيا بين الشرق والغرب، مما أفرز فرقا مسرحية جديدة وجيلا من المثقفين من كتاب ومترجمين ومسرحيين. كما بدأنا نسمع بأسماء ممثلات ومغنيات مصريات بدأن يظهرن على خشبة المسرح ويأخذن بعض الأدوار المركزية مثل منيرة المهدية (1885-1965) وغيرها.

رأينا أن المسرح بمفهومه الحديث قد وفد إلينا من الغرب، وبالتحديد منذ حملة نابليون على مصر، ما يذكرنا بمسيرة القصة والرواية الحديثتين، رغم الاختلاف بين الموروثين. لكننا نرى أن الموروث القصصي أعمق واوسع من الموروث التمثيلي.
يقر المسرحيون الاوائل بتأثرهم من المسرح الغربي، في أخذهم عن المؤلفات الغربية، لكنهم خنعوا للموروث، فحاولوا أن يمزجوا بين الحضارتين لجذب المشاهدين، ثم في فترة لاحقة كان عليهم أن يؤلفوا مسرحيات ذات طابع عربي شرقي. ونحن نجزم هنا أن التحول في المواضيع والمضامين قد حدث بصورة تدريجية.

بالرغم من تأثر كل من مارون النقاش وصنوع من المسرح الأوروبي وبالرغم من تقليدهما لأصوله، إلا أننا لاحظنا لجوء كل منهما إلى المواءمة بين الشرق والغرب، فكلاهما أدخل عناصر شعبية. فقد اشتهر صنوع، بالذات، بدور ابن البلد، فيما أن ابو خليل القباني قد حافظ على العديد من عناصر الفنون الشعبية الشائعة في أيامه.

لقد اضطر بعض الرواد إلى إدخال بعض الفنون الشرقية لاجتذاب المشاهدين الذين اعتادوا على الفنون الشعبية السابقة للمسرح الحديث، ولنقل إنها عملية مجاراة للذوق السائد لتسويق أعمالهم من ناحية، ولإيمانهم بأهمية المسرح الحديث ودوره في يقظة الأمة. فمن المعروف أن مارون النقاش، على سبيل المثال قد عرض مسرحية هزلية محلية معروفة في الاستراحة بين الفصول أثناء عرضه لمسرحية "أبو الحسن المغفل" إرضاء للحضور الذي تجاوب معها بانفعال شديد.

يستطيع المتابع للدراسات أن يرى أن الفنون الشعبية كانت منتشرة في العالم العربي منذ مئات السنين، وأنها أخذت أشكالا مختلفة من قطر لقطر، وإن كان هناك الكثير من التشابه بين هذه الفنون. كما نلاحظ أن هذه الفنون قد سبقت ظهور المسرح الحديث، وقد اختلفت آراء الدارسين في تقييم دور هذه الفنون، فمنهم من يرى أن لها دورا سلبيا في جعل البعض ينظر إلى المسرح والسينما في بداياتها نظرة استخفاف، والبعض يرى أنها، رغم ذلك، مهدت لظهور المسرح والسينما. وفي هذا يقول الباحث جوزيف زيدان: "بدون أن أضع نفسي في موقف حرج بالقول إن خيال الظل المعروف للعرب منذ سنة 1171م هو مسرح ذو مكانة عالية رغم أنه لا يخضع للنموذج الأرسطوطاليسي، فإني أريد أن أقترح وجود علاقة بين هذا النوع وبين المسرح العربي الحديث الذي ظهر حوالي منتصف القرن التاسع عشر".

أما فيما يتعلق بدور المرأة فقد وجدنا تجاهلا شبه تام لدورها، بل إن مجرد قيام ذكور بأداء دور المرأة كان من ضمن الأسباب التي أدت إلى إغلاق مسرح النقاش ومسرح القباني. وحين عملت في الفنون الشعبية فإنها لم تلق تشجيعا ولا تقديرا، بل استنكارا وتحقيرا. وكانت عملية تجنيدهن عملية مضنية وشاقة وتحمل نوعا من المغامرة. إنني اعتقد أننا أحوج ما نكون إلى القيام ببحث يتناول دور المرأة في هذا المجال لنتمكن من إعطاء الإجابة الوافية.
لا شك أن المراحل اللاحقة هي مراحل مهمة في تاريخ المسرح العربي الحديث، وبالتحديد المرحلة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الأولى وهي تستحق دراسات موسعة يجب أن تشمل دولا وأقطارا عربية شتى لأن المسرح لم يعد يقتصر على مصر وبلاد الشام، بل تعدى مجمل العالم العربي من مشرقه حتى مغربه. إننا على دراية أن هناك العديد من الدراسات التي تناولت هذا الجانب ولا تزال أقلام عديدة تتناوله في شتى أقطار الوطن العربي، آملين أن نجد نحن وغيرنا الوقت الكافي لتناول مسيرة المسرح الفلسطيني.

سيظل بعض الدارسين والباحثين مصرين على تناول موضوع الشرق والغرب وعملية المثاقفة، ما دام هناك إبداع، إذ لا يضيرنا أبدا ،برأيي، أي اقتباس من الآخر او أي تبادل ثقافي، ألم نأخذ من الفرس والرومان واليونان في القرون الوسطى؟ ألم تتمكن لغتنا العربية بفضل هذا التبادل الثقافي أن ترقى وتتوسع أكثر؟ وهل يتنكر أحد لدور العرب في "ألف ليلة وليلة"، و "كليلة ودمنة"، رغم أن أصولهما ليست عربية؟ ألم يتبوأ العرب حينذاك موقع الصدارة في العلم والأدب بعد أن كانوا قد استفادوا وأفادوا؟

هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة المشابهة قد تمت الإجابة عليها من خلال ما أفرزه  وما كرمت به قرائح المبدعين.

الأربعاء، 1 مارس 2017

الفنان المسرحي  عبدالله الطيب
بقلم : بدرالدين حسن علي
لا أريد ان ادخل في جدل حول حقيقة أن عبدالله الطيب شخصية قومية وموسوعة ناطقة في اللغة العربية ، يتمتع بكثير جدا من الأصالة والبلاغة والحضور الواضح المتميز ، وأن أكثر ما يؤلمني اليوم عدم تكريم أفذاذنا ، وإذا حدث فيكون بعد رحيلهم !
كان خالي الفكي عبد الرحمن يحب كثيرا الدكتور أحمد الطيب أحمد أهم رائد من رواد فن المسرح ، وكان دائما ما يحكي لي عن الدكتور البروفيسور عبدالله الطيب وعن أفضاله لأبناء السودان قاطبة ، وكنت مأخوذا بحكاياته عنهما التي لا تخلو من خفة الدم والكوميديا المسرحية ، وقد جذبتني مسرحيات عبدالله الطيب :
- زواج السمر.
2- نكبة البرامكة.
3- الغرام المكنون.
4- قيام الساعة.
5- مشروع السدرة.
وقلت للفكي وأنا طالب في الثانوية لماذا لا تهتمون بمسرحيات عبدالله الطيب بينما تهتمون بمسرحية " المك نمر " للعبادي ، قال لي هذا السؤال توجهه للمخرجين  المسرحيين من جيلك !
ظل السؤال يشغلني فحاولت أن أجد إجابة ، فوجدت نصوص مسرحيات عبدالله الطيب في مكتبة خالي ، فانتهزتها فرصة وبدأت قراءتها .
وجدت أن عبدالله الطيب مسكون بشعر الأقدمين ، نوع الشعر الصعب الذي يحتاج إلى شرح ، وربما يكون هذا أحد أسباب تردد المخرجين المسرحيين والإبتعاد عن مسرحياته ، بل رماه البعض بالجمود والتعلق بالقديم ، ولكن باعتقادي أن السبب الرئيسي يعود إلى عدم فهمنا الصحيح للمسرح ، وتعودنا على نمط مسرحي عفا عليه الزمن ، فقد أتيحت لي فرصة قراءة كثير من المسرحيات ذات اللغة الصعبة إستمتع بها الجمهور ، ولعل أقرب مثال مسرحيات وليام شكسبير ، وقد قرأت مسرحية حفل سمر لأجل خمسة حزيران للكاتب المسرحي السوري سعدالله ونوس التي أخرجها الفنان الراحل المقيم علي عبدالقيوم ، وكانت باللغة العربية الفصحى، أن المسرح يمتليء عن آخره بالجمهور ، بل يتفاعل مع الممثلين وكلمات المسرحية ، وهذا يعني أن المشكلة ليست في اللغة أو الشعر ، المشكلة في الفهم الخاطيء للمسرح .
عبدالله الطيب له العديد من المحاضرات يلقيها بخفة دم تدهشني ، ممثل بامتياز ، ولكن موع الممثلين
 العباقرة ، وإن قلت راوي فذلك النوع من الرواة الضين يبحلق فيهم الجمهور ماخوذا بقدرتهم الفائقة في الإدهاش والتأثير .
رحمك الله يا عبدالله فأنت فنان مسرحي من طراز خاص ، وتبقى أستاذتا وأستاذ أجيال من السودانيين وغيرهم الذين يحبونك ، وأنت يا أنطون تشيخوف قد تساءلت هل الناس سيذكروننا بعد مائة عام ، وأقول لك نعم سنذكرك ونذكر امثال عبدالله الطيب ولو بعد ألف عام .  

معرض القاهرة الدولي للكتاب القمر العربي المضيء
بقلم : بدرالدين حسن علي
قبل مجيئ لكندا كلاجيء سياسي  كان أهم حدث ثقافي بالنسبة لي هو معرض القاهرة الدولي للكتاب ولم يستطع أي معرض في العالم أن يزيل متعتي بمعرض القاهرة للكتاب ، كنت دائما أوفر الكثير من المال خصيصا للمعرض  ، وحتى إذا لم أكن في القاهرة فلا بد من المجيء إليها في يناير لحضور المعرض ، حيث احضر جميع الفعاليات والأنشطة الثقافية واشتري عددا كبيرا من الكتب .
 تزين منطقة أرض المعارض في يناير  من كل عام، بإعلانات ثاني أقدم معرض للكتاب في العالم، وهومعرض  القاهرة الدولي للكتاب الذي بلغ عامه الـ48 هذا العام وسط حالة من الترقب من القراء والناشرين.
زا ر المعرض 2 مليون شخص .
غالبا ما تصحبني الراحلة المقيمة حوريه حاكم أو تقل لي : ما رايحة خد راحتك ! أحمل " شنطة " فوق ظهري مليئة بالساندويتشات وزجاجات الماء وبعض الشاي والقوهة والبسكويت فأسعارها جميعا باهظة لأن البعض يستغلها مناسبة للثراء .

انطلقت فعاليات الدورة الأولى من معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 1969 جاء ذلك خلال فعاليات الاحتفال بألفية القاهرة ، ومدشّنًا لأول خطوة عربية على طريق الاهتمام بصناعة الكتاب وعرضه وإقامة فعالية سنوية يلتقى فيها الناشرون والقراء والمبدعون.
كان الهدف من معرض القاهرة ، هو التعريف بالكتاب، وفتح سوق جديدة أمام الكٌتاب والناشرين المصريين، وبيع الكتب وتوفيرها بشكل سهل وواسع للجمهور، وتطور الأمر حتى أصبح من ضمن أهدافه الحالية، التبادل الفكرى والثقافى بين الدول، إلى جانب الأهداف السابقة والدائمة للمعرض.
ترأس المعرض مجموعة من أبرز المثقفين والكتاب، كان أولهم الدكتورة سهير القلماوي، وكان ثروت عكاشة وزير الثقافة في وقتها، واستمرت في منصبها لثلاثة أعوام، ولا يأتي تولي رئاسة القلماوي للمعرض من فراغ بل كانت إحدى رائدات الفكر فى مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين، نظرًا لكونها أول فتاة تلتحق بالجامعة، واعتبرها عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين ابنته الروحية.
تلى القلماوي، الدكتور محمود الشنيطى الحاصل على ليسانس الآداب من قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة رئاسة المعرض من 1972 حتي عام 1978، والذي شغل عدد من المواقع، وتقلّد العديد من المناصب، فعمل مدرّسًا بوزارة المعارف، وأمينًا مساعدًا لمكتبة اليونسكو، كما تولى منصب وكيل وزارة الثقافة لشؤون المكتبات والوثائق القومية، وخلال هذه الرحلة تولّى رئاسة مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1971.
ثم تولى رئاسة المنصب، سعد الدين وهبة، والذي عُرف كمؤلف مسرحي وسينمائي، ولكنه تولى رئاسة مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1979.
وفي العام التالي بأمر من الرئيس محمد أنور السادات شاركت إسرائيل في معرض القاهرة الدولي للكتاب وكان الشاعر صلاح عبد الصبور هو من تولي رئاسة معرض القاهرة . ولمدة ثمانية عشر عاما ،تولى الدكتور سمير سرحان رئاسة معرض القاهرة الدولى للكتاب، من 1986 إلى 2004.
 وفي  العام 2016 كان برئاسة الدكتور هيثم الحاج على، تحت شعار "الثقافة فى المواجهة" وضيف شرف المعرض دولة البحرين وشخصية المعرض الروائي جمال الغيطاني و بمشاركة 34 دولة منها 21 دولة عربية وإفريقية و13 دولة أجنبية
كما يشارك 850 ناشر منهم 50 ناشرا أجنبيا و 250 ناشرا عربيا و550 ناشرا مصريا ، بالإضافة إلى 118 كشك بسور الأزبكية.
ويصاحب المعرض هذا العام نشاط ثقافى وفنى متميز ومتنوع والمحور الرئيسى للمعرض هو "الثقافة فى المواجهة " ، كما تقام مجموعة ندوات بمناسبة  وفاة نجيب
 محفوظ ، ووصل عدد الأنشطة هذا العام إلى أكثر من 12 نشاط بحوالى 50 فعالية يومياً ، ومن هذه الأنشطة اللقاء الفكرى ، كاتب وكتاب ، المقهى الثقافى ، الموائد
 المستديرة ، الاحتفاليات الفنية ، ملتقى الشباب ، نشاط الطفل ، إلى جانب معارض الفنون التشكيلية وأمسيات الشعر .
  كما تشارك أيضاً الأوبرا بعروض موسيقية تقدم فى مخيمات الأنشطة وشوارع المعرض ، وكذلك أكاديمية الفنون تشارك بعروض مسرحية منها مسرح الشارع.
ويستضيف المعرض هذا العام مجموعة كبيرة من الشخصيات من مختلف الدول لتشارك فى الفعاليات، وكانت شخصية المعرض هذا العام الشاعر الكاتب الكبير صلاح عبد الصبور .


 من تاريخ السينما السودانية
بقلم  : بدرالدين حسن علي
كتب الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود مقالا مهما حول السينما السودانية تحدث فيه عن نشاط السينما في مدينة الأبيض ، وأهمية المقال تعود أساسا لذاكرته القوية وتتبعه لموضوع سينما الأبيض وربطه للأحداث بدرجة قيمة ومفيدة
اتخذ سالزبري كما هو عهده موقفاً صلباً تجاه الخديوي والسلطان ورفض الاحتجاجات الفرنسية لذلك بدأت حملة (سير هربرت كتشنر والذي خلف قرانفيل كسردار) توغلها جنوباً في يونيو 1896م لاسيما بعد فتكها لجيش المهدية في فركة، وبحلول سبتمبر تم احتلال دنقلا والدبة وكورتي ومروي وأصبح أسرى المهدية في معية جيش كتشنر وفي شهر مايو 1897م وصل خط سكة حديد كتشنر إلى كرمة ومن ثم قرر الجنرال كتشنر مد الخط من حلفا إلى أبو حمد عبر الصحراء على أن تواصل الحملة طريقها بالبواخر عن طريق النيل، لذلك ساهم خط السكة حديد في النصر الذي حققه كتشنر على قوات المهدية بالرغم من بسالتها في الدفاع عن البلاد والتي سقطت للأسف في فجر 2سبتمبر 1898م بعد معركة ضروس في جبال كرري أبلى فيها الانصار بلاءً حسناً، وبعد يومين عبر كتشنر النيل للخرطوم ورفع العلمين البريطاني والمصري على سارية القصر الجمهوري وذلك حسبما ورد في كتاب ماكمايكل (السودان)، لذا كان من الطبيعي أن يسعى الاستعمار لمد خطوط السكة حديد لكافة أرجاء السودان حيث وصلت السكة حديد لمدينة الأبيض في يوم 28/فبراير/1912م في عهد مدير مديرية كردفان (مستر كندي كوك) والذي أقام احتفالاً كبيراً شرفه جمع من الضيوف والقيادات والاعيان وعهد لمستر جيلان مفتش مركز الأبيض اعداد البرنامج فتفتحت قريحته وقام بدعوة مجموعة كبيرة من كافة أنحاء البلاد، بل قام بعرض أول فيلم سينمائي في السودان بمحطة سكة حديد الأبيض متزامناً مع وصول القطار للمدينة في يوم 28/فبراير/1912م وكان ذلك الفيلم عن زيارة الملك جورج الخامس لميناء بورتسودان في يناير 1912م وحينها كان في طريق عودته من الهند ويؤكد ذلك ما أورده المخرج السينمائي ابراهيم شداد من خلال تصفحه لمذكرات السير سايمز والذي أوضح بجلاء ماهية الأمر خاصة السرعة التي أنجز بها الفيلم حيث لم تتعدى الفترة الشهر ما بين بورتسودان والأبيض ولندن. الجدير بالذكر أن الشيوخ والاعيان الذين تم تصويرهم في الفيلم مع الملك جورج كانوا حضوراً عند تدشين العرض بمدينة الأبيض والتي أصبحت مع وصول السكة حديد مدينة تجارية مهمة مربوطة بجل أنحاء البلاد شرقاً ووسطاً وشمالاً كما أن الاستعمار الثنائي كان مهتماً بالسكة حديد ويؤكد ذلك قوة شرطتها التي كانت أكبر من قوة الشرطة العامة لاسيما في عهد مدير السكة حديد المستر هيلارد في العشرينات من القرن الماض والذي كان ينوب عنه المهندس محمد فضل والد الطبيب الراحل فيصل محمد فضل الذي عمل بمستشفى الأبيض كما أن مأمور السكة حديد كان أكبر سلطة ودرجة من مفتش أي مركز بالبلاد مما يؤكد اهتمام السلطة بالسكة حديد حتى صارت تشكل وجدان الأدباء والشعراء وفقاً لهيبتها ودقتها وهي تمثل الناقل الوطني المهم لذلك تبارى الأدباء في الاحتفاء بها وجعلها محوراً لقصائدهم وملاحمهم الأدبية كما فعل الشاعر الراحل محمد عوض الكريم القرشي من خلال رائعته (القطار المر) التي يقول في بعض مقاطعها:
القطار المر فيهو مر حبيبي ليه علىّ ما مر ونلت مقصودي
في الرصيف مستني وفي الثواني بحاسب إمتى يظهر نوره الليهو ديمة مراقب
ألقى فيهو هناي ويلقى فيّ هناه وننسجم في هنانا الكون بي محبوبي
الأشرجي تراه الإشارة أداه نزلوا السنفور لي مروره براه
القطار يتهادى حل في وادينا السلامة سلامة يلا أنزل بينا
ما مهلنا دقيقة وطار بي محبوبي
و وفاءً من جماعة الفيلم السوداني بمناسبة مرور مائة عام على هذه الذكرى العظيمة يشرف مدينة الأبيض غداً الأساتذة المخرجين السينمائين الطيب مهدي الطاهر ومنار الحلو لتقديم عروض سينمائية وندوة بدار رابطة شباب من أجل شيكان جوار محطة السكة حديد في احتفال بهيج اعده أولئك الشباب الطموح برعاية كريمة من الأديب والمثقف العضوي الاستاذ محمد عثمان الحلاج وشخصي علماً بأن الاستاذ الحلاج هو مؤسس نادي السينما بمدينة الأبيض عام 1977م ومعه مجموعة من الاساتذة منهم يوسف عوض الباري وحافظ محمد محمود ومحمد خليل جيب الله والراحل عمر الجيلي شيخ محمد (روما) ورحمة محمد رحمة والراحل الباشمهندس محمد ابراهيم الخليل والحاج الوقيع وموسى شيخ الربع وألبرتو مودونيسي وكوزموس اسبادافيتشي وهما من الطليان كانا أساتذة ضمن مدارس كمبوني الأبيض، هذا إلى جانب دور المجلس الثقافي البريطاني وأثره الكبير على المهتمين بالسينما في الأبيض من خلال اهتمام القائمين على أمره الأساتذة (حامد موسى مراهد وسيف الدين وعصمت عبد الوهاب واسماعيل) ولقد لعبت السيدة سيغريد كاهلي السويدية زوجة السفير الالماني دوراً كبيراً في ربط نادي السينما الأبيض بمعهد جوتة الألماني الذي كان يديره دكتور وولف والاستاذة ( مأمون الباقر وحسين توتو) كما ربطتهم بالملحق الثقافي الفرنسي (مسيو باترس ماري) والذي قدم محاضرة عن العلاقات السودانية الفرنسية بمدينة الأبيض، كما زارت السيدة سيغريد مدينة الأبيض وقدمت العديد من الهدايا للمدارس الثانوية للبنات كالخرائط الجغرافية، ويجيء اهتمام نادي السينما بالمركز الثقافي الفرنسي بالأبيض لعلمهم بأن بداية السينما كانت فرنسية من خلال السينما الصامتة التي كانت بوساطة الأخوة لوميير ويذكر رواد النادي الدور الكبير للاساتذة (حيدر احمد على والهادي عبد الرسول) لاشرافهما على العروض السينمائية للمركز الفرنسي، كما كان لوجود سينما كردفان التي أسسها خليل عكاشة وكرياكو هرمز عام 1940م أثرها العظيم على محبي السينما وكذلك سينما عروس الرمال والتي تمتلكها شركة السينما السودانية ومجموعة من المساهمين هم السادة (محمد أحمد سنهوري وشقيقه ابراهيم سنهوري والسنوسي حسين النعيم ومحمد الريح الأمين سنهوري وكرياكو هرمز وعلى بلدو) والتي تم افتتاحها في 16/مارس/1955م بوساطة مدير مديرية كردفان آنذاك مكاوي سليمان أكرت وهو أول من سودن تلك الوظيفة وقد شاهد الرواد العديد من الافلام الراقية عبر شاشة هاتين المؤسستين كما كان مقر مؤسسة الدولة للسينما شرق جامعة الخرطوم ويشرف على ادارتها الاديب الراحل البروفسور على المك، ومن تلك الافلام الرائعة التي ارتبطت بذاكرة رواد السينما فيلم ( امرأتان) والذي لعبت دور البطولة فيه صوفيا لورين وفيلم (زهرة الشمس) وفيلم (الحرب والسلام) للروائي العالمي الروسي (تولستوي) وفيلم (الهروب الكبير) والذي لعب فيه دور البطولة استيف ماكوين والفيلم الهندي الذائع الصيت (من أجل أبنائي) وكذلك فيلم (زوربا اليوناني) للروائي كازانيسكي واخراج كوستا غرافس وبطولة أنتوني كوين والممثلة اليونانية المبدعة ايرين باباس ، وفيلم (أكثر من معجزة) للمثل العالمي عمر الشريف وفيلم ( زد) موسيقى ثيو ذراكس وبطولة إيف مونتان وميلينا ميركوري والتي أصبحت وزيرة الحضارة في اليونان بعد زوال الحكم العسكري بها وقد أحدث الفيلم ضجة عالمية بسبب منافحته للانظمة الديكتاتورية. كما قام نادي السينما بالأبيض بقيادة الاستاذ محمد عثمان الحلاج بعرض مجموعة من الافلام الراقية بالمركز الثقافي البريطاني ومكتبة البلدية ودار جريدة كردفان وقاعة مدارس كمبوني مثل فيلم (بنوكيو) وفيلم (سارق الدراجة) وتحكي تلك الافلام عن الواقعية الجديدة في ايطاليا إذ تجوب الكاميرا الحواري والازقة والميادين وكذلك قام الملحق الاعلامي بسفارة اليابان الاستاذ طه عبيد بمد نادي السينما بالعديد من الافلام كفيلم (الساموراي السبعة) للمخرج الياباني العبقري (اكيرا كيرا ساوا) واسمه يعني باللغة العربية (الأرض المخضرة التي في منتصف الحقل)، كما شاهد رواد نادي السينما بالأبيض فيلم (المدرعة بونتمكين) للمخرج العالمي الروسي (سيرجي آيزنشتاين)، وساهم الاساتذة البرتو وكوزموس بترجمة العديد من الافلام لإجادتهما التحدث بثمانية لغات عالمية وكذلك عرض نادي السينما مجموعة من الافلام السودانية منها (انتزاع الكهرمان) بطولة الممثلة الالمانية الجميلة (ترانزهيل) والاخراج السينمائي للفنان التشكيلي حسين شريف وأنشاد الفنان المبدع الراحل عبد العزيز محمد داؤد والذي ترنم برائعة ابن الفارض:
شربنا على ذكر الحبيب مدامة سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم
هي الشمس والبدر كأساً لها يديرها هلال وكم يبدو إذا مزجت نجم
فلولا سناها ما اهتديت لحانها ولولا شذاها لما تخيلها الوهم
كما شاهد الرواد فيلم (ظار) للمخرج السينمائي الشاعر الكبير الراحل على عبد القيوم والذي تغني برائعته الاستاذ المبدع الراحل محمد وردي:
أي المشانق لم نزلزل بالثبات وقارها
أي الاناشيد السماويات لم نشدد بأعراس الجديد بشاشة أورتارها
وشاهد الرواد أيضاً فيلم (جمل) الذي ينبئ عن جمل العصارة وصبره للمخرج السينمائي الرائع ابن بارا ام لبخ ابراهيم حامد شداد كذلك قدم نادي السينما الكثير من العروض السينمائية الرياضية بالأندية المختلفة وبمدينة بارا كما عرضت بالمدارس مجموعة من افلام التحريك للاطفال مثل فيلم (أميرة الثلوج) لكاتب قصص الاطفال العالمي هانز اندرسون وشهد النادي العديد من المحاضرات والندوات الثقافية لاسيما وقد جمع العديد من المثقفين منهم على سبيل المثال مولانا القاضي الفاضل حسن خليفة والدكتور الراحل حافظ الزين شداد والاستاذ فضل عمر فضل وشقيقه الاستاذ ميرغني وكان هنالك تبادل للكتب السينمائية بين الاستاذ حافظ حاج محمود والاستاذ الحلاج من ضمنها فيلم الزمن الصعب ( وسينما الحب) و(السينما عندما تقول لا) للناقد المصري الكبير (رؤوف توفيق) كما يذكر الرواد المحاضرة القيمة التي قدمها الاستاذ الحلاج بفرقة فنون كردفان والتي حضرها جمع غفير وكانت بعنوان (حول عرس الزين والساموراي) وقدمت منظمة ايد النيل للتنمية الريفية فيلم (عود بت اللحو تصوط بيهو الكسرة وتوقد بيهو الضو) من سيناريو واخراج الاستاذ الحلاج موسيقى الاستاذ الموسيقار حافظ عبد الرحمن مختار وقد تناول الدور المتعاظم للمعلمات بالريف وكذلك اخرج الاستاذ الحلاج فيلم تجريبي بإسم (دقن الباشا) مع منظمة الساحل البريطانية. ووفقاً لهذا الاحساس العالي وبسبب جور الزمان على السينما والسكة حديد استشعر المبدعون أهمية هذه المناسبة التأريخية خاصة وان الشعراء ظلوا يلهجون بالثناء لكل الوسائط ابتداءً من الحمام الزاجل والجمال والخيول والبغال وحتى للواري والبواخر والقطارات وما كتبه الشاعر ناصر قاسم عثمان عن السكة حديد يؤكد تلك المناصرة حينما قال:
بدور يا ناس أحكي الايام وارجع بيكو لماضي بعيد
في سيرة جميلة وزمناً كان بحن يا ناس وبقولوا بعيد
آه يا شوق من ديك أيام أريتو زمانا يجيبا يعيد
نغني معاه نقول ونعيد والله زمان يا قطار الشوق
والله زمان يا السكة حديد
على قول حدباي فيها البلور وبنات سمحات زي الغزلان
سودان العز الفيهو جياد ملان بالعافية والبركات
ليه ما يعود من تاني قطار الشوق وتلف وتدور تاني العجلات
وفي الختام التحية للاساتذة الطيب مهدي ومنار الحلو والدكتور الرائع الناقد السينمائي محمد مصطفى الامين والناقدة السينمائية سعدية عبد الرحيم الخليفة والمخرج السينمائي عبد الرحمن نجدي والمخرج السينمائي سليمان محمد ابراهيم والاستاذ المخرج السينمائي ابراهيم شداد والمصور السينمائي الهادي أحمد ابراهيم وأبو السينما السودانية الاستاذ الخير هاشم والمخرج الكبير الاستاذ جاد الله جبارة والاستاذ المخرج انور هاشم والاستاذ الناقد السينمائي خليل عكاشة والمخرج الكبير الاستاذ الرشيد مهدي بعطبرة ولكل جماعة الفيلم السينمائي والتقدير لرابطة شباب من اجل شيكان وللوجيه عادل بكش والانحناءة للاستاذ الرائع الحلاج ولمعتمد محلية شيكان الاستاذ فتح الرحمن عوض الكريم ولكل المحتفين والمشرفين للبرنامج لاسيما أسرة السكة حديد بالأبيض والعزاء موصول لأهل بلادنا في رحيل عملاق الفن الرائع الاستاذ محمد وردي والذي كثيراً ما ركب قطار الابيض حاملاً لواء الفن الجميل ونذكر بأنه كان يحضر في أيام الخريف بالقطار إلى كردفان وقد لحن في مدينة أم روابة رائعته (نور العين) له الرحمة والمغفرة والدعوات الصادقات والتي نتوسل بها لرب العزة والجلالة ونقول في ذلك كما قال شاعر دار الريح الاستاذ الوسيلة عبد الرحمن في بكائيته:
أمشي قول ليه يا المرسال للزول المشى وماجاي
ودعناك بالدعوات وظللنا نناجي يا مولاي
وبعدك بحت الاصوات وخنق بالعبرة حلق الناي
لا الجراري ولا الطمبور ولا لمة الحردلو
قول ليهو أمست تسعد الدوباي

هالة محكر تكتب تأملات حول السينما السودانية
       

ﻋُﺮﺿﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ، ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ
ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻷﺧﻮﻳﻦ ﺃﻭﻏﺴﺖ ﻭﻟﻮﻳﺲ
ﻟﻮﻣﻴﻴﺮ، ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﺩﻭﺭ ﻫﺎﻡ ﺟﺪﺍً ﻭﻣﺆﺛﺮ ﻓﻲ
ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺗﺠﺬﺏ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ .
ﻭﻗﺪ ﺗﻄﻮﺭﺕ ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﺎ ﺗﻄﻮﺭﺍً ﻣﻠﺤﻮﻇﺎً ﻣﻤﺎ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ
ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﻭﺑﺪﻭﺭﻫﺎ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻨﻔﺬﺍ ﺭﺋﻴﺴﻴﺎً
ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﻛﻮﺳﻴﻂ ﻧﺎﻗﻞ
ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﺅﻯ ﻭﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺎﺕ، ﺇﺿﺎﻓﺔ
ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﻜﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ
ﻭﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻣﺤﺎﻛﺎﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄﺗﻪ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ.
ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ،
ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﻴﻦ،
ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺩﺧﻠﻬﺎ ﺇﺑﺎﻥ
ﺣﻜﻤﻪ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻣﻨﻪ ﻟﺘﺪﻋﻴﻢ ﺣﻜﻤﻪ
ﻭﺍﻟﺘﺮﻭﻳﺞ ﻹﻧﺠﺎﺯﺍﺗﻪ . ﻭﻗﺪ ﺫُﻛﺮ ﺃﻥ ﺃﻭﻝ ﻋﺮﺽٍ
ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1911 ﻓﻲ
ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻷُﺑﻴﺾ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻊ
ﻏﺮﺏ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺍﺣﺘﻔﺎﻻً ﺑﺎﻓﺘﺘﺎﺡ ﺧﻂ ﺍﻟﺴﻜﺔ
ﺣﺪﻳﺪ . ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻓﻴﻠﻢ ﺗﺴﺠﻴﻠﻲ
ﻗﺼﻴﺮ .
ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1949 ﺑﺈﻧﺸﺎﺀ ﻭﺣﺪﺓ ﺃﻓﻼﻡ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻗﺘُﺼﺮ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﺪﻋﺎﺋﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺠﺪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ، ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﺸﺮ
ﺇﺻﺪﺍﺭﺓ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﻧﺼﻒ ﺷﻬﺮﻳﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ
ﺍﻟﻤﻨﻀﻤﻴﻦ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻤﺨﺮﺝ ﻛﻤﺎﻝ ﻣﺤﻤﺪ
ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ، ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺮﺝ ﻓﻴﻠﻤﻲ ‏«ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺍﻟﻤﺸﺮﺩﺓ ‏»
ﻭ ‏« ﺍﻟﻤﻨﻜﻮﺏ‏» ، ﻭﺍﻟﻤﺨﺮﺝ ﺟﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﺒﺎﺭﺓ، ﻭﻫﻮ ﺃﻭﻝ
ﻣﺼﻮﺭ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﺳﻮﺩﺍﻧﻲ ﻗﺎﻡ ﺑﺈﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ
ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻴﺔ. ﻭﻗﺪ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﺘﺒﻊ ﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1970.
ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻗﺎﻡ ﺟﻴﻞ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺩﺭﺳﻮﺍ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﻟﺨﺎﺭﺝ ﺑﺨﻠﻖ
ﺣﺮﺍﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ، ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ
ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺷﺪﺍﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺭﺱ ﻓﻲ ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ
1964 ﻭﺣﺴﻴﻦ ﺷﺮﻳﻒ، ﻭﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﺼﺎﻭﻱ ﻭﺍﻟﻠﺬﺍﻥ
ﺗﺨﺮﺟﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﻬﺪ ﻟﻨﺪﻥ ﻟﻸﻓﻼﻡ، ﻭﺍﻟﻄﻴﺐ ﻣﻬﺪﻱ
ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ،
ﻭﻣﻨﺎﺭ ﺍﻟﺤﻠﻮ ﻭﻗﺪ ﺩﺭﺱ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﺭﻭﻣﺎﻧﻴﺎ،
ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺩﺭﺱ
ﺑﻤﻌﻬﺪ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﻤﻮﺳﻜﻮ. ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ
ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻔﻴﻠﻢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1967 ﻭﺣﺎﻭﻟﻮﺍ
ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺳﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﺠﻴﻠﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ، ﺇﻻ ﺃﻥ
ﻣﺤﺎﻭﻟﺘﻬﻢ ﺍﺻﻄﺪﻣﺖ ﺑﺎﻟﺒﻴﺮﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ، ﻭﻋﺰﻭﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ
ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻮﻳﺎﺗﻬﺎ.
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻝ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺟﺎﺩﺓ ﻹﻧﺘﺎﺝ ﻓﻴﻠﻢ ﺭﻭﺍﺋﻲ
ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1970 ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﻄﺒﺮﺓ ﺷﻤﺎﻝ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ، ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﺨﺮﺝ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺣﺴﻴﻦ
ﻣﻼﺳﻲ ﻭﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﺳﺘﻮﺩﻳﻮ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻣﻬﺪﻱ ﺑﻌﻤﻞ ﻓﻴﻠﻢ
‏« ﺁﻣﺎﻝ ﻭﺃﺣﻼﻡ ‏». ‏« ﻟﻜﻦ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺑﺪﺃﺕ ﻣﺒﻜﺮﺓ ﺟﺪﺍً، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺇﻧﺘﺎﺝ
ﺳﻮﻯ ﺧﻤﺴﺔ ﺃﻓﻼﻡ ﺭﻭﺍﺋﻴﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻓﻴﻠﻢ
‏« ﺁﻣﺎﻝ ﻭﺃﺣﻼﻡ ‏» ، ﻓﻴﻠﻤﻲ ‏«ﺗﺎﺟﻮﺝ ‏» ﻭ ‏« ﺑﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ
‏«ﻟﺠﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﺒﺎﺭﺓ، ﻭ ‏«ﺭﺣﻠﺔ ﻋﻴﻮﻥ ‏» ﻷﻧﻮﺭ ﻫﺎﺷﻢ
ﻭ ‏«ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻷﻣﻞ ‏» ﻟﻌﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻤﻦ
ﻭﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ
ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻴﺔ
ﻭﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﻮﺭﺓ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ . ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻦ
ﺇﺿﺎﻓﺔ ﻓﻴﻠﻢ ‏« ﻋﺮﺱ ﺍﻟﺰﻳﻦ ‏» 1976 ﻟﻠﻤﺨﺮﺝ ﺧﺎﻟﺪ
ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﻟﻮ ﻻ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺇﻧﺘﺎﺝ
ﻭﺇﺧﺮﺍﺝ ﻛﻮﻳﺘﻲ.
ﺭﻏﻢ ﻭﺟﻮﺩ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ، ﺇﻻ ﺃﻥ
ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻘﺪﺭﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻠﻴﺔ ﺣﺎﺯﺕ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺋﺰ ﻣﻘﺪﺭﺓ ﻓﻲ
ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ؛ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻻ ﺍﻟﺤﺼﺮ، ﻓﻴﻠﻢ ‏« ﺍﻟﻀﺮﻳﺢ‏» ﻟﻠﻄﻴﺐ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ
ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺎﺯ ﺑﺬﻫﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻟﻸﻓﻼﻡ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﻋﺎﻡ
1977 ، ﻭﻧﺎﻝ ﻓﻴﻠﻢ ‏«ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﺪﻭﺭ ‏» ﻟﺴﻠﻴﻤﺎﻥ
ﻣﺤﻤﺪ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺫﻫﺒﻴﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻋﺎﻡ 1979 ،
ﻭﺣﺼﻞ ﻓﻴﻠﻢ ‏« ﺍﻟﺠﻤﻞ ‏» ﻟﻠﻤﺨﺮﺝ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺷﺪﺍﺩ ﻋﻠﻰ
ﺟﺎﺋﺰﺓ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻡ 1986 ﻛﻤﺎ ﻧﺎﻝ
ﻓﻴﻠﻢ ‏« ﺗﺎﺟﻮﺝ‏» ﻟﺠﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﺒﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺓ ﺟﻮﺍﺋﺰ
ﻓﻲ ﺗﺴﻌﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ
.1980
ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﺸﺮﺓ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﺍﻵﻥ ﻗﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ
ﺛﻤﺔ ﺭﻛﻮﺩﺍ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﺗﻮﻗﻔﻪ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﻜﺎﺩ
ﺗﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﻌﻘﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﺍﻧﺘﻬﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1991
ﺑﺤﻞ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻊ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ، ﺑﻌﺪﻫﺎ
ﺣﺪﺙ ﻓﺮﺍﻍ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ، ﻭﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺇﻻ ﺃﺳﻤﺎﺀ
ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺩﺭﺳﺖ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻟﻤﺨﺮﺟﻴﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻤﻦ
ﻧﺠﺪﻱ، ﻭﻭﺟﺪﻱ ﻛﺎﻣﻞ . ﻭﺗﺮﺍﺟﻌﺖ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪﺓ.
ﺑﺮﺯﺕ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻵﻭﻧﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻬﻤﻮﻣﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﺄﻣﺮ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ، ﺁﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﺪﺃﻩ ﺟﻴﻞ
ﺍﻟﺮﻭﺍﺩ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﺿﻊ ﺧﺎﺭﻃﺔ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ
ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ، ﻭﺍﺳﺘﻜﻤﺎﻻً ﻟﺠﻬﻮﺩﻫﻢ ﻭﺗﻜﺮﻳﻤﺎً ﻟﻬﻢ. ﻓﻔﻲ
ﺍﻟﻌﺎﻡ 2010 ﻭﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻬﺪ ﺟﻮﺗﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ
ﺑﺎﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻟﺪﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺒﻴﺔ ﺣﻮﻝ
ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﻓﻼﻡ، ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺔ ﺗﺪﺭﻳﺐ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ
ﺃﺳﺲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﻓﻼﻡ . ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺭﺷﺔ ﻫﻲ
ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺤﺘﺮﻑ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻟﻸﻓﻼﻡ
Sudan Film Factory ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺨﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻪ
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ . ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﺎﻓﺰﺍً
ﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﻼﻧﺨﺮﺍﻁ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻭﺻﻨﺎﻋﺔ
ﺍﻷﻓﻼﻡ ﻭﺇﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﺭﻭﺍﺋﻴﺔ/ ﻭﺛﺎﺋﻘﻴﺔ – ﻗﺼﻴﺮﺓ/ﻃﻮﻳﻠﺔ .
،ﻓﺘﻜﻮﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﺪﻳﺪﺓ
ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ، ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻤﺤﺎﺿﺮﺍﺕ
ﻭﺍﻟﻨﺪﻭﺍﺕ، ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﺭﺵ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ؛ ﻣﻨﻬﺎ
‏« ﺳﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ‏» ﻭ‏« ﻏﺮﻓﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ‏» ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ .
ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﻗﺎﻣﺖ
ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﻓﻼﻡ، ﺃﺳﺴﻬﺎ
ﻣﺼﻌﺐ ﺣﺴﻮﻧﺔ، ﺃﻓﺮﺯﺕ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﺗﻬﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻌﺎﻡ 2016ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻫﺐ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ .
ﻭﺑﻤﺠﻬﻮﺩ ﻣﻘﺪﺭﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻃﻼﻝ ﻋﻔﻴﻔﻲ، ﻣﺆﺳﺲ
ﺳﻮﺩﺍﻥ ﻓﻴﻠﻢ ﻓﺎﻛﺘﻮﺭﻱ، ﺃﻗﻴﻢ ﺃﻭﻝ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2014 ﺑﺄﻳﺪﻱ
ﻭﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﻣﺠﻬﻮﺩﺍﺗﻬﻢ، ﻭﻗﺪ ﺍﺣﺘﻔﻞ
ﺍﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻥ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﺗﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2016
ﺑﺈﻧﻄﻼﻕ ﻭﺗﻮﺯﻳﻊ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﺣﺴﻴﻦ ﺷﺮﻳﻒ – ﺍﻟﻔﻴﻞ
ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻷﻓﻀﻞ ﻓﻴﻠﻢ ﺳﻮﺩﺍﻧﻲ، ﺣﻴﺚ ﻓﺎﺯ ﻓﻴﻠﻢ
‏« ﻏﺮﺑﺔ‏» ﻟﺴﻠﻮﻯ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻭﻓﻬﺪ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪﻟﻲ. ﻭﺟﻨﺒﺎً ﺇﻟﻰ
ﺟﻨﺐ ﻣﻊ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﺗﻘﻮﻡ
ﺟﺎﺋﺰﺓ ﺗﻬﺎﺭﻗﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ﻭﺍﻟﻔﻨﻮﻥ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻤﻨﺢ
ﻷﻓﻀﻞ ﻓﻴﻠﻢ ﺭﻭﺍﺋﻲ ﻃﻮﻳﻞ، ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻓﻴﻠﻢ ﺭﻭﺍﺋﻲ
ﻗﺼﻴﺮ، ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻣﺨﺮﺝ، ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻣﻤﺜﻞ ﻭﻣﻤﺜﻠﺔ،
ﻭﺃﻓﻀﻞ ﺳﻴﻨﺎﺭﻳﻮ، ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﺼﻮﻳﺮﻳﺔ،
ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻣﺆﺛﺮﺍﺕ ﺑﺼﺮﻳﺔ، ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻣﻮﻧﺘﺎﺝ.
ﺃﻇﻬﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ
ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻤﻊ ﻧﺠﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﺳﺎﻁ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺌﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﻣﻦ
ﺇﺧﺮﺍﺝ ﻭﺗﺼﻮﻳﺮ ﻭﻣﻮﻧﺘﺎﺝ ﻭﺇﺿﺎﺀﺓ ﻭﺻﻮﺕ ﻭﻛﺘﺎﺑﺔ
ﺳﻴﻨﺎﺭﻳﻮ. ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻟﻤﺨﺮﺟﻴﻦ ﺷﺒﺎﺏ
ﺣﺎﺯﺕ ﺃﻓﻼﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺋﺰ ﺩﺍﺧﻞ ﻭﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ؛
ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻔﻲ، ﻭﺃﻣﺠﺪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﻼ، ﻭﻃﺎﺭﻕ
ﺍﻟﻤﻜﻲ، ﻭﺣﺠﻮﺝ ﻛﻮﻛﺎ، ﻭﻣﺰﻣﻞ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ.
ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻛﺎﻥ ﻟﺤﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻧﺼﻴﺐ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ. ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻮﺭﻳﺔ ﺣﺴﻦ ﺣﺎﻛﻢ ﻫﻲ
ﺃﻭﻝ ﻣﺨﺮﺟﺔ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺗﺨﺮﺟﺖ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻠﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ 1976 ،
ﻭﺍﻟﻤﺨﺮﺟﺔ ﺳﺎﺭﺓ ﺟﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺧﺮﺟﺖ ﻣﺎ ﻳﻔﻮﻕ
ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻓﻴﻠﻤﺎ ﻭﺛﺎﺋﻘﻴﺎ. ﻭﻣﻦ ﺟﻴﻞ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺑﺮﺯﺕ
ﻋﺪﺓ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺗﻌﺪﺕ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ ﺍﺳﻤﺎ ﻣﻨﻬﻦ – ﻋﻠﻰ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻻ ﺍﻟﺤﺼﺮ – ﺗﻐﺮﻳﺪ ﺳﻨﻬﻮﺭﻱ، ﻭﻋﻠﻴﺎﺀ
ﺳﺮ ﺍﻟﺨﺘﻢ، ﻭﺭﻳﻢ ﺟﻌﻔﺮ، ﻭﺭﺯﺍﻥ ﻗﻤﺮ ﻭﺭﺯﺍﻥ ﻫﺎﺷﻢ،
ﻭﻭﺋﺎﻡ ﺷﻮﻗﻲ، ﻭﻣﻬﻴﺮﺓ ﺳﻠﻴﻢ، ﻭﻣﺮﻭﺓ ﺯﻳﻦ، ﻭﻋﻔﺮﺍﺀ
ﺳﻌﺪ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻦ.
ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺘﺠﺖ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺎﻗﺖ ﺍﻟﺴﺘﻴﻦ
ﻓﻴﻠﻤﺎً ﺭﻭﺍﺋﻴﺎً ﻭﻭﺛﺎﺋﻘﻴﺎً ﻃﻮﻳﻞ/ ﻗﺼﻴﺮ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻭﺭﺩﻳﺎً
ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ، ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻮﻗﺎﺕ
ﻭﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﻴﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ
ﻣﻦ ﺟﻴﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﺩ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ، ﻭﺗﺤﺪ
ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ
ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ؛ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ، ﻭﻋﺪﻡ
ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻭﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻟﻠﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ
ﻟﻠﻤﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ،
ﻭﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ . ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ
ﻛﻠﻴﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻋﺎﺋﻘﺎً
ﻛﺒﻴﺮﺍً، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻏﻴﺎﺏ ﺩﻭﺭ ﻋﺮﺽ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ
ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻳﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻪ
ﺃﻣﺮﺍً ﻣﺤﺒﻄﺎً ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ.
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺗﻜﺎﻟﺐ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻮﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻏﻴﺮ
ﺍﻟﻤﻮﺍﺗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻖ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﻴﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻧﻈﺮﺗﻬﻢ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﻨﻄﻮﻱ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻭﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺍﻷﻛﻴﺪﺓ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻀﻲ ﻗﺪﻣﺎً ﻭﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻮﻡ
ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻣﺤﺘﺮﻓﺔ ﻭﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ
ﺗﺮﺿﻲ ﻃﻤﻮﺣﻬﻢ، ﻭﺗﻌﻜﺲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺘﻨﻮﻋﻬﺎ ﻭﻗﺼﺼﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ
ﻟﻢ ﺗﺴﺮﺩ ﺑﻌﺪُ.